إنعاش!

97 6 0
                                    

غادرت المقهى بصحبة الأربعيني،لم أكن مستعدة لأي نوع من النقاشات معك،لم أكن مستعدة لتصديقك، لم أكن مستعدة للسماح لك ببعثرتي أكثر مما فعلت..
أخذت أتأمل الأربعيني ذاك و هو يصر دخول حياتي
لم أفهم لما أنا؟ فلم يسبق أن جمعتني به أي محادثة جادة غير تلك المحاضرات التي أشرفت عليها، لم يسبق أن فتحت له عالمي،لم يسبق أن حدثته عن تراكم الأحلام بصدري..
ذهب بي تفكيري بعيدا،ما الذي يريده،أليس من الواضح أني لا أريد أي شيئ في هاته الفترة غير الحفاظ على رزانتي..
-أمل!
- نعم! * أجبته بتردد خشيت أن يسألني عنك،أن ينتابه الفضول حولك.. لم أرد أن تكون أنت و للمرة الألف محور حديثي*
-أتمانعين قضاء يومك معي!
- بصفتك من بالتحديد؟
- لا تهم الصفات صدقيني،لا نستطيع أن نضع شخصا في حيز ما و نضمن بقاءه فيه😉
- أتقامر بمشاعرك!
-لا أسميه قمارا بالقدر الذي أسميه إصرارا..
- ماذا لو تسبب إصرارك بوجعك؟
- خير من أن يتسبب جبني بخسارتي..
- أمل لا تريد أن تكون خيبتك!
- و آدم لا يريد خسارتك..
"كان إسمه آدم،إذا.. راقني إسمه."
-إختاري المكان!
- أفضل أن تختار أنت..
ذهبنا بعدها إلى أحد الأماكن التي سبق و نظمنا فيه لأحد دوراتنا..كان ذاك أول مكان كنت قد زرته كمدربة
جلسنا في الحديقة..
-أقرارك نهائي أمل؟
-ماذا تقصد ؟ "أجبته بنبرة متفاجئة،ظننته يسأل عنك.. لولهة إستشعرت بأن سؤاله كان محرجا.."
- أمل،أكره اللف و الدوران.. الأمر واضح لا مجال للنقاش لا أريد إستقالتك..
"إرتحت لحظتها.."
-لكني منهكة..
- الإنهاك لا يختفي،نحن سنظطر لمواجهة إنهاكنا مادامت هاته الروح تسكن أجسادنا..
- آدم..
- نعم أمل؟
- عدني أن لا تعلق علي آمالا؟
- أعدك أن أصنع منكي آمالا..
- لما؟
- لأن طلب توظيفك كان بريئا! برائتك! عفويتك،جنونك.. حتى حذائك الرياضي أمل.. مختلفة! مزاجية،متقلبة.. مظطربة.. حتى سذاجتك تروقني..
- لكنك تعلم جيدا،بأن الأمر ليس متبادلا!
- أعلم!
بقيت أنظر إليه مستغربة،كيف لشخص أن يسوق نفسه للمكان الخطأ..و يكون واثقا لتلك الدرجة!
- سنك لا يسمح لك بأن تغامر!
- توقفي عن ربط الحياة بالأرقام..
- كن واقعيا!
- كنت واقعيا لأربعين سنة،أريد أن أكون مجنونا و أن تتنحى الواقعية عن طريقي.. أمل دعي الأمور تحدث لوحدها.. تعلمين بأن مديرك محترم! و بأنه لن يسمح لعصافير بطنك أن تزقزق..
- المشكلة ليست فيك صدقني، الأمر يفوقني! أنت لا تعرف عني شيئا، كيف تريد أن تغامر مع قلب لا تعرف إن كان سيخفق لك يوما!
- سيخفق!
-آدم مستحيل! " أجبته و أنا أوجه نظري إليه بصرامة"
- مديرك،يجيد إختيار الصفقات،أنا لا أخسر أمل! " أجابني و هو يتحاشى عيوني.."
- دعنا نغادر آدم..
- لن نفعل.. تناولي غداءك
شعرت بأنه تضايق من كلامي،تغيرت نبرته فجأة، ضعفت هالته لم يكن متحمسا كعادته، لكنه لم يبدوا ضعيفا مطلقا،لا أدر من أين له بصلابة كتلك، كيف يستطيع الثبات إلى تلك الدرجة،رزينا حد الهذيان.. بقيت أتأمله و هو يجهز مائدتنا.. متأنقا في إختياره!
- ألن تساعديني " خاطبني و هو يبتسم"
- لما تبتسم؟
- أنظري لتفاصيلك!
- ما بها تفاصيلي؟
- أنت دائما هكذا ؟
- ماذا تقصد؟
- بريئة!
- لست كذلك!
أنهى جملته بإبتسامة،تناولت غذائي برفقته،ركبنا سيارته.. كان الجو باردا يومها.. إلا أن مابداخلي كان أكثر جمادا..
- المنزل أم المقهى؟
- الشركة " أجبته و أنا أبتسم.."
- الملابس غير لائقة!
- و متى لاقت ملابسي بحظرتك ؟
- أمل أبذلي مجهودا أكثر حين إستيقاضك ؟
-سؤفكر بالأمر! " أجبته و أنا أتظاهر بالجدية"
-أقتلك! " أجابني و هو يلتفت مهملا قيادته"
- عفوا! " حاولت أن أتظاهر بالتأثر"
- لا أريد أي تغيير، هذه أمل التي أدهشتني،بهاته التفاصيل.. بهاته السذاجة،لا تسمح لأي أحد بأن يخطف براءتك أمل.. إياكي أن تفعلي!
"أعدمت سابقا" دمدمت بداخلي..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرDonde viven las historias. Descúbrelo ahora