رحلت..

104 9 0
                                    

أيفترض أن نتجنب الكفاح إلى جانب شخص ما و نحن نندثر،أيفترض أن نستمر في بثر تلك الأجنحة التي باتت تطير إلينا فقط لأن أجنحتنا بثرت ؟
ربما ما إحتجته يومها هو أن لا أكره الوجود بسبب قلب تواجد معي و لم يتواجد بداخلي..ربما كان علي أن أضع فؤادي في جسد آخر لكي يزرع فؤاد آخر بداخلي.. حسنا لا أنكر بأن عبور بعض الجسور الهشة قد يسوقنا لأكثر الأماكن ثباتا.. و بأن أكثر الأماكن ثباتا قد يتسبب بإنهيارنا.. لم أرد أن أغيب عن نفسي مرة أخرى..و لا أن أسقط في عين نفسي مجددا، قد لا أنكر مطلقا بأن التنصل من الحقائق سيضل عاجزا أمام إخماد تلك الحرائق بداخلنا،لكن الواقعية أحيانا تصفعنا و نحن في ذروة أحلامنا فتغرقنا و تجبرنا على الإحتكاك بالقاع..و سننزف! نعم سننزف، و سيتوتر نبظنا و سنتمنا لو أن الله إستأصل أفئدتنا..
لو أن تلك الشقوق التي باتت تغطي أجسادنا تجبر من غير أن تتسبب بولوج الأسقام لكياننا..
ظللت شاردة حين قاطعني الأربعيني ذاك..
- أمل،أقرأت البرنامج ؟
- أرسلي بريدا هذا المساء و سأبذل مجهودا لقراءته!
هز برأسه،من دون أن يتلفظ بكلمة..ظل يقود سيارته بنفس الرزانة..إنقطع صوته فجأة.. لم يعد راغبا في الكلام أو أن طبعه كان هادئا.. أم أنه كان خائفا مني بالقدر الذي تعلق فيه بي..
وصلنا إلى البيت ركن سيارته،لم يتفوه بكلمة بقي يحدق في العدم،لا أدر إلى أين هوت به ذكرياته يومها لكنه فقد إتصاله بهذا البعد..
فتحت باب السيارة لم أشأ أن أكلمه فقد أدهشني تغير نفسيته و لم أشأ لحظتها السؤال عن السبب.. نزلت من السيارة وققت لولهة ثم واصلت طريقي، إذا بي أسمع صوت باب السيارة و هو يغلق بعنف، تجمدت مكاني متجنبة أن أستدير ، بقيت أنصت لخطواته و هي تسير بعنف بإتجاهي.. تجاوزني، وقف
أمامي..
- من أذاك إلى هاته الدرجة!
بقيت أحدق فيه،حقا لم أفهم ما كان يحدث بداخله، ما مناسبة سؤال كذاك..
- لا أحد، تسببت بالأذى لنفسي.. نحن نظلم بإرادتنا، بكامل وعينا،أتعلم معنى أن ينكر جميلك، أن لا تكون
سوى مرحلة مراهقة في حياة شخص ما.. أتدري معنى التمسك بحبل يلتف حول عنقك..
- أعلم!
- يستحيل أن تعلم،يستحيل أن تفهم.. رغم طيبتك إلا أن الأمر يحدث بداخلي أنا،في طياتي أنا!
أنت لا تعلم معنى الإستيقاظ في كومة من الخراب.. و أن يكون ذاك الخراب نفسه تلك الأحلام التي بنيتها يوما..لا تعلم معنى أن تستغل! نعم فقد تم إستغلالي.. بكامل إرادتي..
-لكني هنا!
- لا تكن! لا أريدك أن تكون..
- لكني حقا أريد أن أكون أمل!
- آدم! الأمر سيكون متعبا صدقني!
- أريد أن أتعب..أرجوك أمل!
- آدم لا تترجى أحدا ..
إنقطع صوتي لحظتها،حاولت كبت دموعي.. إلا أن الأمر تجاوزني..لولهة تذكرت عدد المرات التي ترجيتك فيها،عدد المرات التي إتصلت بك فيها، عدد المرات التي كنت تنهيني فيها فأتصل متوسلة أن لا تتركني.. أكره نفسي لأني تحولت لأمة فقط كي أرضي غرورك، و سأكره نفسي لأني أذيتها و حملتها ما لا طاقة لها به.. إلا أن قلبك كان قاسيا..لم يرحم ضعفي و لا قلة حيلتي..
بكيت بحرقة..بكيت كما لم أبك منذ فراقنا، لم أرد له حزننا كذاك الذي زرع بداخلي.. لم أرد أن أبني له أحلاما قد تنقلب ضده فجأة فتغرقه.. أعلم بأن فترة حدادي قد طالت.. إلا أن التجاوز أحيانا يأخذ وقتا..
- أمل أبإمكاني أن أضمك ؟
" نعم أردتك أن تضمني لحظتها،أردت أن أشعر بالأمان لحظتها..أردت فقط الغرق فيك لحظتها..
أردت أن تخبرني بأن الأمور قد تتحسن، و بأني و لسبب أجهله كنت سأكون بخير،لكني لم أستطع لم أرد أن تكون ظحية خرابي و لا أن أملأ صدرك بآمال كاذبة كتلك التي ملأ بها صدري.. أردتك أن تكون بطلي يومها.. لكني لم أكن أنانية لم أجبر بك كسري.."
- مستحيل! " أجبته و أنا أمسح دموعي" مستحيل!
ركضت بعدها إلى البيت متحاشية نداءه.. متحاشية إصراره.. دخلت غرفتي إحتميت بغطائي.. و بكيت
وصلتني رسالة منه:
- أمل! أعتذر
- لا بأس!
- أبإمكاني أن أتصل؟
- بصفتك من؟
- بصفتي صديقك!
- أتعدني أن تكون صديقي فقط!
- أتعدينني أن لا تقعي في حبي إن صرت صديقك
- مستفز!
-صديقك يريدك سعيدة!
- و صديقتك تريدك سعيدا !
- صديقتي!
-نعم؟
- أيجوز أن أتصل؟
- لا تفعل
بعد بضع ثواني رن هاتفي:
- قلت لك لا تتصل!
- و قلت لك إحذري الوقوع بي!
- آدم " أجبته بنبرة صارمة"
- صديقة آدم " رد بنبرته المستهزئة"
- مصر على صداقتك ؟
- على شرط أن لا تغرمي بي!
- أنا جادة!
- أعتبر بأن شرطي قبل!
ضحكت لحظتها،أحب طريقته في التجاوز،طريقته في الكفاح..

إنتظرتك في زاوية الطريق.. لكنك نسيت أن تستديرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن