تَذكِيرٌ قَبلَ القِرَاءَة..
اللهُمَّ يَا مُقَلِّب القُلوب، ثَبِّت قَلبِى عَلى دِينِك.
* * * * * * * * * *
"أحتَاجُ رُؤيتَكِ، هُل يُمكِنُكِ مُقَابَلتِى فى مَقهى رُوزليند؟ أنتَظِرُكِ وأتمَنَّى حُضُورَكِ."
كَان هَذا مُحتَوى رِسَالَة نَايل لچوسلين، والتِى ظَلَّت تُحَدِّق بِهَا قَرَابَة النِّصفِ سَاعَة، قَبلَ شَهرَين كانَت مِثل تِلك الرِّسَالة تَجعَلهَا تَطيرُ إليهِ بأسرَعِ مَا لدَيهَا، أمَّا الآن فهىَ جَالِسَةٌ تُفَكِّر بـ حُجَّةٍ مُقنِعَةٍ لعَدَمِ ذَهابِهَا.
"كَيفَ تَغَيَّرَ الحَالُ بلَمحِ البَصَرِ هكذَا؟"
همَست بسُخرِيَةٍ لنَفسِهَا ثُمَّ تَنهَدَّت مُستَقيمَةً وقَرَّرَت الذَّهَاب إليه، فلن يَضرَّ عَلى أيَّةِ حَالٍ، صَحيح؟
صَفَّت سيَّارَتهَا أمَامَ المَقهَى ودلفَت للدَّاخِل لتعُانِقَهَا رَائِحَةُ القَهوَة سَريعًا، لمَحَت نايل عَلى طَاوِلة فى رُكنٍ بَعيدٍ، كانَ وجهُه ذَابِلًا قَليلًا ومُستَنِدٌ برَأسهِ عَلى الزُّجَاجِ بجَانِبهِ ويَبدُو أنَّهُ شَارِدٌ للغَايَة.
جَلسَت أمَامَهُ بدُونَ أن تَنطِقَ شَيئًا لتَتَهَلَّلَ أسَاريرَهُ وتَرتَفِعَ زَوَايَا شَفتَيهِ بابتِسَامَةٍ.
"أنَا حقًا سَعيدٌ بمَجيئِك."
"هه عَلى عَكسِى تَمَامًا."
تَجهَّمَت بسُخريَةٍ لتَسقُطَ مَعالِمَ وَجهِهِ ولنَقُل أنَّهَا قَد شَعرَت بالذَّنبِ إثرَ نَظرَتِهِ الآن..
"لقَد اشتَقتُ لچوسلين القَديمَة." هَمسَ وكأنَّمَا يُحَدِّثُ نَفسَه لتُقَهقِه..
"يَا تُرَى لِمَ رَحلَت؟ لا، لَحظَة لا تُخبِرنِى أعرِفُ السَّبَبَ.. أو رُبَّمَا السَّبَبُ جَالِسٌ أمَامِى الآن."
هَتفَت بمَرحٍ مُزَيَّفٍ ليُنزِلَ نايل رَأسَهُ أرضًا بخَيبَةٍ، هُو لَم يَتوَقَّع يَومًا أن تُعَامِلَهُ بهَذهِ الطَّريقَة.. بَينَمَا هىَ قَد وَجَدَت حَلًّا لألَمِ قَلبِهَا بالحَديثِ هَكذَا، هى لن تَتَحَمَّلَ أبدًا أذِيَّتَهُ بالأفعَالِ كمَا فَعلَ هُو لذَا تَستَعمِلُ لسَانِهَا فى إيلامِه، هى تَشعُر بجُرحٍ كَبيرٍ وتَرتَدى أمَامَهُ قِنَاعَ اللَّامُبَالاة، وتُريدُه أن يَشعُرَ ولَو قَليلًا بمَا فَعلَه بِهَا.
"صَبَاحٌ جَميلٌ، هَل لي بطَلبَاتِكُمَا؟" نَطقَ النَّادِل بحَيَوِيَّةٍ قَاطِعًا لحظَة سَيَّئَة عَلى نايل ليَبتِلِعَ ثُمَّ رَدَّت چوسلين..
"أحضِر لنَا اثنين قَهوَة، مِن فَضلِك." دَوَّنَ النَّادِل الطَّلبَ ثُمَّ ذَهبَ لتَستَطرِد.. "إذًا، هَل ستَبدَأ بحَديثِك؟"
