{افتتاحيّـة -أرنبُ القَصـر.}

1.5K 129 69
                                    

.

.

-----------------

-الصيفُ يتجلّى فتيًا، والأيام المُشمسةُ الطويلة تبدأ.

{الفصلُ الأول من الباب الثاني}
-19-
[العيونُ أحيانًا لا تَرى بالوضوحِ الذي يوفّره مرأى القلوب.]

-----------------

.

.

ضوءٌ ساطِع في الأُفق.. يغشو المكان بوفرةٍ وسخاء من شمسٍ حيوية، وكلُّ ما تستطيعُ رؤيته هو النورُ الذي يعبُرُ جُفنيها الثقيلين. تستطيعُ شمِّ رائحةِ الطين لشوارِع العاصمة المُبللة، تُسافر مع النسمات العليلة التي تُداعب بشرتها بدفئٍ ناعم، تسمعُ صهيلَ الجيادِ وهي تقرعُ الطرقات تتبعها عجلاتُ العربات المتجوّلة. 

كان يُمكنها سماعُ تصفيقٍ وبهجةٍ تنتشر في الأجواءِ مرحًا، لكن كُل تلك الأصوات كانت تبدو.. بعيدةً ومكتومة لأُذنيها، كما لو أنها تضع شيئًا فيهما. أفكارها هادئة.. ورأسها لا يضعُ جهدًا هذه المرة ليُفكر، مُهتمّةٌ فقط بأشعةِ الشمس الدافئة على وجهها وهي تُريح جسدها الصغير.

[لقد كنتَ صبيًا مُطيعًا هذا الاسبوع! جميعكم كذلك! أحسنتم عملًا أيُّها الفتيان التائهون!]

همم.. ما هذا؟ تمكّنت للتو من سماعِ صبيٍّ يهتُف بحيويّةٍ لم تعهدها في روحٍ من قبل، كان واضحًا لها من بين الأصواتِ الأُخرى كما لو أنه جاءَ ليزرعَ البهجة. هذا يُذكّرها بشي.. نعم أنه يُذكّرها بالعروض السحرية الصغيرة على الناصية البعيدة هناك، حيثُ كان الأطفال يتجمهرون معًا ويضحكون مستمتعين.

هذا صحيح.. لقد استيقظت صباحًا لتأتي وترى عرض بيتر بان اليوم، كان هذا صوتُ جونغكوك.. فهي لن تتوهمه أبدًا. أرادت بشدة أن تفتحَ عينيها وترى ذلك المنظر مُجددًا.. الكثير من رؤوسِ الصغار أمامها، يُصفقون معًا بمُتعةٍ جمّة فيما هي ترفع ناظريها.. ويُمكنها أن ترى بسمةً أرنبية واسعة، عيونٌ تلمع بالحُب ويدين خفيفتين تمرحان مع جمهورهما..

لكن ذلك لم يحدُث، لم تستطِع أن تكشِف النقاب عن عينيها.. فقد كان نورُ الشمسِ مُغريًا جدًا لجُفنيها، كما لو أنه يسدُّهما تمامًا بشعورِ الراحة ذاك، يُرسِل الاسترخاء والخدرِ لأطرافها بدفءٍ وهناء.. فيُجبرها وحسب على أن تبقى مكانها مُغمّسة بمشهدِ الضوءِ الذي يُغرقها.

[هذا ليس عدلًا، لمَ الفتية فقط من يحق لهم أن يكونوا ضمن المجموعة؟]

[أُريد أن أكون أول فتاة تنضم لفرقة الفتيان التائهين! مثل جاين!]

آه نعم.. كادت تنسى هذه المحادثات الجانبية، لطالما ظنّتها لطيفة على الدوام، فالكثير من الفتيات الصغيرات كُنّ يتخاصمنَ بشأنِ ذلك، يرغبنَ أن يُميّزهن بيتر بان خاصتهن بشيءٍ أيضًا بدلًا عن الفتيانِ وحسب، ولكن.. تلك الأصوات الطفولية لا تزالُ تترددُ باهِتةً لأُذنيها، مُختلفةً تمامًا عن الصدى الشبحي الناعم الذي يُرافق صوتَ ذلك الصبيِّ بالتحديد..

صـــه || HUSHWhere stories live. Discover now