٢٣_《مرآة الخوف》

431 76 36
                                    

قام حراس أوليكسان، الذين يرتدون العباءات السوداء ذات الظلال الحالكة، كان جميعهم، بنفس الهيئة، قلنسوة العباءة مرفوعة على رؤوسهم، ملثمين بالأسود، بجلب المرآة من داخل قلعة أوليكسان.

ثم تأكدوا من ارتكاز المرآة أمام فريدي تماما، كانت المرآة بيضاوية الشكل، كبيرة جدا وحوافها من الفضة، منقوشة بزخارف سوداء، مغطاة بقماش أسود، ثم أمرت الحاكمة الجميع بإغماض عيونهم، وقتما تنزع القماش من المرآة، بينما أمرت فريدي بالعكس، عليه أن يحدق بالمرآة حتى تتلاشى الزخارف السوداء.
فبعدما أزالت  المعلمة الكبيرة الغطاء، قام فريدي بالتحديق على مركز المرآة كما أخبرته، ثم تلاشت الزخارف على هيئة دُخَان رمادي، التي تشكلت على شكل يد كبيرة وضخمة، أخذت فريدي إلى داخل المرآة، ثم اختفى عن الأنظار.

بعد أن أخذه الدُّخَان الأسود للداخل، دلف إلى مكان يشبه حجرته بمنزل عائلته في العالم الحقيقي، شعر بالحنين لجدته، أردف بخطوات بطيئة، ليجدها، تجلس على الدرج، لاح على ملامح وجهها الإرهاق، تمسك هاتفها بيد واليد الأخرى، كانت تحمل الأدوية ووصفة طبية والقليل من الخضار، من الواضح أنها وجبة تكفي لشخص واحد، شعر بنزغة بقلبه قليلا وبعضا من الأسف، دون سيطرة منه، دلف يربت ظهرها، فاختفت من أمامه ومعها مشهد منزل عائلته بالكامل.

ذعر عندما رأى شاب يقف أمامه والذي  يشبهه تماما، يبتسم تلك، الابتسامة التي تبث القلق في النفس، فتراجع فريدي خطوتين إلى الوراء دون وعي منه، فأتاه صوت شبيهه قائلا: -
-أن ترى نفسك أمام عينيك، بالطبع شيئا مخيفا... أليس كذلك؟

أجاب فريدي بتوتر، أنفاسه تلهث من تسارع ضربات قلبه:
- أنت... من تكون؟

أردف الآخر، وارتسمت ابتسامة خبيثة على شفاهه، قائلا: -
-سؤال غريب، يأتي من رجل يفترض أنه عبقري!... أنا فريدي سالار.

كان فريدي مذعورا مما يرى ويسمع، فتحدث بنبرة مهتزة، قائلًا:
- إذا ومن أكون أنا؟

نظر باتجاهه، ودلف بضع خطوات أمامه وأردف:
- فريدي سالار أيضا، ولكننا لسنا متطابقين، أنا ضميرك وروحك الدفينة.... هنا، أنت ترى كل أفعالك المتخاذلة وأيضا الآلام التي تخفيها عن الجميع، هنا تتجرد من الأقنعة كلها التي تلبسّتها خلال سنين حياتك، هنا تكون... أنت وفقط.

جف حلق فريدي من التوتر، وحاول أن يتماسك ليخرج من هنا سالما وليكمل باقي المهام، فتحدث بنبرة مهتزة:
- إذا ما الذي علي فعله، لأخرج من هنا؟

تحدث  الآخر بكل أريحية، قائلا:
- كن أنت وفقط! حاول أن تتعرف إلى داخلك، روحك الحقيقة، فطرتك التي تحاول أن تخفيها وتبعدها عمن حولك، هي الآن وفقط التي ستحدد مصيرك.

اختفى الشبيه باللحظة التي أنهى بها عبارته، ثم أتى مشهد جدته مجددا، ذهب إليها في محاولة منه ليربت كتفها، فوجدها تغادر أمامه، وبذلك تأكد أنها لا تراه، كانت خطوات الجدة متثاقلة، بدا أنها تتحرك بشكل غير طبيعي، وإذا إنها سقطت أمامه بالطريق، هرع ليلحق بها إلى مشفى، ولكنه لا يستطيع إمساك أي شيء، أدرك أنه كالشبح فقط، لا أحد يسمعه أو يراه،  وعلى الرغم من ذلك، فإن الشعور لا يزل حقيقياً.

صخرة الفِرتاس. ✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن