P 16

841 79 156
                                    

مبعثر16

.
.
.

حين فتحتُ عينِي قابلني صورة لسقفٍ يهتز بقوة و كأنَّ هناك زِلزالًا ما .. الدِوار العنيف يعصِف برأسِي و هناك شعورٌ حاد مِن التعبِ يُحيط بي،  أشعر أنَّ قُوَّتي مُنسحبة تمامًا كما و هناك شيءٌ ما يُؤلمني بينما هناك سائل أشعر ببرودتِه بينما يسير في أوردتي ... تململت بتعب مُحاولًا تعديل جسدي على الفراش بأيّ طريقة لكنني لم أستطِع! 

يدٌ خشنة قليلًا دافئة حطَّت على جبهتي تُزيح لي خُصلاتي المُتناثرة و تتحسسه بـرِفقٍ بينما ينبعث صوتَهُ جِواري في نفس اللحظة:
" حرارتُك تحسنت بالفِعل لكن لا تُحاول التَحرُّك فجسدك مُرهق جدًا. "

وجَّهتُ عينايّ إلى مُحدثي الذي لم يكن سوى أبي الذي عاد ليَفتح الكتاب بين يديهِ دون أنْ يتحدث مُجددًا و قد تَبيَّن أنِّي مُحتجَز في أحدِ غُرف المشفى الطبية و والدي جواري يقرأ كتابًا ما بصمت و اندماج ، ثوانٍ حتى همستُ بصعوبة و يدي تتجه بتعب نحو يده بينما أحاول أنْ أرفعُ جسدي قليلًا نحوِه:
" أبي .. "

لم أُكمِل و قد شعرتُ أنَّ الدوار يعصف بي بعنف لأرتمِي للخلف مُجددًا أئِنُّ بألم لأسمعُه يُخاطبني بلهجة هادئة دون أن يتحرَّك مِن مكانِه:
" لا تُحاول التحدُّث حتى ،  فجسدك في مراحل متقدمة مِن التعب .. ستظل تُجهد نفسك فحسب .."
ثم ترك ما بيده و حدق بي رادفًا:
" نارين و أختك كانا هنا بالأمس لكنَّك ظللت نائمًا حتى اليوم .. و حرارتك في المساء ارتفعت و لكنها انخفضت الآن. "

" ماذا حدث لي؟ "

لم أشأ النظر نحوه بعد سؤالي إياه و رافق ذلك مسكِه لكفِّ يدي بينما يُجيبني:
" كُنَّا معًا بالسكن و أغميَ عليك فجأة ،  حاولتُ إفاقتك لكنك لم تفِق لذلك حجزتُك في المشفى لعِدة أيام حتى تتحسن .. لقد أرهقت نفسَك بالآوانة الأخيرة يا أحمق."

عبستُ بضيق مُطلقًا تنهيدة مُغتاظة ليُحيط بنا الصمت سوى مِن أصواتِ تأوُّه بسيط مِن المرضى بما أنِّي مُحتجَز معهم ، لم أُفكر كثيرًا حين رؤيتي لـسيدة دلفت تتجه نحو مريضٍ ما بينما تُخاطب أبي بلُطف بعدما رأتْه:
" مرحبًا طبيب مروان ؟ .. يُسعدني لِقاءُك هنا .. أردتُ أن أشكرك لِانقاذك ابني مِن الحادث."

لمحتُ ابتسامة أبي الخجِلة قبل أن أسمع صوتَ رجُلًا مُسن يُوجِّه لوالدي الكلام بكل امتنان و قد تقدم منه مِن خلف تلك المرأة التي ذهبت نحو ابنها ليتبادلا المصافحة بحرارة مِن قِبَل الرجُل:
" دكتور مروان كم أنا مُمتن لك! .. لقد أشرفتُ على جِراحِة ابنتي و اهتممت بها جيدًا ،  شكرًا لكَ و السلامة لِابنُك،  أتمنى أن يُشفى."

" لا داعي للشكر يا عم. "

ردف أبي بخجل ، فتركَهُ الرجُل و اقترب مني يُملِّس على شعري رادفًا:
" لا تترُك أبيك يا فتى،  كُن له الدِرع و السند دائمًا،  و كُن له ابنًا صالحًا فأبيك لا يُعَوض."

مُبعثَر! "مكتملة"Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz