P 21

713 67 136
                                    

مبعثر 21
.
.
.

علينا في بعض المواقف أن نتحلى بالصبر و العزيمة، لابد و أن يُصبح لحظتها الهدوء مُلِمًا بتفكيرٍٍ عميق قبل إصدار أي تصرُّف أو فِعل .. و الغضب عليه أن يُغادرنا وقتها لأنَّ بعض المواقف الخطأ فيها سيكون النهاية لأيُّ لحظة عِشنا داخلها مِن قبل!

هنا كان على ساجد أن يُرتب أفكاره و يُعيد لنفسهِ الهدوء و التعامل بطبيعية جدًا مع موقفه! و ما شجعَهُ أكثر على ذلك هو مروان الذي بعد مُحادثتهِ معه لعدة دقائق جعله يثق بكونه قادر على انقاذه حقًا و إن عنى ذلك حدوث الكثير له! .. الا أنه سيثق به و سينتظر مجيئه حتى لو مرَّ سنين على ذلك!

أبيه مروان لم يخذله مِن قبل، و كونهُ يُدرك ذلك في أعماقِ قلبه، جعله مُتيقنًا يقينًا تامًا بمد يده مجددًا لمساعدته، ربما كان دائمًا ما يفتقد وجوده كونه كثير الانشغال بعمله لكنه لم يُخيب ظنَّهُ مِن قبل! .. أو ربما كانت مواقف لا تُستدعِي أن يفكر فيها! .. هو أساسًا لا يذكُر إن حدث و خيَّب والده ظنه يومًا بعد أخر مرة قبل سنتين حين .. حين اضطر لتركِه في عيد مولده! .. لكن ذلك لن يمنع أنه للآن يثق به و بأفعاله! صحيح؟ .. هو واثق أنّهُ لن يخذله! .. ليس بوضع كهذا!

حوَّل نظره نحو المدخل بتِلك الأفكار المُتضاربة،  القصر هدأ تمامًا ربما لأنَّ الساعة تجاوزت منتصف الليل لكنه للآن لم يذُق طعمًا للنوم ، و ذلك المدعو بوالده البيولوجي لم يعُد حتى الآن و هذا أمرٌ غريب بحق!

لم يشعُر بنفسه و النَّوم يسبِقَهُ و يُسيطر على وعيِّه، فينام جالسًا في موقعه دون حركة! .. و حين بدأ وعيه يعود مجددًا وجد نفسه نائمًا في نفس الحجرة التي استيقظ فيها مُسبقًا، كيف جاء إلى هنا؟

نهض يسير خارجًا مِن الغرفة الا أنّهُ قبل ذلك سار نحو خِزانة الملابس يفتحها بفضول تحوَّل للدهشة بِكثرة الملابس التي تقريبًا خُصصت لأجله دونًا عن غيره! و دهشته قد زادت مع ارتداءِ أحد تِلك الملابس فتكون على مقاسِهِ تمامًا!

ابتسم، فرُبما والده لايزال يحمل بعض الدماء النقية ،
و هذا ربما كان يتمناه في أعمقِ أعماقِ قلبه! .. هو غادر بعد ذلك يستكشِف القصر، رغم أنَّ الأمر مُبكرًا كونه في الصباح الباكر لكن فضوله كان كفيلًا بجعله يفعل إلّا أنَّ قدميه توقفتا تمامًا و هو يُلاحظ توًا أنَّ أرسلان يجلس على الأريكة و بين يديه قهوة يرتشفها بهدوء، و للحظة هو حدق به فيها! .. و أُغرِم بمظهره الوسيم مع تِلك الخصلات السوداء الكحيلة التي انزلقت بسلاسة على جهته! .. هو نزل بخُطَى هادئة عندما حوَّل أرسلان نظرَة لـ صغيرِه يُلاحظ فيها أنّهُ كبِر ،
و ليس ذاك الطفل الذي كان يضطر لبدء القسوة عليه لتغييرِه .. هو الآن مُراهقًا بصدد أن يدلُف للثانوية، و هذا ربما ما يجعله يخاف، لأنّهُ و ببساطة يجعله واعيًا لما سيطلبه منه بعد ذلك ، و ليس طِفلًا ساذجًا قد يرغب بالسير على خطاه لأنّه والده مثلًا! 

مُبعثَر! "مكتملة"Where stories live. Discover now