P 20

723 71 210
                                    

مبعثر20
.
.
.

رغم أنَّ السماء اشتدت سوادًا في تِلك الليلة و أغمض أغلب الناس أعيُنهم ينامون براحةٍ الا أنَّ ذلك لم يكن كفيلًا لتغمُر الراحة الفتى الذي كان يتلقى أسوأ معاملة مِن قِبل مجرم مطلوب!

دُفع جسده بخشونة داخل حقيبة السيارة لدرجة اصطدام ظهره بقوة فأنَّ بألم متكورًا حول نفسه ، ثم رفع نظراته بوهنٍ و كُرّه بملامح تلوثت بدماء جبينِه و كدماتِه ، لم يكن يهتم بألامهِ و جروحه و هو ينظر لمُسببها بكل تِلك الملامح المُعتمة! .. لكن أورلاندو أخذ يُبادله بابتسامة ساخرة و هو يدفع بيديه الغِطاء لتنغلق حقيبة السيارة عليه تاركًا إياه في ضيقٍ و ظُلمة ، و تحرك بعدها ليقود السيارة متجاهلًا ضربات ساجد و محاولات دفعه للصندوق بكل غضب حتى تعِب و فقد وعيه!

حين عاد يفتح عيناه مجددًا هو قابل ظلام هادئ يتخلله نورًا يأتي مِن خلال تلك الستائر البنفسجية العتيقة .. حرّك رماديتاه بإرهاقٍ نحو كل ركنٍ بالغرفة ، قبل أن يُغمضها مجددًا بينما يشعر بأنَّ رأسه يزِن أطنانًا، و لشِده ما يشعر هو حرَّك يُسراه نحو جبهتِه ليشعر فجأة بملمس شاشًا يُلَف حول رأسه، فيعقد جبينه بغرابة، فهل هذا من شيَّم أورلاندو؟! .. مستحيل!!

سخر منه بينما يعتدل يُتمتم بكلماتٍ لم تُسمع، ثم كانت له الفرصة هذه المرة باتساع بؤبؤ عينيه و هو يُحدق بجمال الغرفة الواسعة التي ينام فيها ، و حين نظر لنفسه كان بملابس أخرى فارهة الثمن! .. هو لوهلةٍ توقف عن التفكير مشتت الذهن تمامًا! .. فهل هذا مِن أعمال ذلك المُجرم؟!! .. هل لأنهُ الشاهد عليه قرر أن يُكرمه بهذا؟! .. أم أنه يُحاول رشوته كي لا يشهد عليه؟! .. و لشدة ما به مِن تشتُت هو تذكر ما فعله والده مروان ، و خاف لو أنَّ أورلاندو علِم أنَّ مروان قرر أن يجعله شاهدًا على جريمتهِ حين تُعقد المُحاكمة بعد أيام!

نهض عن ذلك السرير الكبير ليتحرك صوب باب الغرفة لكنه وجد نفسه يقف فاقدًا لاتزانه ، و لحظتها وجد الباب يُفتح و يظهر رجلٍ ضخم البُنية و خلفه رجلٌ أخر يرتدي بدلة سوداء كلاسيكية و يُهندم خصلات شعره الأسود للخلف بطريقة هادئة ، أحد حاجبيه يحتوي على ندمة لجُرح قديم لكن رُغم ذلك فقد كان وسيمًا للحد الذي جعل مِن ساجد يُحدق به بهيام و قد تناسى شعوره بالدوار!

" عُد نحو سريرك! "

هو رفع عينه نحو الضخم و قد تلقى حديثه بتذبذبٍ فلم يتدارك معناه لذا وقف دون أن يُبدي رد فِعل لكنه استطاع سماع الوسيم خلفَهُ و هو ينهرهُ بصوتٍ هادئ:
" دايفس لا تُحدثه بتِلك الطريقة. "

وضع ساجد كفه على عينه و جلس أرضًا يستنشق أنفاسهُ بضعفٍ مما جعل الرجل يتحرك صوبه ، و برزانة هو انحنى يجثو بجواره ، تمتد يده بحنان نحو خد ساجد لتحتضنه بِرِفقٍ ، و حينها استطاع الفتى أن يتقابل مع زوج عيون مِن الرمادِ المُحترِق! .. بينما حرَّك برناند كفِّه يتحسس خد الفتى و لانت حدقتيه الحادة قبل أن يُبعد كفِّه و يلي ذلك إحاطته بذراعيه ليعانقه، و لسببٍ ما شعر قلب ساجد بالحنين فوجد دموعه تخونه باكيًا بصمت بينما يُبادل المعني العِناق دون رغبة لتركه! .. دون أن يعلم مَن هو و ماذا يُريد أو يفعل؟! .. و لكنه مَحى تساؤلاتِه و أفكاره في سبيل أن يحظى بذلك العِناق مهما كلفَهُ الأمر!

مُبعثَر! "مكتملة"Where stories live. Discover now