الفصل الثالث و الخمسون

7.4K 389 20
                                    

تعالى صوت سعال إيرينا الذي ارتطم صداه
بجدران السجن الذي باتت تعد الايام و الليالي
بالدقائق حتى تخرج منه، لكن دون فائدة و لولا
زيارات تلك الساحرة أبريل لها بين الحين و الأخر
لتزودها بالدماء المعلبة لكانت قد فقدت حياتها
منذ فترة.
آرثر كان قد اتخذ قراره و هو قتلها بأبشع الطرق
و يبدو أنه لن يغير رأيه، رفعت رأسها المنهك
كسائر جسدها و هي ترى أمامها ذكريات حياتها
تمر كطيف سريع.

تذكرت عندما كانت مجرد خادمة عادية في
القصر تعمل بجد من أجل بضعة قطع نحاسية
لا تكفي لشراء كيس من دماء الحيوانات، كم
عانت و تحملت الذل و التعب دون فائدة
بسبب صعوبة الحياة في مملكة الفامباير
و التي كانت تزداد صعوبة في كل سنة حتى
إلتقت بأبريل و نصحتها بأن تحاول إيقاع
الملك و تزوجه.

تلك الساحرة إستطاعت أن تجعل تلك الفكرة
المجنونة تتسلل داخل ثنايا عقلها حتى
سيطرت عليها كليا و باتت في كل ليلة
تحلم بأن تصبح الملكة و بدل ان تخدم
الجميع، سيصبح الكل طوع أمرها لذلك
سرعان ما بدأت في تنفيذ خطتها و أصبحت
تظهر لآرثر في كل مكان و تحاول
إختراع أي حديث معه و إبداء رأيها و بفضل
ذكائها و دهائها إستطاعت ان تنال إعجابه
الذي جعله ينسى بأنها مجرد خادمة و تزوجها
على الفور معلنا إياها ملكة البلاد، شعبه
الآخر لم يكن يهتم حتى لو تزوج بقطة
فهم لديهم من المشاكل ما يجعلهم في غنى
عن متابعة أخبار القلعة.

رمشت بعينيها و هي تحاول إزاحة تلك
الغشاوة التي ارتسمت أمامها لكنها لم تستطع
فالجوع قد تمكن منها و أضعف حواسها لدرجة
انها لن تكون قادرة على صد فأر صغير، ضحكت
بارهاق عندما خيل إليها انها لمحت شخصا
ما في هذه الحجرة المظلمة التي كانت خالية
من كل مظاهر الحياة، لم تكن تحتوي على أي
شيئ حتى كرسي تريح فوقه جسدها الذي
أوشك على الوداع.

همهمت و هي تبصق دماء سوداء من فمها:

-يبدو أنني جننت أم انني اتخيل وجود
أحد ما معي، هل هذه انت أبريل؟

كانت ترتعش بأكملها و كأنها تجلس داخل
ثلاجة، أضافرها تركت أثارها في كل أنحاء
جسدها الذي لم تكف عن خدشه في كل
مرة تشعر بها بحاجتها الملحة لشرب الدماء.

تأكدت من انها لم تكن تتوهم عندما شعرت
بقبضتين تمسكان بخصلات شعرها الذي بدأ
يتساقط أيضا لفقدانه ذلك الترياق السحري
الذي يمثل الحياة بالنسبة للفاباير.

همس تخلل أذنيها و عبر داخل مسالكها
السمعية ليجعل ما تبقى من دماء تتوقف عن
التدفق نحو قلبها الميت عندما سمعت ما
قاله لها:

-لست خيالا أيتها الملكة السابقة ، انا لوسيفر.

إسمه فقط جعل عظامها ترتعش، رغم أنها
كانت على حافة الموت إلا انها خشيته و بشدة
حالها كحال باقي سكان المملكة الذين كانوا
يعرفون جيدا من هو لوسيفر فهو بالفعل
شيطان لا يقهر و الدليل انه مات لألف سنة
و عاد من جديد اقوى و أكثر عزما  و إصرار
على إستعادة مكانته القديمة.

مجنونة في بلاد المستذئبين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن