البارت الثالث وعشرون

58.6K 1.6K 544
                                    

محتارةٌ انتِ بين التداني والتنائي..
محتارةٌ اي سبيل تَقْتَرِعِي وتجتازي..
محتارةٌ بين ما يفرضه عقلكِ وما يفرضه حبي..
إختاري ولا تهتمي يا محبوبتي..
فنهاية الطريق المتعوجة ليست الا لي وحدي..
وانا فقط الأسِر ما تصارعيه يا اسيرتي..
ولو قطعتِ الاف اميال الدروب مساركِ لي..
واليك هذا الوعد مني يا لبّ جماحي..
------------------

كان مرأس عسلياه يلاحق تحركاتها العفوية.. لفِّها للشال الزهري الفاتح حول شعرها.. وضعها مرطب الشفاه بلون شفاف.. كحلها الأسود الذي يبرز رسمة عيناها الجذابتين.. وارتدائها كعبها الأسود الذي يناسق فستانها المتداغم بين الزهر والأسود..
توقفت قباله كحورية تناقض معرفتها اذ كانت فضائية ام بحرية.. كحورية نادرة.. حورية تخصه لوحده..
تدانى منها مأخوذا الرشد وما تبقى منه لتبتسم بعشق متسائلة بلهفة من حدقتيه المتوهجة كأشعة شمسية في يوم بارد وقوس قزحه يناظره بخجل:
- كيف ابدو؟!

- اجمل من الجمال نفسه.
غمغم بهيام لتتعلق برقبته كالأطفال المدللين، مدمدمة:
- احبك رجلي.

- لين حبيبتي ليس لدي مانع ببقاءك في المنزل.
هتف بسخط لتتوسع ابتسامتها، نائية عنه بإشعاع تسلل بقفزات متعالية الى وجدانه، متفاخرة بأنوثتها وجمالها اللذان يؤثران عليه.. وهمست:
- حسنا ايها الأمير الخاص بي سأبتعد.

رمقها بغيظ متذمرا:
- اين الغبي اخاكِ؟ لماذا لم ياتي بعد؟

هزت كتفيها بعدم معرفة ليشتم بسره.. ثم نظر لها بإبتسامة مزيفة، عاجُّ على اسنانه بحنق ومتمتما:
- تعالي لننزل فربما يأتوا بعد قليل.. وصحيح حبيبتي لين انا سأتي لأقلك الى المنزل فإتصلي بي.

- فهمت.. ها يبدو انهم قد حضروا.. سأخرج انا.
غمغمت سريعا وهي تلتقط حقيبتها الصغيرة الزاهية بنعومة ثم قبلته قبلة خفيفة، رادفة بخجل قبل ان تخرج:
- هذا لتتذكر انني اعشقك ريسي.

تصنم مكانه بتعجب من تصرفاتها التي تسلب لبه.. ولم يستدرك نفسه الا بعد سماعه صوت اغلاق الباب لتتوغل ابتسماته العاشقة ويهمس:
- اعشقك اكثر مجنونتي.

***********
كانت تقف بشرود امام نافذة غرفتها، تتطلع الى السماء الباهتة بعقل يفكر بالكثير.. باغتتها احداث الأيام الماضية.. كم تشعر بالفضل والشكر له.. احتواها كلاميا ومعنويا كإحتواء القريب والحبيب.. تذكرت اليومين الماضيين حيث كانا يتجنبا بعضهما بعد الموقف السيء الذي كبشا عليه.. كانت محرجة للغاية منه بعد ان رأت الكدمات البنفسجية الطفيفة الموجودة اسفل حنكه وشفته المجروحة.. كلما ارادت ان تعتذر له وتشكره كانت تتوتر وتلتبس حواس افكارها وعقليتها ككتاب رياضيات انقلبت اعداده وتشابكت معادلاته..
بدأت تشعر بنفسها تميل اليه.. تحب اهتمامه واعتنائه بها.. لم تعد تكرهه كما كانت قبلا.. عيناه السوداوتين التي تحدق بها في المحاضرات باتت تجذبها اليها كمغناطيس من المشاعر الجياشة.. كشحنات وحرارات هائمية بتراص عميق..
تنهدت بعمق خائقة مما قد تقبل عليه.. تخاف الحب الذي لم تقع به يوما.. وتخشى الحانه العذبة الشجية..
دوامة من الاعاصير الفكرية تنتهكها ليكون في النهاية المسراب الوحيد هو.. هو فقط.. اوس!! هو الذي اخترقها كقوس شغوف.. كقوس لا يجرح ولا يؤلم.. بل كقوس يلملم ويداوي الجراح.. كقوس عقّار على السقم المُعَلقم..

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)Where stories live. Discover now