الخاتمة

65.1K 2.1K 1.1K
                                    

أُغلقت دفاتر ذكريات الصبو يا حبيبي..
طبّقنا عليها بأغلال من مستقبل مجهول..
روحي تحترق على الأيام الفائتة.. تحترق كثيرا..
اموت لوعا وكمدا على ناصية الرصيف..
تلاحقني العيون المستفهمة وتتفاقم العبرات..
اعيش لحظات نادرة الكأبة والإبتأس..
ها هي الغربة تدنو مني اكثر واكثر..
تستلني اليها قسرا دون ان ترأف بقلبي المُتيّم..
اتساءل عن ثواني التنائي المُفجع..
اتساءل ولا اقدر على التساءل عن الدقائق..
اخاف ان تطول واتوه يا حبيبي..
اخاف وخوفي طويلا.. اطول من لحظاتنا..

----------------
لم يعرف ماذا يفعل بعد تلقيه هذا الجواب الذي لم يفكر به قط.. خذلان ووجع عميق يتفشى في اوبئة جسده المتهالك على الأريكة الممزوجة باللونين الأسود والأبيض.. لما كل من يفكر بها قلبه ويميل لها لا تكون له؟! يا الله.. ماذا ينقصه؟! لماذا دوما يكون مكبلا بالعطاء والتنازل امام غريمه؟! الى متى؟! كانت امله الوحيد.. ولكنها خطبت!! ويا للسخرية خطبت ابن عمها التي تكلمت عنه في المانيا.. يعرف انه كان يطلبها مرارا وتكرارا دون ان يمل صبره ودون ان يضيق صدره يأسا من النيل عليها ذات يوم.. وها هو قد تمم مبتغاه..

احمد.. اسمه احمد وفقا لما يتذكره.. لماذا وافقت عليه؟! لماذا؟! كان يبصر نظرات الحب في عيناها الجميلة حينما يتهاتفا معا.. على الرغم من حبه لعدن الا انه معها يكون باله مشغولا بها.. هي وحدها.. رؤى.. ولكن يبدو ان فؤاده عليه الإعتياد دوما على الطعنات المفجعة.. السقم يبث حرارة تأوهاته في روحه التي يأست من تناول ثمرة العشق التي تبدو محرمة عليه..

لا زال رد اخيها عمرو المعتذرًا بحزن يجلجل في اذنيه..
"انا اعتذر منك قيس.. رؤى خطبت ابن عمي"
قدره محتوم.. عليه ان يذق مرارة الحب.. مرارة الرفض.. مرارة الوحدة الى ان يفرج الله ابواب الخير عليه..
مالت مقلتيه العشبية على اخيه الصغير، النائم على فخده بتعب وحنان.. ثم مرر انامله في طيات شعره القصير..

مراد اهم ما لديه في الدنيا كلها.. شقيقه الذي نال على ما يكفي من الالام والاحزان.. الذي لم ينعم بطفولة عادية كباقي الأطفال، بل ولم يقتات طعم الراحة حتى لو لأيام قليلة.. عانى الكثير من عدة اناس سلبوا منه بهجته ولمعة حدقتيه الذابلة..
اه من مقدار الحقد الذي يكنه نحو والده.. يرمي عليه اسهم اللوم.. بسببه والدته توفت.. بسببه تشردت.. بسببه اخيه مراد فقد قواه العقلية لفترة طويلة.. لو انه لم يُطلّق امه ويتزوجها مجددا دون معرفة احد ويطلقها مرة اخرى لما كانت الأمور الت لما هي عليه الان..

عادت ذكرياته الى الكلمات التي لفظتها والدته قبل ان تغادر الحياة.. الى قبل ما يقارب العشرة سنوات..
"همس بصوت باكي مليء بالمخاوف:
- امي.. ابي سيأتي.. اتصلت به.. اصبري ارجوك.

- ا.. اياك يا قيس ان.. ان يعرف والدك ان مراد حي.. لن يعرف ابدا.. كما اخفيناه دوما عنه.
غمغمت بتقطع ووجهها المتعرق يزداد شحوبه ليتأمل بركة الدماء التي تحيطها ويتوسلها ببكاء حاد:
- كل ما تودينه سأفعله.. لكن ارجوك لا تتركيني.. انا ومراد ليس لنا غيرك.. من دونك لا شيء.. ارجوك يا امي.

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن