البارت الثالث والثلاثون

51K 1.6K 1.2K
                                    

على ساحل الغرام مشينا..
وتربعنا على ترابه مغتبطين..
تأملنا نيازك العشق التي تضرب قلوبنا..
لنبث اشواقنا في مقصورة الهائمين..
غارت الطيور والأشجار من نقاء حبنا..
لأخطفك الى كوكب شيدِ المغتاظين..
واكيدهم بتيار قبلات جنون هوانا..

---------------------
تأملت جفونه المنغلقة بمرارة تغض حلقها.. تأملت ذقنه الحليقة التي لا تزده الا هيبة وجاذبية بعيون دامعة تُلهم بسقمها.. نائما كرجل ملائكي لا كرجل شرس بارد تعاني من بطش قسوته.. ارتجفت شفتيها والغصات الحارقة تستشري في صدرها.. تحبه ولكنه ينكر ويشك بها.. رباه!! تتضعضع الى قعر الأوجاع بسببه.. لم تبغي ان تذرف دموعها اكثر مما ذرفت ليلة زفافهما.. ولكنها تُجلد بسياط اهتياجه واحتدامه..

وثبت عن السرير بهدوء حتى لا يستيقظ.. وقبل ان تطئ قدميها السجاد الأزرق المفروش على بلاط الأرض وفاها صوته الناعس:
- الى اين؟

تنهدت بكل نبضة ترحة يدقها فؤادها قبل ان تهمس بنبرة خافتة دون ان تستدير وتواجهه:
- الى الحمام.

لم يستطع اخفاء اعجابه بتجعدات خصلاتها المتمردة.. كمعكرونة البيسلي الرقيقة.. ناعمة ولكن شرسة.. هادئة ولكن ثائرة.. يريدها من براثن اهتياجه.. كمغناطيس اشواق ساحر يجذب اغلال القلوب وايقونته.. ساحرة.. جذابة.. مغرية.. كيف لقصيرة مثلها ان تكون بمثل هذا الإغراء الذي يثلبه على ناصية الطريق، تائقا لهمسة ولمسة منها؟! شام هي وطن.. من يخشُّ ارضها يُموت شهيدا، مقدِّما توقيعه على اوراق فتنتها.. حارة ودافئة.. كترابها المهلكة.. متعبة ومع ذلك صامدة ومقاوِمة..

احست بيده تسحبها الى صدره لتشهق بتفاجؤ وتضع راحتها الصغيرة على صدره العاري والذي انتبهت لتوها له لترفرف زمرديتيها ببراءة خجولة وتهمس بتوتر:
- ماذا تفعل جود؟!

- مشتاقا لك يا موطني.. زوجة جود تبتعد عنه!! كيف لي ان اكون في وطنك بعيدا كالمغترب؟! اريد ان اجود بأرضك يا شام الحياة.
غمغم بصوت ساحر اجّجَّ من خفقاتها التي تبتخترت بغرور انثوي اخفاه قبلاً ببروده وقسوته.. تطلعت اليه والخطوط الوردية تشق طريقها الى وجنتيها لتسبل اهدابها الناعمة بخجل..  فتابعت شفتيه بثها بالهمسات المغرية.. ووجدت يده سبيلها الى وجهها ليتحسس كل انش به، متلذذا ببشرتها الدافئة لترتج القشعريرة في ثنايا ثناياها..

لسانها عُقد بمشابك رجولته الآسِرة.. ودت ان تقصيه ولكنها هشة ضعيفة امام لمساته الساحرة.. يداه تستبح حرمة جسدها بإثارة تلين الصخور.. شفتيه اغدقت ثغرها بقبلات تلقفتها الى مقصورة المشاعر الجائشة التائقة لتتزاحم الطبول في عزفها قصائد امواج العشق.. انهارت اخر بقايا مقاومتها لتلك الأحاسيس لتنجرف مع تيار غرامه وتصبح له زوجة اسما وفعلا..

وبينما هي غارقة في اجتثامة نومها ايقظها رنين هاتفها الصاخب لتفتح جفونها بثقل قبل ان تتذكر ما حدث بينها وبين زوجها ويعبُّ الخجل خلاياها.. التقطت اناملها الهاتف لتبتسم بحب وتجيب ببشاشة:
- السلام عليكم اخي.

اسيرة تحكمه (سيتم تعديل احداثها قريبًا)Where stories live. Discover now