اختفاء ✔️

276 26 9
                                    

لقد كانت الخطة على وشك الاكتمال .. خطة التسلل للدخول الى سفينة دون علم الكابتن فيليب الذي أصبح قائد الطاقم بعد وفاة توبيان .

لقد استطاعت بصعوبة شديدة أن تحصل على زي أحد افراد الطاقم .. ( لقد سرقته من أحد أحبال الغسيل و لكن كان هذا بالطبع تفصيل صغير لا يجب ذكره لأحد)

ستتنكر في هذا الزي و تخفى وجهها و شعرها و تتسلل كانها عامل السفينة ثم الى الغرفة السفلية في السفينة حيث ستتوارى عن الأنظار حتى ترسى السفينة على أي شاطئ غير شاطيء بالاس .. حينها أثناء الجلبة ستخرج من السفينة .. ثم تتدبر أمر العودة بعدما تحصل على علاج لوالدتها ..

لقد كان لديها عزم شديد على تنفيذ تلك الخطة .. فقد اشتد المرض على والدتها ليلة أمس و صارت تنتفض كغصن ضعيف مما عصف بقلب بيرسلنت و ولد الايمان ان خطتها ستنجح هذه المرة .. يجب أن تنجح !

كانت في طريق عودتها من المدرسة الى بيتها مثل كل يوم ، و كالعادة سألت أول ما سألت عن أمها العزيزة تريد أن تطمئن عليها و تنبئها بحجة ما لتبرر غيابها القريب لأنها متأكدة أنها لو أخبرتها عن السبب الحقيقي لرحيلها لرفضت والدتها رفضا قاطعا

و لكتها لم تجدها !

بحثت في كل مكان بالمنزل و لم يكن لأمها أثر ، جرت مسرعة الى معمل أبيها الذي لم يكن بعيدا عن المنزل و لكنها لم تجده هناك أيضا . حاولت تهدئة نفسها و التفكير في أسباب منطقية و قررت أن تنتظر في المنزل حتى حلول المساء ، فربما ذهبت والدتها لقضاء أمر ما و سوف تعود قريبا رغم أن هذا احتمال بعيد المنال نظرا لانها كانت تقريبا طريحة الفراش لما يقارب العام .

كان كل شيء في المنزل في مكانه . لم يتحرك طبق من مكانه . و جميع الملابس في اماكنها ، حتى أن الورد الموضوع قرب النافذة المجاورة لفراش أمها كان مبتلا دليلا على انه لم يمضي وقت طويل منذ أن قام أحد بريه ..

تربعت أمام باب المنزل و انتظرت حتى كادت ان تتلف اعصابها ، تحاول ان تصبر نفسها على ما يحدث ، هامسة " سوف تعود ، سوف تعود " لنفسها بصوت مرتعش .

و لكنهما لم تعود ..

ركضت مثل المجنونة في أنحاء القرية طارقة كل باب تسأل عن والدتها . ذهبت لكل حانة . سألت عند كل معارفها و لكن لا أثر ..

تلاعبت التخيلات بعقلها .. تتخيل أمها ملقاة في مكان مظلم لا تقوى على الحركة .. تتخيلها تخطف من فراشها من قبل مقنعون لا تدري أسبابهم .. تتخيلها تختفى في الهواء كفقاعة كما لم تكن ..

مضى سكان القرية يساعدونها في البحث . و في الصباح ارسلوا القوارب الى الشاطىء المحيط بالقرية . و ارسلوا مجموعات الى الغابة للبحث . قلبوا القرية رأسا على عقب لمدة أسبوع كامل و لكنهم لم يجدوا زوجة الشافي العظيم لورا ..

خارت قوى بيرسلنت تماما و تلاشى الأمل الذي كان يدفعها للامام طوال هذا الاسبوع العصيب عندما حاول زعيم القرية أن يخبرها في صوت رفيق انه

- " ربما علينا أن نتوقف عن البحث الآن "

عندها ملئت الدنيا صراخا و كادت أن تسبه . كيف له أن يقول ذلك ؟ كيف يجرؤ على اقتراح هذا ؟

" ربما فقط رحلت " قال زعيم القرية " هوران" بصوت خشن قليلا ..

سقطت بيرسلنت على الأرض و قد صدمها هذا الاحتمال الذي لم تفكر فيه أبدا . ربما رحلت .. ربما تخلت عنها و رحلت .. ربما عادت الى بلدها الأصلية ..

ربما

لا ، لا تفعل أمي هذا أبدا

ظلت جالسة على الأرض تحدق الى المجهول صامتة مدهوشة . حاول بعض من الأهالي مواساتها بكلمات مقتضبة و البعض الاخر ألقى النظرات الشامتة على يأسها و لكنها كانت تدفع كل من يحاول أن يتقرب منها دفعا عنيفا . فاكتفى الجميع بالنظر الى تلك الطفلة بشفقة ممزوجة بالتشفى حتى قامت من مكانها في بطء و مشت صامتة حتى وصلت الى منزلها فدخلته و اغلقت الباب .

The Moon stones | أحجار القمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن