الفصل السابع

2.4K 55 0
                                    

الفصل السابع
وقفت على مقربة منه , لم تجرؤ على قول شيء , مضى أمس ولم ينطق بشيء ..
لا تعرف بما يفكر ولكن سكوته عما جرى يخيفها , لم يستدعها الشيخ رجب , طمئنها ذلك أنه لم يقل للمجلس شيء ..
علمت أنه يتعمد تجاهلها , لذلك اختارت مكاناً تجلس فيه حتى يقرر إنهاء صمته و إن لم يفعل ستعود بكل أدب لخيمتها , فمن المؤكد أنها لن تثير غضبه اليوم وفي هذا الظرف تحديدا ..
نظر لها بطرف عينه , راقب جلوسها بينما يتابع تمارينه يعلم تماما مقدار قلقها , ولا ينوي إراحتها بسرعة , فلتتعلم أن الخطأ يجب أن تنال جزاءه ..
كما أنها ليست مخطئة إنما كانت على وشك أن تكذب عليه لو أنه سمح لها ..
وهذا ما لم يغفره بعد مهما كانت أسبابها ..
والآن ما الذي عليه أن يقلق بسببه , لم يعد يعلم حقا !
هل يقلق لدراستها التي جلبت المشاكل لقبيلته الخالية البال , أم يشغل نفسه بالعروض القادمة ..
أم بالثعبان الذي لا يعجبه وضعه و مكسيم يتجاهل الأمر بشكل مثير للريبة .
نفخ بملل وتوقف عن تمارين الضغط التي يقوم بها كل صباح وقد نسي أن يحصي عدد المرات , وألقى نظرة خاطفة لها , ليرى في يدها الهاتف الجوال وتعبث به فأسرع نحوها ليسحبه من كفها قبل أن تدرك ما حصل لها ..
لم يكن هناك ما يثير الريبة فقط اسم فتاة كانت قد اتصلت بها ومن اسمها عرف أنها الفتاة التي سببت كل ما يجري ..
رمى الهاتف على حجرها دون أن ينطق ..
ونظر لها بحاجب مرفوع وكأنه يتحداها أن تعترض ..
وهي لن تعترض الآن رغم أن عينيها تخبئان ثورة وغضبا عارما ..وفمها مزموم بشكل كاد أن يضحكه . ..
وحده من يعلم كم الجهد الذي تبذله لتكون في هذا الهدوء .
وفي هذه اللحظة فقط .. علم السر خلف تنفيذ الشيخ رجب لكل ما تريده هذه الفتاة ..
تلك اللمعة الغريبة التي ظهرت في عمق عينيها ..حتى توقفت عن الرمش بجفنيها , رغم قوة نظراتها وكلماتها السليطة .. إلا أن ذاك الضعف الذي رآه في لمعة الدموع التي تناضل لإخفائها أخبره كم هي ... ضعيفة !
زفر زفرة قوية وأشار لها أن تجهز ليأخذها إلى جامعتها ..
دقائق فقط وكان قد نظف نفسه وارتدى ثيابه وانطلقا بسيارته ..
على الطريق ركزت نظرها على الأوراق في يدها دون أن ترفع عيونها له ..
فقال بوجه عابس
_ كذبتِ عليّ..
لم ترد , ابتلعت غصتها ولم تنظر له كذلك ..
فكرر بهدوء خطر
_ غنجة , أنا أقول .. كنت على وشك الكذب عليّ .
همست بصوت خافت حتى على أذنيها
_ آسفة ..
لكنه لم يسامح . .
_ لم أسمع ..
رفعت نظرها للأمام لتقول بكل كبرياء
_ أنا آسفة يا لمك , لن أكرر ذلك وأخفي عنك شيء مهما كان بسيطاً..
_ هذا جيد ..
قالها برضا وهو يقف بسيارته أمام مدخل الجامعة الكبير , والتف بجسده نحوها قبل أن تنزل ليسأل
_ متى ستتوجهين للشرطة مجددا ؟
وبتردد أجابت
_ لا أعلم إن أحضرت لي الورقة سأذهب اليوم .
هز برأسه , ليضيف
_ عندما تذهبين اتصلي بي لأرافقك ..
أومأت بطاعة ونزلت من السيارة لتخطو نحو الداخل ليرتفع حاجبه مستغربا , فلأول مرة يرى شعرها المجنون قد جمع بشكل غريب أشبه بحبل ملفوف أعلى رأسها .. مظهرا عنقها الطويل ..
فتأفف منها , لا بد وأنها تنوي رفع مستوى الجريمة والخوف عليها لديه , عفويتها العادية بينهم ليست عادية هنا , بل تعتبر جرأة ..
جرأة يخشى عليها منها ..
لكنه ترك المكان ليذهب للورشة , يبدأ عمله ..
مسح وجهه بإرهاق , يبدو أن المسؤولية على كتفيه تزداد يوما بعد يوم ..
مسؤولية غنجة وعمله وخيمة العرض على الأقل مطمئن لوجود ديسم بقربه في هذه الظروف وإلا لكان تاه حقا ..
بينما تلك التي تركها خلفه , فكانت تغلي من القهر ..
قهر على اعتذارها الذي أخذه دون جهد !
نظرت حولها فلم تجد روز كما اعتادت تنتظرها , فأحنت كتفيها واتجهت من فورها نحو القاعة تحجز لنفسها مقعدا قريبا , بينما عقلها منشغل بالاعتذار الصباحي ..
ما يداوي كبريائها الجريح منه , أن اعتذارها للمك حل مشكلتها معه لكنه لم يكن أبدا ليحل مشكلتها مع المجلس لو عرض الأمر عليهم ..
على الأقل دراستها لا تزال بخير ..
لتقضي يومها بوحدة تامة ترفض التودد من الشباب حولها أو الانضمام لمجموعات الفتيات .
أخرجت هاتفها ترسل لروز
( أين أنت اليوم )
لتنتظر الرد طويلا , حتى يئست منه ..
ولعدم رغبتها بالبقاء وحدها لم تجد بدا من الاتصال بلمك لتعود فقد انتهت دروسها لهذا اليوم و روز لم تظهر و لم ترد عليها ..
.............
لليوم الثاني ترفض الإجابة عليه ..
أغلق الخط بإحباط , لقد خطا خطوة يعرف جيدا أبعادها فلم يشعر بالندم الآن ..
ربما لأنه كسر فرحتها برحلتها القريبة ابتسم لنفسه يرفع سماعة الهاتف الداخلي عنده ليطلب من جميلة أن تلغي كل شيء للغد ..
والتقط جاكيت بذلته ليقوم بأكثر عمل متهور أحب القيام به لكثرة ما رآه في الأفلام..
اتجه لتلك المغاضبة التي ترفض الرد عليه ودون أن ينظر لأحد بل لها وحدها تحديدا وقد اتسعت عينيها لرؤيته هنا وهي تراه يتقدم نحوها ملتقطا حقيبتها وبعدها يدها ليجرها خلفه قائلا بصوت واضح للموجودات
_ عذرا آنساتي أريد خطيبتي في أمر مهم ..
لم يهتم لشهقتها المتفاجئة ولا لاحمرارها بينما لم تجرؤ أن تنظر لأحد , منساقة خلفه حتى فتح باب سيارته ودفعها على المقعد ..
ما أن استقر قربها حتى قالت من بين أسنانها
_ ما هذا العرض يا سيد كيف سأقابلهن غدا !
لم يهتم إلا للجزء الأخير إذ ردّ مبتسما
_ هذا جيد إذن تعرفين أنك لن تعودي اليوم ؟؟
كتفت ذراعيها على صدرها مركزة نظرها للأمام ترفض النظر له
_ بالطبع لن أعود بعدما فعلته ..
التوت شفتيه وهز رأسه بيأس
_ صوفي لقد قمت للتو بحركة رومانسية تنتظرها الفتيات وهي أن الميت شوقاً يخطف حبيبته , من المفروض أن تفرحي ! إنها حركة رومانسية..
_ أوه
تأوهت يائسة , لتطوح بيدها صارخة
_ أين الرومانسية في ذلك , لقد ظنوا أني قمت بجريمة ما للطريقة تعلم الطرق الصحيحة نيمار ..
قطبت كمن وعى للوضع الذي هو فيه , لتعود وتهدر بغضب من بين أسنانها المشدودة بقوة
_ أنزلني أيها المخادع .. لا أريد الحديث معك , يا مخادع .. أيها الباحث عن الميوعة أنزلني .. أنزلني الآن ..
لكنه ضحك فقط مكررا
_ ميوعة !
ارتفع حاجبه وزاوية فكه ليذكرها
_ جميلة قريبتي صوفي ..
لكنها لم ترد لتصرخ بجنون
_ أوقف السيارة .. أنزلني إلى أين تأخذني ؟
أمال رأسه ووجه لها نظرة واحدة ليقول بحزم كلمة وواحدة
_ اهدئي ..
زمت شفتيها وعادت لجلستها ملتزمة بالهدوء , وخفقة حمقاء , أبت أن ترد عليها تنبض فرحا لما يحدث ..
رغم اعتراضها على الفكرة ككل ولكن أن يخطفها من العمل معترفا بشوقه ورغبته في إسعادها .. رغماً عنها ابتسمت ولكنها سارعت لإخفائها قبل أن يراها ..
وبعد بعض الوقت , أوقف السيارة في منطقة بدت كمحمية طبيعية لأول وهلة , فاستغربت , وسارعت لتنزل وتقف قربه بينما اقترب منه شاب غريب يرحب به
_ مرحبا بك سيد نيمار كل شيء معدّ تفضل معي ..
ارتفع حاجباها الناعمان عندما وضع ذراعه خلف ظهرها يدفعها لتسير معه وقبل أن تسأل قال بهمس
_ اهدئي ستعلمين كل شيء ...
أطبقت شفتيها , تجيل نظرها في المكان مأخوذة بالسحر , دخلا مكاناً غريبا عليها محاطا بالقصب المرصوف بقرب بعضه حتى شكل جداراً عالياً متراصاً ..
له باب صغير فتحه لهم الشاب وتركهما ليخرج ..
راقبت إغلاقه الباب , وابتعاد نيمار عنها الذي انحنى أمامها بحركة مسرحية قائلا
_ أهلا بك في جنتي التي أعددتها لأجلك ..
اتسعت حدقتيها من المفاجأة , فداخل الغرفة الواسعة القصبية الشكل المفتوحة السقف لتدخل أشعة الشمس بسخاء , رأت طاولة كبيرة عليها كل ما تحبه من أنواع الفواكه والخضار وبالقرب منها مجمرا ضخما تشع النار منه والكثير من الورود المتناثرة في أوانٍ فخارية متباهية بألوانها وأشكالها ..
همست بانبهار
_ متى فعلت كل ذلك ..
ابتسم يسحب كفها الصغير ليتقدم نحو كرسي من الخيزران المزخرف لتجلس عليه
_ عبر الهاتف حبيبتي كل شيء يتم إنجازه..
جلست تنظر حولها بافتتان ولم تجلس ثوان حتى نهضت مجددا تتجه نحو الورود تنحني لها تشم رائحتها , بينما استغل هو الوقت وأخرج هاتفه ليلتقط لها الكثير من الصور العفوية وسط اندهاشها بما هو حولها من جمال ..
وبعد أن وجد أن انبهارها سيطول تخلص من جاكيت بذلته وشمّر كمّيه , وتركها للحظات وعاد يحمل معه كل ما يلزم للشواء ..
وحينها قال
_ حسنا صوفي يكفي تعالي لتساعديني ..
التفتت له برأسها , لترى ما بيده , ونهضت فرحا تصفق بكفيها
_ نعم حفلة شواء كم هذا رائع ..
أكد لها بينما يرتب اللحم
_ نعم رائع وسيكون أروع لو تكرمتِ بالمساعدة ..
لم ترد وعم الصمت المكان عدا صوت النار التي تشب بالأغصان الجافة , فنظر لها ليجدا تنظر له ببلاهة فقطب متسائلا
_ ما بك صوفي ..
لم يتغير جمودها إنما سألت بخفوت
_ أنا أساعدك ؟
هز رأسه بنعم فسألت مجددا
_ وفي هذا المكان ..
وهز رأسه بنعم مجددا , فأغمضت عينيها لتقول بحنق
_ هل أحضرتني هنا لأعمل وأنا غاضبة منك ليكن بعلمك أنا ضيفة الشرف وأنت عقاباً لك ستقوم بكل شيء ..
كان دوره ليقف كالأبله للحظات
_ كم قلبك أسود صوفي ..
التوت شفتيها لتجلس على الكرسي كأميرة متوجة .. فتابع عمله , وهي تراقبه حتى وجدت نفسها تلقائياً تمد يدها وتبدأ بإعداد السلطة وبالخضار الموجودة والتي لاحظت أنها مغسولة بشكل جيد ..
فابتسم نيمار من تصرفها ليسألها بينما الرائحة ملأت المكان
_ ما الذي يزعجك في عمل جميلة معي صوفي ؟
كانت تقطع الخضار بحرفية , أعجبه ذلك , فليست كمن يتكبرن على الطهي وعمل المطبخ , ولكنها كانت ماهرة فيه وهذا يزيد حبها عنده فكم يكره المتكبرات أخذت نفساً عميقاً وبدت له تفرّغ غضبها بالخضار المسكينة وأجبرت نفسها على الرد متذكرة ما حدث منذ فترة
_ لا اعتراض لي ..و لا يزعجني الأمر .
سكت لفترة ثم قال
_ إذن لمَ هذا الجفاء !
نفخت بينما السكين أصدرت صوتا قويا من قوة الاستخدام فكتم ضحكته لترد بصبر
_ الجفاء سببه طريقة معرفتي بالأمر ..
أنهت عملها و وقفت لتقطع الليمون الحامض نصفين , كانت قريبة منه فالخضار موضوعة على الجانب القريب من المجمر المخصص للشواء و بغلّ و هو يفتح شفتيه ليتكلم , ضغطت على الليمونة بكل قوتها لتنطلق عصارتها مباشرة لعينه !
و هو الذي رفع رأسه في تلك اللحظة ليكلمها , فشتم ليغطي عينه تاركا الشواء بينما قفزت لناجيته تمسك كفه الضخم و تفتح عينه لتنفخ فيها بدلال و اهتمام
_ أوه حبيبي لا تقلق الليمون لا يؤذي .. لقد حدث بالخطأ ..
فرك عينه بقوة ليتخلص من الألم داخلها قائلا من بين أسنانه
_ بالخطأ يا صفاء ..
كتمت ضحكتها لتقول بنعومة
_ هيا حبيبي قبل أن يحترق كل شيء أكمل عملك ..
و اتجهت لمكانها تكمل عصر الليمون بابتسامة ماكرة على محياها ..
بينما كانت تلك من أحلا المفاجئات التي حضرها لها نيمار , و تناولت اللحم المشوي بالطريقة التي تحبها بنهم غير مبالية لأصابعها التي امتلأت بعصارة الشواء بينما نيمار يشاركها مرح تناول الطعام دون قيود ..
لتعلو ضحكاتهما و قد ذهب كل ما كلن يعكر الجو أدراج الرياح و كأن شيئا لم يكن..
ليقول متابعا إفراغ جعبته من المفاجئات
_ هل يناسبك الغد لنقوم بتلك الرحلة للغجر ؟؟
قفزت بفرح لتتعلق بعنقه غير منبهة لعينيه اللتان اتسعتا برفض و قد علق كل ما كان على يديها بقميصه الناصع البياض بينما تعلقت به مهللة كقردة صغيرة
_ نعم نعم يناسبنا ذلك , كم أحبك .. أحبك ..
و تركت لشفتيه إكمال اعترافها بالحب ليدمغ ثوبها الأنيق كذلك بما على أصابعه ..
...............
دخلت روز بهدوء بعد اتصال صفاء الذي طلبت فيه منها أن تأتي لبيتهم لأمر ضروري , لقد حاولت طوال اليوم أن تقنع مهاب بالإجابة على الورقة التي أعطتها لها غنجة , لكنه لم يرد عليها , بقي على حاله , ينفخ دخان سيجارته , وينظر للورقة وكأنها تحوي على ما يمكن البوح له , تعمدت عدم الرد على رسالة غنجة حتى تعلم ما نهاية شروده لكن دون جدوى فتركته وحده وقد ملت من تردده وجبنه , لو كان قويا ورجلا بحق لما ورطها في هذا الأمر ..
استقبلتها ناهد بابتسامة ودودة , بينما مالك اعتذر لأنه على وشك المغادرة ..
_ كيف حالك عمتي ..
سألتها رغم إحساسها أنها لا تحبها فأجابت ناهد تقيّم ثياب روز
_ بخير الحمد لله و أنت ؟
نفخت بتعب ولكنها ابتسمت ولم ترد بينما تدخل صفاء تكاد تتقافز في مشيتها لتجلس قربها تقبل خدها بقوة استغربتها روز منذ متى وصفاء تحبها لهذا الحد ! لطالما امتنعت عنها !
لكن السبب أبطل العجب إذ نطقت صفاء من فورها
_ غدا سنزور غنجة لقد فرّغ نيمار برنامجه للغد .
قفزت روز صارخة بفرح
_ حقا تقولين ذلك ..
شاركتها صفاء القفز بحركات طفولية لم تفعلانها من قبل وهنّ صغار !
مما جعل حاجبي ناهد ترتفعان بعجب لحال الفتاتين . . كل هذا تفعله مجرد زيارة للغجر !
ضحكت على حال صفاء التي رفعت ثوبها البيتي إلى ما فوق ركبتيها وحاولت أن ترقص كما كانت ترى على الشاشة بينما روز بشعرها الطويل تمايلت به صارخة أنها تريد أن تستخدم الصباغ الأسود ليصبح مثل شعر غنجة وعلى ذكرها شهقت صفاء تقول لها
_ يا حمقاء كلّميها كي تعلم بزيارتنا .
ضربت روز جبهتها لتخرج هاتفها وتكلمها بسرعة وعندما لم ترد كعادتها أرسلت رسالة تعلمها بزيارتهم ..
لتسحبها صفاء من يدها نحو غرفتها لتساعدها باختيار ثياب مناسب للغد , تضاحكان على حال مالك عندما يعلم أن الرحلة ستكون غدا لا بد سيجن , وقد استقر رأي نيمار على الذهاب بسيارته ..
نظرت روز للثياب بحيرة تقريبا كل ثياب من نفس النوع أنيقة أنثوية طويلة محتشمة ..
واستقر اختيارهما على بنطال واسع وكنزة خضراء اللون واضطرت روز على استعارة بنطال واسع من عندها , فلا تملك أحدهم وعظم ما لديها على الموضة مليء بالشقوق و البهرج والزينة ..
ضحكت صفاء بسعادة
_ من كان يعتقد أننا سنزورهم في ديارهم كم أود أن أتعرف على حياتهم .
جلست روز قربها منبهرة مثلها متسائلة
_ هل تعتقدين أنهم كلهم بجمال غنجة صديقتي ..
قطبت صفاء تسألها بعدم راحة
_ وهل هي جميلة جدا ؟
أومأت روز تؤكد ذلك ضاحكة بعفوية
_ أكاد أقول أنها تشبهنا حقا أحسها قريبة منّا , تشبه ..
وسكتت لحظات قبل أن تقول
_ أشعر وكأنها صورة من قريبتك روان , وكأنها خرجت من الصورة الطفلة لتصبح شابة غاية في الجمال ..
دخلت ناهد التي سمعت هذا الجزء من الحديث صدفة متسائلة
_ ما بها روان !
ارتفع حاجبي صفاء
_ لا شيء ماما , روز تقول أن غنجة تشبهها ..
سألت ناهد بغصة
_ وكيف تبدو هذه الغنجة ؟
نهضت روز من مكانها إلى الممر حيث الصور المنتشرة وأحضرت صورة بعينها لروان وأمها ووالدها المختفي لتشير لناهد وصفاء
_ أتريان هذه ؟ غنجة هي النسخة الكبيرة منها ..
غصت ناهد بدمعتها وتركت لهما الغرفة بينما روح أختها وابنتها حلقت في المكان تطلبان الرحمة لروحيهما ..
أخذت صفاء الصورة لتشير لروان قائلة
_ أنا لا أعرفها أبدا ولا أذكرها ..
تساءلت روز
_ ربما مالك يعرفها !
وضعت صفاء الصورة جانبا
_ لا أعلم , يقول كل ما يذكره مجرد أطياف لا شكل لها فقد كان طفلا هو الآخر ..
وتنهدت بعمق لتوجه نظرة محذرة لروز ترفع إصبعها
_ لا أريد لصديقتك أن تقترب من نيمار إطلاقا ..
اختلجت زاوية فك روز فهذه صفاء التي تعرفها و قالت بملل
_ دعيه يتنفس لن تأكله لك الفتيات ..
طوحت صفاء بكفها لتنهض روز تحمل البنطال بيدها
_ أراك غدا لا تتأخروا وأخبري مالك كي لا يتهرب كالعادة ..
............
بعد حديث طويل بين ميرا وعائشة , قررت ميرا أن تعطي كلمتها لمناف ..
لقد قررت وانتهى , وقبل أن تخرج له مالت على عائشة الشاحبة التي تمسك بطنها المتألم تسألها
_ متأكدة أنك بخير ؟
ابتلعت عائشة ريقها لتقول ممازحة
_ يا لك من محتالة لقد أهلكتني بالحديث عن عريس المستقبل والآن تسألين إن كنت متعبة ..
شهقت ميرا بقلق
_ هل أنت متعبة ؟ هل نستدعي الطبيب ؟
هزت عائشة رأسها بنفي تؤكد لها
_ لقد قالت الطبيبة أن الآلام ستلازمني لفترة , لكنها محتملة حتى الآن صدقيني فقط ادعِ لي ..
قبلت ميرا جبينها
_ أنا أدعو لك كل لحظة ..
وربتت على بطنها المسطحة تلوم الجنين
_ لا تعذب أمك يا صغير فوالدك لن يرحمك أبدا ..
ضحكت عائشة تدافع عنه
_ ومن قال إني سأسمح لوالده أن يقترب منه ؟
_ سنرى .
غمزتها ميرا وتركتها لترتاح وخرجت لمناف تخبره عن موافقتها على خطبة مازن وأنها تريد أن يكون كل شيء رسميا ..
وطالما كانت رغبتها لم يجد مناف بدا من إخبار المعني بالأمر بما تريده ميرا ..
...........
اتجه مالك إلى المقهى حيث اتفق أن يلتقي بجميلة ..
لكنه لم يكن يعلم بشأن المجموعة الضخمة من الشباب والفتيات التي تنوي تعريفه عليهم , لو كان يعلم لما جاء من الأصل ..
ما بها تريد أن تزيد هوّة ما بين أفكاره وأفكارها .. من المؤكد أن لن تستمتع لما يريده وستعتبره هراء فما بالك بتنفيذه !
لم يتمكن من احتمال الأمر أكثر، فأشار لها أن توافيه للخارج..
اعتذرت منهم وخرجت له تحمل حقيبتها الناعمة، متألقة بثوب اسود قصير لامع لم يعجبه ارتداءها له..
سألت مبتسمة.
_ ما بك مالك كانت السهرة رائعة..
نفخ بضجر ليجيبها دون مواربة
_ لا أحب هذه الأجواء..
تأوهت بدلال لتقترب منه فارتفع حاجبيه استنكاراً من قربها الغير مرغوب دون حق..
_ لو كنت أعلم ما كنا أضعنا هذا الوقت هنا..
وشبكت ذراعها بذراعه
_ أين تريد أن نذهب؟
أبعدها عنه برفق، مبتسما بمجاملة ينوي الاعتذار منها للمغادرة , جاءه الإنقاذ الإلهي متمثلاً بهاتف من أخته صفاء التي طلبت منه العودة على وجه السرعة تريده في أمر هام ..
فابتسم لها معتذرا بصدق ليتركها مع شلتها حانقة لأنه اللقاء الثاني لهما الذي ينتهي بهذه الكارثية ..
لكن الكارثة حلّت لمالك حينما علم سبب طلبه على الفور .
وضع كفيه على خصره بمواجهة صفاء ليقول بفحيح غاضب
_ يا لهذه السخافة , لن أذهب معكم ولمَ عليّ ذلك !
صدح صوت ناهد من خلفه بينما اتسعت عينيّ صفاء ببراءة
_ بالطبع ستذهب معهم , كيف سيقدر نيمار على مراقبة الاثنتين وهما بهذا الحماس؟
صرخ بقهر
_ وهذا ما يثير جنوني لا أعرف سر هذا الحماس لمجرد زيارة لأناس يعيشون في الخيام ..
هتفت صفاء بسعادة
_ إنها مغامرة مالك , تعرف على أناس يعيشون معنا إنما حياة مختلفة ألا ينتابك الفضول نحوهم ..
قال من بين أسنانه
_لا ينتابني ولن يحصل أبدا ..
انحنت كتفي صفاء تزم شفتيها باستياء
_ ألن تأتي معنا إذن ..
وقبل أن يجيب أجاب والده عنه
_ بالطبع سيذهب , عمك مطمئن لأنه معكم ..
_ أبي !
ناداه بقهر لكن والده ابتسم له مشاغبا لبكره الباحث عم الكمال ليقول ممازحا
_ حاول أن تبحث عن مباهج الحياة مالك , كفّ عن التزامك بوحدتك ..
وأضاف بمكر
_ جد عروسك وإلا سأبحث بنفسي عن عروس ..
هتفت صفاء بسعادة
_ ستزوج مالك !
اتسعت عيني مالك ولكنه لم ينطق إذ سبقه والده بالشرح
_ لا بل عروس لي ..
وعلت ضحكته بينما الصراخ المستنكر انطلق من فم ناهد , التي لكزته في خاصرته بكل غل قائلة
_ في أحلامك يا سيد أيها المتصابي ..
وضع كفه على خاصرته متظاهرا بالألم ينظر لها بخوف مصطنع
_ لقد تراجعت يا إلهي متى تعلمت هذه الحركة القوية ..
فقالت من بين أسنانها غير متسامحة لمزحته
_ ولدي ما هو أكثر منها ..
عض شفته السفلى بشقاوة ليقول هامسا بعد أن أعطى ظهره لولديه
_ علميني فأنا أحتاج لدروس في الحب و ..
لم تدعه يكمل , فقد احمرت خجلا لتهتف به
_ تأدب وتذكر أين نحن ..
وهربت من أمامه لغرفتها ..
ليعدل من منظره ويلتف بجسده لمالك وصفاء المتابعين للعرض المستمر دائما ينتظران أن ينتهي , وأجلى حنجرته ليقول بحزم
_ خلاصة الأمر أنك سترافقهم والآن اخرجوا من رأسي ..
وتركهما ليلحق بزوجته الفارة, ينوي التعلم منها وتعليمها فلا بد أنها ما زالت بحاجة لبعض الدروس من الحب ..
بينما نظر مالك لصفاء نظرة أخافتها فهربت من أمامه بسرعة تقول
_ سأنام باكراً كي أجهز باكراً في الغد ..
فابتسم بلؤم هامساً لنفسه براحة
_ الحمد لله سيذهب نصف اليوم بينما صفاء تجهز نفسها للخروج كم هذا رائع لأول مرة أحب وقتها الطويل لتتجهز للخروج ..
....................
عادت لخيمتها بعد جولتها المسائية مع كنج كلبها المدلل الذي ظل في الخارج على باب الخيمة، وجدت غالية تنتظرها على العشاء، فجلست قربها على الأرض واقتربت منها لتقبلها على خدها، تلك القبلة العالية الصوت التي تضحك غالية، وقالت تمد يدها للطعام بنهم..
_ أنا جائعة جداً جداً..
_ على مهلك صغيرتي كلي بهدوء..
قالت غالية ذلك وهي تراها تأكل بسرعة..
سألتها غنجة وقد اشتاقت للحديث معها وكأنها لم ترها منذ وقت طويل..
_ هل تنزلين للمدينة خالتي؟
ردت غالية بهدوء
_ لم أنزل منذ بضعة أيام، الجميع مشغول بالعرض..
نفخت غنجة بقهر وتركت الطعام لتقول بغيظ
_ هل رأيت خالتي، أصبحت مجبرة على المشاركة به.
ارتفع حاجب غالية لتقول متظاهرة بعدم فهم ما يجري
_ أخبرني الشيخ رجب أنها رغبتك!
تهدلت كتفي غنجة بيأس، وقد علمت أن لا مفر لها من المشاركة وقالت باستسلام للأمر الواقع
_ نعم خالتي رغبتي..
وسراً لعنت لمك وغيرت الحديث كله لتقول بعد أن فقدت رغبتها بالطعام
_حقاً خالتي لمَ لا تذهبي إلى القرب من الجامعة، ستجدين الكثيرين من الذين يريدون قراءة كفهم..
نظرت غالية لها وسألت بحذر لم تنتبه له غنجة
_ وإذا ذهبت هل ستقولين أني تعرفينني؟
أجابتها بابتسامة عريضة لتقترب منها تدس نفسها في حجرها توقفها عن تناول طعامها، تتمسح بها كطفلة صغيرة، جعلت غالية تعود بالزمن للوراء سنين طويلة، تذكر تلك الطفلة الباكية المنادية لأمها وهي تحاول إلهائها عن ذكرها، لتسكتها وتجعلها تنسى، إلى أن بدأت تستجيب لها، تبقى متعلقة بثوبها إن فتحت عينيها ولم تجدها تبكي بشدة حتى يحمر وجهها وتنتبه لها، لا تقبل الاقتراب من أحد سواها..
تلك الطفلة التي لا تنام إلا على صدرها، لا تأكل إلا من يدها ولا تسمع لكلام أحد سواها.. غنجة.. هل يمكن أن تحب أحداً كما تحب هذه الصغيرة..
خرجت من أفكارها على صوت غنجة ترفع يدها أمام عينيها
_ خالتي.. خالتي.. فيما تفكرين..
هزت رأسها وانتبهت لها لتقول
_ شردت قليلاً فقط..
عدلت غنجة رأسها في حجرها لتعيد
_ كنت أقول لك، إني سأجلس قربك وأجمع الكثيرين لنجمع الكثير من المال..
شدتها غنجة بكفها بخفة دون أن تؤلمها..
_نجمع يا محتالة.. اذهبي وانظري لذاك الجهاز الصغير سمعته منذ ساعات يصدر صوتاً غريباً..
قطبت غنجة مستغربة لتقول
_ ربما كانت روز.. سأرى..
ونهضت لتحقق من هاتفها حيث تركته بعد أن شحنه لها لمك، وفتحته لتجد رسالة من روز تخبرها بقدومهم في الغد!
( هذا ما كان ينقصني ).. همست بذلك تلطم خدها بقلق، وخرجت مسرعة مبتسمة لغالية بمجاملة
_ سأرى لمك لأمر ضروري خالتي..
وركضت إلى حيث تعرف أنه ولا بد موجود، عاد من الورشة منذ بعض الوقت فقد رأت سيارته، والآن سيدخل لقفص أسده العجوز، وبالفعل وجدته هناك يرمي له طعامه.. سمعت صوت فحيح الثعبان فارتعشت وركضت نحوه تقول برجاء لا تعرف سببه
_ لمك أرجوك في العرض حاول ألا أتواجد مع هذا الشيء أخاف منه..
لمس خوفها في صوتها وعينيها ومن طريقة تمسكها دون أن تدري بلباسه مستغربا قدومها إلى هنا لتقول هذا له!
_ كان يمكنك إخباري بذلك خارج الحظيرة..
اخفضت وجهها وشبكت أصابعها خلف ظهرها، بينما بدأت تحفر بقدمها في الأرض دون وعي فعلم أنها بداية غير مبشرة بالخير!
_ حسنا هاتي ما عندك..
أخذت نفساً عميقاً لتقول له، لكنه سحبها من ذراعها بعيدا عن الحيوانات ليجلسها على صخرة كبيرة بالقرب من المكان..
جلست بأدب لتخبره بمضمون رسالة روز..
فتح عينيه على وسعهما، ودمدم من بين أسنانه
_ كنت أعلم أن تلك الروز ستجلب لنا المتاعب..
أغمضت عينيها تشتمه مع روز، وكأنه تنقصها المزيد من المشاكل مع لمك، ألا تكفيها مشكلة الشرطة!
_ صدقني لمك أنا لم أدعوهم هي من نفسها دعتهم وأرسلت رسالة تخبرني بقدومهم..
ضم قبضته وضرب بها الهواء عوضاً عن رأسها التي أراد ضربها وبشدة..
_ اللعنة.. اللعنة..
صرخ بها بقهر..
_ ماذا يأتيني منك سوى المشاكل! لمَ لا تذهبي للشيخ رجب، اذهبي وقولي له عن ضيوفك..
لم ترفع رأسها، أو ترد عليه.. ليهدر بصوت مختنق بأنفاسه الهائجة من غضبه..
_ لا تجرؤين أليس كذلك؟ تعلمين أن ذلك سيجلب لك التوبيخ، و لمَ عليك ذلك بينما لمك الأحمق يهتم بمشاكلك ويتلقى اللوم عنك..
همست بصوت خافت
_ليس لي ذنب في الأمر، هي..
_تبا لها اغربي عن وجهي الآن..
قصف صوته عالياً لتقفز هاربة وقبل أن تغيب عنه هدر مجدداً
_ غنجة ليكن بعلمك بعد ذهاب من تقولين عنهم ستبدأ تدريباتك معي..
شهقت بخوف متسائلة
_ مع الأسد!
تجاهل خوفها مع الحيوانات وقال لمجرد إرعابها حتى تفكر قبل أن تقدم على خطوة متهورة أخرى , والآن عليه أن يتقدم بكفالته أن أولئك الدخلاء لن يقدموا على أي أذية أو تدخل ..
لم يسمح لها بالمجادلة رع كفه في وجهه لتسكت وأدار ظهره , لتركض باكية ترمي نفسها في حضن غالية لا تجرؤ على إخبارها حتى لا تتعرض للومها ..
لم ير لمك ذاك الرابض بالقرب , الذي راقب قدوم غنجة ليلاً إلى هذا المكان مذ خرجت من خيمتها راكضة ..
لم يسمع ما تحدثا فيه .. لكن جن لما سمعه في النهاية , غنجة ستشارك في العرض!
هذا ما لن يسمح فيه أبدا , لن ترقص غنجة أمام العشرات , ولن تكون مرأى للرجال ليتمتعوا بحسنها ..
ليست كباقي الفتيات إنها تخصه فكيف يراها غيره ترقص , وهي التي لم تارك يوما في أي عرض , وما هذا الحديث عن مشاركتها لمك عرضه ..
خرج من خلف الأجمة التي كانت يختبئ خلفها , ليرمي العود من فمه , تلك العادة التي لا يقلع عنها أبدا .. ولحق بلمك ..
تفاجأ به لمك وقد صار أمامه فجأة من العدم , فصر على أسنانه واستدعى قوة الصبر عنده كي لا يرتكب به جريمة الآن ..
_ ماذا هناك ؟
سأله من بين أسنانه ليرد مكسيم بفحيح كصوت ثعبانه
_ ابتعد عن غنجة لمك , أراك تحوم حولها كثيرا في الآونة الأخيرة وحديثك السخيف عن مشاركتها عن مشاركتها في عرضك انسه تماماً.
ارتفع حاجب لمك متسائلا بهدوء خطر
_ وما شأنك أنت بها ؟
ضربه مكسيم على كتفه بغضب من بروده
_ لأنها تخصني ..
وبذات البرود سأل لمك
_ تخصك من أي ناحية ..
وبحزم أعلن مكسيم
_ أريدها ..
_ وراميا؟
التوت شفتي مكسيم بابتسامة مستهزئة يقول بغرور
_ سأعيدها لك ..
وكان رد لمك عليه ضربة من كفه على فك مكسيم جعلت الدماء تنفر من فمه بشكل مقزز , بينما لمك يهدر قرفا منه
_ أيها الحقير , تتحدث عن زوجتك بهذه الوضاعة ..
وقبل أن يتمالك مكسيم نفسه عالجه بضربة أخرى أسقطته أرضا ليؤكد لمك عليه تجتاحه رغبة قوية بقتله
_ وهذا لأجل غنجة التي تخصني , فلا بد أن خبر خطوبتنا قد وصلتك أيها السافل..
وصل ديسم على الصوت العالي حيث كان بالجوار ووقف قرب لمك متسائلا
_ ما الذي يجري هنا .
أخفى لمك رغبته بقتل مكسيم ربما لو تأخر ديسم لكان تخلص منه بخنجره !
وقال بغضب مكتوم
_ لا شيء مجرد قتال ودي ..
وترك المكان بسرعة غير راغب بالنظر لمكسيم مجرد نظرة أخرى , بينما أوجاع الأمس تجددت , تباً تباً .. لقد ملّ كل ما يجري . . تعب وقرف ..
لكن ما يعنيه الآن هي غنجة .. كيف سيخرجها بأمان من مكسيم , فلا يبدو أنه يضمر خيرا لها ..
وهذا ما يخيفه ..
ولو رأى الحقد بعينيه في هذه اللحظة , بينما نفض كف ديسم التي مدها ليساعده في النهوض وقفل مغادرا عنه ..
وقف ديسم بحاجب مرفوع وكف ممدودة ينظر لمكسيم ومغادرته الساخطة , وطيف لمك الغاضب ليهمس
( مجانين هؤلاء أم ماذا )
نفض كفه واقترب من أقفاص الحيوانات ليسألها مبتسما لها
_ أنتم تعرفون ما جرى هنا , بئساً لذلك لن تتمكنوا من إخباري , لكنت حاولت إصلاح ما فسد ..
وبدوره غادر المكان ...
لينقضي الوقت .. لمك ساهر لا يعرف كيف يتصرف يشعر بالعجز ..
وديسم غير مبال سوى بقطيعه الضخم يتأكد من عدده ..
وغنجة أرسلت رسالة لروز تخبرها فيها تفاصيل الوصول لمضاربهم ..
لتغمض عينيها , تحاول النوم لتغفو على الفور وكأن عقلها يهرب من التفكير بالنوم..
لا تدرك ما يخفيه الغد ولم تحسب له حساب ..
................
طرق مهاب غرفة روز مساء , ليدخل لها بعد أن دعته للدخول ..
لم تكن قد نامت بعد فسألته حالا
_ هل أجبت عن الأسئلة ؟
نفى بهزة من رأسه وجلس قربها , ليقول ببساطة ..
_ اشتركت برحلة سأذهب غدا منذ الصباح وقد أخبرت والداي ..
شهقت مستنكرة
_ رحلة والآن !
ابتسم يداعب شعرها
_ نعم روز رحلة لكي أفكر بشكل جيد أريد أن أخرجك من الأمر أنت وصديقتك ..
زمت فمها غير مصدقة
_ ما الذي تنوي عليه .. قام من مكانه ليغادر الغرفة
_ لا شيء , كل خير استمتعي برحلتك غدا ..
وعلى ذكر الرحلة اتسعت ابتسامتها ونسيت كل ما يتعلق بمصيبة مهاب , لترمي جسدها على السرير تستعجل قدوم الصباح ..
بينما مهاب نظر لها يشبع عينيه من النظر لها ..
واقترب بشكل لم تعتده منه قبلاً , ليقبل جبينها ويضمها لصدره
_ أحبك جدا روز ..
استغربت الأمر لكنها شعرت بمدى حاجته لذلك فضمته بدورها
_ وأنا أحبك ..
ابتعد عنها ليخرج
_ غدا أريد أن أستمع لتفاصيل رحلتك كلها..أكدت له بابتسامة , تضع رأسها على وسادتها لتغفو على أمل الغد .. الذي يا ليته لا يأتي ..
..................
دخل مكسيم غاضبا خيمته ليجد راميا , نائمة بهناء في مكانها فاقترب منها بغل ليشد شعرها يوقظها بطريقة همجية كاتما صراخها بكفه الضخم
_ هل كنت تحبين لمك .. كنت تريدينه هو ..
اتسعت عينيها خوفا بينما لم تقدر على النطق تجاهد لفك شعرها من قبضته المجنونة..
بينما هو على يهذي بكلام لم تفهمه
_ أنت كنت تريدينه .. غنجة تريده.. والجميع يريده ..
رماها بقوة على الأرض , فصرخت متألمة وزحفت تحاول الهرب من مجاله ولكن كيف لها وهو يحاصرها بجنون وصوته يقصف بها
_ أنا سأجعله يندم.. سأبكيه على غنجة دماء ..
وبغلّ مجنون انهال عليها يغلق فمها بقطعة كانت معه ليقيد يديها خلف ظهرها و ينهال عليها بالضرب بالسوط كالمجنون ..
دون أن تقدر هذه المرة على إنقاذ شيء من جسدها الصارخ ألما حتى سكن عن الحركة بين يديه , ركلها بقدمه ليبصق عليها مغمغما ..
_ كنت تحبينه .. أنعمي بذلك ..
وغادر المكان إلى حيث ثعبانه فنقله بحذره إلى قفص أصغر يسهل عليه حمله .. تأكد من عدم رؤية أحد له .. وابتعد عن المكان ولم يعد إلا مع الفجر وعقله المريض يخطط دون توقف..
فهو يعلم تلك الضربة ستوجع الجميع ممن استهانوا به يوما ..
وهي على رأسهم ..
نهاية الفصل السابع
......................

شببت غجريةWhere stories live. Discover now