08

545 50 77
                                    

الحديثُ هو أقصر الطرق لنقل الأفكار، لكن من الممكن أن يكون أقلها صدقًا. يمكننا توجيه كلماتنا كيفما شئنا. يمكننا أن نصدق ويمكننا أن نكذب، ويمكننا أن نخفي. هو الطريقة المثلى للتعامل مع الغرباء لأنه يستر المتحدث أكثر من غيره من الطرق.

بقية الطرق التي تجري بين أناسٍ يعرفون بعضهم لمدة طويلة، تلك الطرق السحرية، كالتخاطر والإيماءات ومجرد التحديق، وهناك الذي يقرأ ما خلف الحديث.

للألسن لغة، وللقلوب لغات.

جونغإن دخل المقهى ذو الممر الطويل الذي يحمل أشجارًا في الأصص الفخارية على كلا جانبيه، المكان منفصل ومعزول عن بقية المركز؛ لا يشبهه شكلًا ولا شعورًا. شاهد فراشة تحط على إحدى الأزهار، كم أن هذا المشهد، دون كل المشاهد، يغريه لينسى مهمته ويحدق فيه أطول.

حمل قدميه بفضولٍ ورهبة للقاء شخصٍ هو مثلٌ لييجون. داس عتبة المقهى يلف رأسه باحثًا عنه كما وُصف. لا بد أنه سيكون شخصًا أكثر صلافةً من ييجون عينه. كان هنالك شابٌ يجلسُ حاملًا هاتفه في يده، يهبط بوجهه للأسفل ويرفع عينيه نحو الشاشة، عيناه كانتا واسعتين والنظرة كانت مربكة، وملابسه سوداء بالكامل. ازدرد جونغإن ريقه وواصل البحث، ربما هذا ليس دو كيونغسوو. لكنه كره كون بقية المتواجدين إما في زمراتٍ أو يرتدون الزي الطبيّ. اقترب منه وقال: مرحبًا، أهذا دو كيونغسوو؟

انتبه الرجل ووضع الهاتف من يده ثم وقف وانحنى له، صافحه دون قول كلمة وأشار له بالجلوس. نظرته كانت قد اختلفت عندما حدق به، أصبحت لينة، وعيناه كانتا واسعتيّ الجفن ضيقتي المدخل، مطبق الفم ويكاد لا يعطي حركة حتى يرمش. تحديقته عميقة لكنها صادة. بادر جونغإن: هل ستحب أن تشرب شيئًا.

كان أسوأ سؤال يتم سؤاله لصديق ييجون؛ كيونغسوو رفض عرضه بإيماءة حازمة. لم يكن يشبه يبجون، كان يبدو أقل غرورًا وأكثر وقارًا. واصل جونغإن: إذًا كما تعلم، أدعى كيم جونغإن، حاصل على ترخيص في علم النفس الطبيّ لعام 2023 من جامعة غاتشون، وأعمل في مركز آسان في سونغبا-غو منذ خمسة أعوام. سأكون مدربك اللغوي حتى تسترد فصاحتك.

جونغإن كان ليتوتر من تلك العينين لولا أن لصديقه تشانيول طريقة تحديق مشابهة، ليست بذلك القدر من الرهبة لكنها تحسن الوضع. انتظر ردًا أو تفاعلًا: هل لديك مشاكل سمعية؟

أشار له بأذنيه، وكيونغسوو نفى برأسه. حك جونغإن وجنته وهمهم: إذًا، أيمنك زيارتي في الغد لأجل الفحص؟ إني في حاجة لمعرفة نوع الحبسة، إلا إذا كان ييجون قد فعل فيمكنتي سؤاله.

نفى كيونغسوو براسه للمرة الثالثة. جونغإن وجد صعوبة في فهمه عمومًا. تنهد وقال: أعلم أنك ممن يحملون نظرة خاطئة عن الطب النفسي.

كاد جونغإن يكمل ما يقوله لولا وضع كيونغسوو أمامه هاتفه، يظهر ملفًا إلكترونيًا عنون بـ"دو بونهوا" جوار اسم المريض، و"واحد وستون عامًا" جوار عمر المريض. التقط جونغإن الهاتف وقرأ ما فيه بعناية: هذه وثيقة تصريحٍ لإجراء عملية مضى عليها خمسة وعشرون عامًا.

صه K_BROmanceWhere stories live. Discover now