13

341 40 55
                                    

صندوقٌ زجاجيّ ذو جزئين، التحتي كان يحمل غصنًا بطول ذراع، أعلاه سوسنة حمراء، وتحوم بجانبها فراشة بيضاء بقرصٍ أسود على كل جناح. والعلوي كان صغيرًا ضيقًا يحمل مايكروفون سين هيزر ذو جهة تسجيل واحدة. ويفصل كلا جزئي الصندوق شباكٌ ضيقة المداخل من الألومنيوم. كان قد وضع قُمعًا ليضاعف التقاط المايكروفون، يمتد من حواف الصندوق وينتهي عند شبك المايكروفون.

وضع السماعات على إذنيه وشابك آلاته منتظرًا أن تقترب الفراشة من الزهرة العطرة. وحين فعلت، قام بضبط المسجل ليلتقط صوت جناحيها، وقعت أقدامها الضئيلة على الزهرة مصدرة قرقعةً ناتجة عن إتلاف عدة خلايا من البتلاتِ التي اهتزت، واهتزازها خلق صوتًا أعلى من صوت الفراشة.

تمكن من تسجيل ذلك، سجل فراشة تطير وتحط على زهرة.

قيل له أنه مهندس صوتٍ ليس فقط كوظيفة؛ كان شغوفًا بأدق الأصوات، مرهف الأذنين، ولطالما سمع ما تحت الخمسة ديسيبل وميزه وحلله، ثم وصفه.

قسمٌ من روحه وغرفته كان ستوديو معد ومجهز ليمارس ولعه.

أصغى لصوتِ صفير خافتٍ أشبه بالنفخ، كان قد سجله من مرور الهواء بين قطعتي قماش، إحداهما قطنية والأخرى من البوليستر المتين، والذي وضعه تنبيهًا للأمور الحساسة.

ترك المنبه يعزف الصوت الغير مسموعٍ للبشر، وراح يغير ثيابه لما يليق بالعزاء.

يستعد لزيارة قصيرة لجونغإن، الذي يجلس يمين مقدمة القاعة، جواره تجلس زوجه، وهناك تنتشر رائحة عيدان البخورِ التي أشعلها مسبقًا. المكان كان صاخبًا مقارنة بغرفة المهندس الصوتي حتى مع كونه عزاءً.

جثمان الصبي قد تم حرقه، قبل أيامٍ من احتفال الدول الخاص به. يتذكر جونغإن دروس التاريخ، أن الناس كانت تحتفل احتفال الدول بعد مرور عام على ميلاد الطفل، لأن الصحة كانت معرضة للكثير من المخاطر من الأوبئة والمجاعة والجفاف، وكان عيش الوليد إلى ذلك الوقت يعد علامة على الرزق والنجاة. يفهم هذا الشعور الغابر، في ربع القرن الواحد والعشرين.

أراد الاحتفال بتشوسوك يوم احتفاله، تشوسوك أي احتفال الخريف. بل وأنه خطط للاحتفال بعيد ميلاده الثاني والثالث والرابع، وحتى غوهي وتشيلسون وبالسون.

كان الناس يمرون أمامه ويعزونه مظهرين الكثير من الحزن، يعلم كيف أنهم يتحاملون ليظهروا ملامح مشابهة في حين كان بعضهم يقول له أن موته أفضل له. ليتهم يتوقفون فليس هذا ما يريده، شكرًا لتعاطفهم، لكن ليس هذا ما يرجوه منهم.

يريد شخصًا كتشانيول المعتاد، يخبره أن ما حصل كان جيدًا له. لكن حتى تشانيول اليوم محبط وثقيل العينين. تنهد يشرد عمن يقدمون له العزاء، لتصير تلك الغومو صوتًا لا تعدو أهميته أن تشعره بدبيب الحياة حوله.

تشانيول كان قد اقترح عليه عملية زراعة القلب الذي كان صحيحًا يعود لتشولمو، لكنه رفض، لأنه طبيبٌ ويعرف كم من الأخطار والمضاعفات التي تتلو تلك العملية. المريض في المتوسط قد يعيش عقدًا ونصف مع القلب الدخيل، هذا إن تمكن من العيش معه أصلًا. كما أن الولدان بعمرٍ أقل من العام، ليسو بتلك القوة لتحمل عملية مشابهة. لكن ليصدق مع نفسه، تمنى لو وافق على العملية لأنه يشعر أن عناده ضدها كان سببًا في وفاة ابنه.

يضع الرجال أيديهم اليسرى على اليمنى وتفعل النساء العكس، ثم ينحني المُعزي له ولزوجه أربع مرات، تواتر الحدث أمامه ومروا كذلك على والديه ووالديه في القانون. كذلك زملاؤه حضروا، تشانيول وطبيب التخدير الذي لم يتعرف عليه وتلك الممرضة وحتى يوجين. المفاجأة هي أن ييجون كذلك حضر، انحنى له مرتين وقال بهدوء: إنه لدى السماء ملاك، فلا تحزن.

أومأ جونغإن له وحنى رأسه شاكرًا، عندها تلاه شخصٌ آخر، انحنى ولم يتحدث، إلا أن انحاناءته كانت طويلة بعض الشيء، ذلك كان دو كيونغسوو.

جونغإن فهمه، فهم أن طول انحناءته كانت مواساةً وتعاطفًا مُعززيَن. فهمه دون أن يتحدث، من ثالث لقاء. إنه لم يحضر الجلسة الثانية حيث كان يفترض بدءُ التأهيل، تخلُّف كيونغسوو لم يكن شيئًا جليلًا يومها، لكن الآن شعر أنه مثل جانغ سوآه، كلاهما يتجنبان العلاج لأنهما لا يريدان الشفاء، جونغإن كان غاضبًا من ذلك.

جونغإن غاضب من الأناس الأنانية التي لا تريد حل مشاكلها لتحضى باهتمامٍ أكبر. لو كانت سوآه ذاتها تحدثت برغبتها في الطلاق ما احتاج جونغإن إلى أن يقترحه، بالتالي لن تغضب هارين منه، وكيونغسوو لو كان فقط أتى أو أشعره برغبته في الغياب، لكان لديه الوقت في تفقد ابنه وربما اقنعه تشانيول بزراعة القلب.

جونغإن كان يكره المرضى الذين يستمتعون بمرضهم بالفعل، لكنه الآن صار يحملهم شيئًا من الفراغ في داخله.

هم بطريقة ما سلبوه هدوء عيشته وقرة عينه.

_____

كاي: مرحبًا جميعًا كيف حالكم؟

ديو: نأمل أن جو العزاء أمتعكم.

كاي: لا تستمعوا إليه.😅

ديو: على ذكر الاستماع، ما هو أقل مستوى صوتٍ يمكن لأذن الانسان تمييزه.

كاي: 5 ديسيبل.

ديو: ما هو احتفال الدول والتشوسوك وما هو الغوهي والتشيلسون والبالسون.

كاي: دول هو احتفال بأول ذكرى ميلاد للطفل. تشوسوك هو احتفال الحصاد الخريفي. بينما غوهي هو الاحتفال بعيد الميلاد الستين، وتشيلسون الاحتفال بعيد الميلاد السبعين، وبالسون الاحتفال بعيد الميلاد الثمانين للشخص.

ديو: هذا كبيرٌ للغاية.

كاي: أجل، لذا كانت الاحتفالات المقامة جديرة بالتقدير.

ديو: ما هي الغومو؟

كاي: الغومو هو نداء العزاء.

ديو: إذًا-يلتفت-هل تعتقدين أن هناك من يدعي المرض لأغراض التملص من المسؤولية؟

كاي: ما رأيك؟

صه K_BROmanceWhere stories live. Discover now