17

341 34 49
                                    

فتحَ النافذة، ليتسلل صوت الحياة في الخارج، إلى الغرفة الساكنة. فتح العلبة الزجاجية ذان الغطاء الشبكيّ، لتحلق من داخله فراشته البيضاء. راقبها لوقتٍ قصير بينما ما يزال يستطيع إدراك حركة جناحيها، هي ربما تمتلك عضلاتها الحركية في أعلى ووسط الجناح، لذا يصدر عن كل خفقة صوتٌ كرفيف العلم الصغير.

كل ما فيها كان زاهيًّا، يدب بالحياة، رغم أنها تحتوي فقط اللونين الأبيض والأسود. تذكر بداياتها، كانت يرقة قبيحة، منذ أسبوعين. يعي أن لا شيء يبقى كما هو مع مرور الوقت، وبما أن أصوات الفراشة متناهية الصغر، فإن وقتها محدود للغاية كذلك. كذلك هو، حين كان صغيرًا بحجم اليرقة كان براقًا حيويًّا ثرثارًا، لكنه الآن لا يستطيع الحديث.

يريد الحديث، في روحه هناك شيء مكتض، لكنه أُمر بالصمتِ مرارًا، وبعد أن صمت فعليًّا، لم يعد أحدٌ يغضب عليه، ولم يعد الآخرون يبدون إنزعاجهم منه، ولم يعد أحدهك يخبره أنه غير مراعٍ أو جارح. وجد أنه لمن المريح التحلي بالسكوت أحيانًا، لكن هذا يختلف كثيرًا عن العجز الذي يعانيه حديثًا.

فراشته الي رباها ليسألها عما يمكنها سماعه حولها، قد طارت بعيدًا. أغلق النافذة واتجه نحو الجزء المعزول من الغرفة، جلس في كرسيه برويّة وأمسك علبة شريط معدنية، نتهد لأنها وثلاثين قطعة مشابهة قد تلفت، آخذة معها فرصة نشر برنامجٍ كامل متعلق بالميلاد وشهره.

انكب عليه ليومين يحاول إصلاح ما تلف، كان الشريط قد تصلب، كما أن الصوت كان يهبط فجأة. جلب جهاز التسجيل إلى منزله، ليتمكن على الأقل من نسخ الأشرطة، لكن ذلك انتهى بتفتت أجزائه، لا شك في أن صاحب البرنامج سيتكبد خسائر طائلة، ويقلق كيونغسوو أن يتم جره في هذا.

مشكلة الأشرطة كانت في توزيع برادة الحديد، كيونغسوو كان بإمكانه صناعة شيء أفضل بإمكانياته، لكن صاحب البرنامج اختار نوعًا رخيصًا من الأشرطة، قائلًا أن لا أحد سيلحظ رداءة الصوت بينما البرنامج يشمل مصورين جيدين، ومناظر خلابة. أهمل الصوت، وكيونغسوو لم يستطع الاعتراض آنها.

حدق حوله بمناجاة، تزاحم الأشياء هنا قد يخبئ فكرة ما، أجهزته الثقيلة والأسلاك والسماعات والمايكروفونات، هناك كذلك قطع لتنقية الصوت وأخرى للتخلص من التشويش، آلات موسيقية حتى لو لم يكن عازفًا، هو سيجد أنه من الممتع اصطحاب المطربين من مقر عمله إلى منزله للحصول على أفضل نتيجة، وأنقى صوت، هناك كان قد رتب عدة أسطوانات لموسيقيين كان قد سجلهم من قبل.

ابتسم حين كان هذا المكان الجميل هادئًا، يسمع له بحياكة صوتٍ دافئ في عقله، لكل غرضٍ على حدى.

ضرب طرف الطاولة بإصبعه ووسع عينيه، لديه فكرة! ماذا عن أن يقوم المنتجون بتقديم البرنامج كبرنامجٍ وثائقي، يعاد تسجيل المعلومات بصوت نفس المذيع، ويمكن لكيونغسوو خلق أصواتٍ مشابهة لأصواتِ الخلفية، أصوات الآلات والنوافير والأحصنة والأسماك.

البرنامج كان يحمل اسم "منتجع إفرلاند تحت الثلوج" والذي صور رحلة في جميع أقسام المنتجع. أمسك بطائرٍ معدني ذي ساق طويلة، كان يدنو ويرتفع ويدنو ويرتفع كأنه يشربُ من كأس. ذلك الطائر لم يكن يتحرك في غرفة كيونغسوو حتى الآن. أطلق سراح ساقه وحركه، كان قديمًا بعض الشيء، لذا صوت صرير ساقه كان واضحًا، أغمض عينيه وأمعن السمع.

إنه كصوتٍ صرير الدولاب الضخم، كأضعافه صغرًا، وكيونغسوو يهوى مضاعفة الأصوات الرقيقة. وصوت الصراخ لن يكون صعبًا جلبه من أي مكان. إن استطاع فعل كل هذا فسيمكنه إصلاح البرنامج قبل نهاية العام، ثم سيتم عرضه.

أمسك هاتفه وكتب خطابًا منمقًا يعرض فيه فكرته، ثم قام بإرسالها لمديره. بعدها تفقد ما لديه من رسائل.

اثنتان من ييجون، يخبره بموعد التصوير المغناطيسي للدماغ، وفقط. أسفلها بغرفة دردشة واحده، كان جونغإن بدردشة فقيرة المستجدات.

دخل الدردشة التي احتوت ثلاث رسائل فقط، أولاها من كيونغسوو، يخبره أن هذا رقمه. يتذكر أنه حين قابله أول مرة كان يشعر بالحماس، لمعرفة الإفتراض الحقيقي للطبيب النفسي، والذي فاجأه بمظهره الأكثر من عادي، وبقدرته على إبداء كل استيائه وحماسته، لم يكلف نفسه عناء التصرف بلباقة لإقناع من أمامه.

تاليها من الرسائل كانت من جونغإن، في يوم مقابلة بطل كرة القدم، الذي تخلف فيه، كتب في الأولى: "كان لديك موعدٌ اليوم، لكنك لم تأتِ، إن كنت مشغولًا لأمرٍ طارئ يمكنك ذكر هذا لكي أرتب جدولي" وفي الثانية التي تلتها بساعة كان قد كتب: "أنا لستُ طبيبك بل مدربك، لذا إن كان جو المشفى يزعجك، يمكنني القدوم لمنزلك مساءً. أعطني عنوانك إن أردت" وهذه كانت آخر ما وجِد.

خلاف المتوقع، كيم جونغ إن كان شخصًا مبادرًا وحليمًا، لا يشبه ييجون البتة. لكنه البارحة كان مختلفًا بعض الشيء، كان يبدو أقل صبرًا وطاقة، وليس السبب مجهولًا.

احترم كيونغسوو كونه يتصرف كفطرته، حتى لو بدى أقوى من بقية الناس، هو كان قادرًا على قول "أنا أشعر" بكل وضوع، كيونغسوو سمع ذلك الصوت الخفيّ.

لقد هدم جزءًا من صورة الطبيب النفسيّ في ذهن كيونغسوو.

فتش في تلفيفات دماغه عن صيغة جيدة لطباعة ما يريده، لم يكن يفقد تلك القدرة منذ دقائق حين أرسل إقتراحًا لمديره، لكنه ليفعل هذا مع جونغإن لأنه كان عليه نفض الكثير من الأفكار التي تصب في قدح واحد، إن شربته امرأة حبلى لولد رضيعها ناطقًا بكرهه لأطباء النفس.

حدق في نقطة واحدة لوقتٍ لا بأس به، دون أن يتحرك. حتى واتته فكرة ألا يبتكر شيئًا أكثر مما يعرفه، أي لن يعامل الطبيب إلا كما عامله، وعليها كتب: "يا مدربي، إن كان جو المشفى يضايقك، هل يمكنك القدوم لمنزلي لاستكمال التدريب؟"

ثم قام بإرسالها. بعدها استعد لإمضاء بقية يومه يعمل على تسجيل وإنتاج مقابلة كاملة لنفس مذيعه حاد الصوت.

_____

ديو: مرحبًا.

ديو: أنا حقًا لا أحب كاي إلى تلك الدرجة.

ديو: هو مغفل.

ديو: وداعًا.

-استطاع إطفاء الكاميرة-

صه K_BROmanceWhere stories live. Discover now