11

356 41 19
                                    

وضع العدة باكمالها في زاوية الغرفة العازلة للصوت، سحب الأسلاك الملفوفة ووضعها في الأرض، أعاد نظارته التي كادت تسقط لقمة أنفه. ثم خرج مجددًا ليشير للعاملين بإدخال الجهاز الدامج ذي المداخل الكثيرة، وفوقه جهاز ريل باسطوانتين معدنيتين يلف بينهما شريطٌ من البوليستر، شابك الأسلاك ببعضها ثم سحب سلكًا طويلًا في طرفه كماشة صغيرة وكرة اسفنجية سوداء، وضعها على أحد الكراسي جوار جهازها اللاسلكي، ذلك كان المايكروفون الذي يحبه ويحب كل ميزاته، سين هيزر إم كي إتش 815 تي، كرر اسمه في ذهنه يفتح حقيبته ويخرج واحدًا مشابهًا واضعًا إياه في الجهة المقابلة من الطاولة.

أحضر لوحة التوصيل وشابك بين الأجهزة، حسب أبعاد كرسييّ المتحدثين ثم رفع استقبال الكرسي الأبعد. بعد وقتٍ قصير كان فريق التصور قد دخل الغرفة، والإضاءة أصبحت الضعف بينما كانوا يثرثرون ويعملون، أحدهم تقدم منه يحمل ورقة: دو كيونغسوو، لدي هذه التعليمات لك.

أعطاه إياها ثم انصرف يكمل ما يقوم به، مكتوبٌ فيها أن المقابلة ستجري بين المقدم الذي يعرف صوته المرتفع الحاد وضيفٍ هو لاعب كرة قدمٍ قومي، شخصٌ ذو صوتٍ جهورٍ، سيكون من الصعب ربما إيجاد طريقة لدمج صوتيهما مع لحنٍ خلفيّ. إن اختار موسيقى رياضية سيجدها تشوش صوت المذيع، وإن اختار شيئًا كلاسيكيًا فسيكون قريبًا من صوت اللاعب.

انتظر قليلًا حتى حضر المذيع وضيفه، هناك طُلب منهما إرتداء المايكروفونين. تحدثا كلٌ على حدة ليجرباهما، وكيونغسوو الذي كان قد ارتدى سماعة كهروديناميكية بدأ يحرك زريّ الماستر ليوازن الصوتين.

كانا يتحدثانِ عن آخر مباراة ومواجهة، لم يكن كيونغسوو يحب كرة القدم، لكن كان عليه أن يصغي لها، استمع لهم جيدًا، يحاول أن يبقى يقضًا لوقتِ يُرتفع صوتاهما أو ينخفضان، أصابعه موضوعة على لوحة التحكم تحسبًا.

تحدث اللاعب عن تدريباتهم مؤخرًا وذكر مدربهم الجديد، وعد الجمهور بمفاجآت قريبة وعمل جاد، والمذيع كان يشاركه الحماس ويهتف له من وقتٍ لآخر. كيونغسوو وجد الشغف الذي يحملانه يستحق الإصغاء؛ ابتسم وأمعن في صوتيهما السعيدين.

انتهت المقابلة وتوقف كيونغسوو عن التسجيل، فتح حاسوبه وبدأ عملية المونتاج في نفس الغرفة، قرر إنهاء ذلك سريعًا وتسليمه ليتمكن من لحاق موعده الثاني مع الطبيب.

أخفض صوت المذيع عمومًا مبقيًا صوت اللاعب أكثر علوًّا. أضاف مقطوعة رياضية صممها مسبقًا لحالة مشابهة، كانت تحتوي صوتًا حماسيًّا حادًا في الخلفية، وصوت أوتارٍ متباعدة الفواصل الزمنية، وأضاف إليها صوتًا هادئًا عميقًا منخفض النوتة.

سمع بداية المقطع ليلحظ أن الصوت يعاني خللًا في التوقيت، ارتعب واتجه نحو جهاز الريل، تفقد الشريط البوليستري الذي كان قد تمدد قليلًا بسبب الحرارة حينما حُمل في السيارة.

لكن لحسن حظه أن الخطأ ليس خطأه، بل خطأ الناقل إذ لم يخزنه كما يجب. الحلقة ستُبث في الغد، لذا لديه زمنٌ جيّد لإعادة نسخ الشريط ثم العمل على إنتاج صوت الحلقه، وضب في حقيبته عدته الخاصة، وكان قد استعاد مايكروفونه. سين هيزر، المايكروفون المكثف، شديد الحساسية لأرهف الأصوات، يلتقطها من مساحة واسعة حوله، وهو الأكثر مرونة من حيث الشكل، إذ هناك منه ما يمكن إخفاؤه في الملابس.

عاد لمنزله وبحوزته الشريط الخاص بحلقة اليوم، وضعه على طاولة مستديرة وسط الصالة، كان هناك حمامٌ يسار المدخل، وبعيدًا عنه كان مطبخ نصف مكشوف، وأمام الباب الرئيسي غرفته التي حوت أغلب أثاث المنزل، حوت كذلك حاجزًا زجاجيًّا يحبس قسمًا صغيرًا من الغرفة، داخله نام بيانو إلكتروني جوار قيثارة معدنية في حمالتها السوداء المشبكة، وهناك أسلاك تتصل بأجهزة متفاوتة الأحجام، وهناك ثلاث قواعد مايكروفونات، وعدد لا يمكن حصره من القطع الصغيرة؛ بدت تلك البقعة مكتضة.

فتح حاسوبه المحمول وارتدى سماعاته بعد أن استحم، نسخ الملف ثم وضع منه نسخة أخرى، كان طوله نحو الأربعين دقيقة، لذا فكر بتركه والذهاب للطبيب، فلن يتطلب منه الكثير من الوقت.

فكر لدقيقة واحدة لا أكثر، إذ ما كانت ستظهر بضعة أخطأء في المنتصف تجعله لا يستطيع تقديمه في الوقت المناسب، إنهم كانوا لطفاء حين رخصوا له العمل في منزله حيث يرتاح لهدوءه، لذا لن يخونهم وسيعمل بجد الآن.

أرهف أذنيه وواصل رصد الأخطاء، وضع الأقلام على الكلمات الغير مرغوبة وأزالها، فصل المسارات ثم أضاف التأثيرات والموسيقى الخلفية، استغرقه هذا ساعة ونصف، وساعة إضافية قضاها في عملية البحث عن أخطاء في مونتاجه. حتى لو لم يعني الأمر أي شخصٍ آخر، ما تزال أبسط عثرة تعتبر غلطة لا تغتفر.

قام بتحميل الملف ثم إرساله للمسؤول الإخراجيّ، انتظر ساعة أخرى ليأتيه الرد. أثناءها قام بطبخ الأرز ونظف منزله ثم جلس يتناول طعامه. أتاه الرد بالاستحسان مع القليل من طلب التعديل، عدل ثم أعاد إرساله وانتظر مجددًا، وعندما حصل على الرد كانت مهمته قد تمت بعد نحو الأربع ساعات ونصف، ونسخه لئلا يفقده. عندما انتهى خلع نظارته السميكة وأغلق حاسوبه واتجه لفراشه، نام بإرهاق.

_____

ديو: مرحبًا جميعًا..

ماذا؟

ألم تتمكنوا من تخمين وظيفتي؟

فقط هي شيء لا تنتبهون له عادة..

لكنه مهم..

لا نلقى عليه الثناء..

لكنه شاق.

صه K_BROmanceWhere stories live. Discover now