حطت فراشة بيضاء على إحدى أزهارِ الليلكِ الغربية الشائعة الأرجوانية، الموضوعة خارج النافذة المفتوحة، الستائر البيضاء الرقيقة كانت تخفق تجاه الغرفة الفارغة في مركز آسان، في الساعة الرابعة عصرًا، حيث يفرضُ وجود جونغإن وكيونغسوو.
البارحة كيونغسوو تخلف عن الموعد ليتمكن من إنهاء عمله ثم النوم لثلاث ساعات، بعدها استفاق ليقوم بنسخ الشريط البوليستري لآخر مصنوعٍ من السيليلوز لكيلا تظهر المزيد من الأخطاء، البارحة كان قد وجد رسالة من الطبيب، يخبره أنه تأخر عن موعده وأخبره أن يرشده على عنوان سكنه ليكملا الجلسة هناك إن رغب.
كيونغسوو مع كونه لا يستلطف الزيارات، لكنه وجد اقتراح الطبيب مراعيًا، ويشعره بالخجل لأنه تخلف دون إشعار.
اليوم هو قد أتى، لكنهم أخبروه أن الطبيب كيم جونغإن لن يتمكن من لقائه. هز رأسه للموظفة وانسحب. أحدهم ندهه: كيونغسوو-يآه.
التفت إلى الصوت المألوف، انحنى باسمًا للذي تابع: لسوء حظك كيونغسوو، لقد أجاز المركز لجونغإن الراحة لفترة. لكنني وجدتُ أخضائي نطق جيد في مشفى دونغآ، هل لا بأس لديك بزيارة بوسان معي من وقتٍ لآخر؟
كيونغسوو كان قد استلطف أخيرًا شيئًا فعله الطبيب الأسمر، طبيب النفس. كان قد تلهف قليلًا لرؤيته بعد أن وجده مريحًا، لديه القليل من الفضول تجاه ذلك الطبيب الذي لم يعامله بجفاءٍ بالرغم من كونه مناهضًا لمجاله. لمَ فجأة احتاج للراحة ولم يكن يبدو عليه التعب حتى؟
أصابه استياء من كونه ربما لن يرى الطبيب الأسمر مجددًا. تنهد يجذب انتباه ييجون: إن كنت تجد المسافة كبيرة من يونغسانغ-غو إلى بوسان وأنت مرتبط بأعمالك فلا بأس، يسعك الانتظار لجونغإن.
لا بأس إن كانت المسافة، لكنه أوماء إيجابًا. لا يهم ما هو العذر الذي سيوصله للنتيجة، ففي النهاية يصعب عليه الشرح. لا بأس كذلك بالانتظار في حين يفهمه فريق الإنتاج. لم يعتد أحدً على كون كيونغسوو شخصًا ثرثارًا، بل حتى أن بعضهم ربما يجهل كونه فقد النطق. أُشير إليه بغريب الأطوار أحيانًا، لكنه كان يشعر بالراحة.
التفت بوجهه لييجون يقطب حاجبيه ويرفع كتفه. ييجون خمن: ألديكك استفسار؟
مد كيونغسوو يده للممر الثالث، الذي تظهر في نهايته لوحة معدنية على باب باسم الطبيب الأسمر. قال ييجون: إن تمكنت من ملاحظة اسم جونغإن من هنا، فلديك ذاكرة صورية جيدة. أتسأل عنه؟ متى يعود؟
زم كيونغسوو شفتيه يؤكد ما قيل له. أجابه ييجون: لا أعلم تحديدًا، لقد فقد ابنه مساء الأمس، لذا إبعاده حاليًّا سيكون أفضل.
جعد كيونغسوو جبينه وضيق عينيه بألم، أحقًا حصل هذا له فجأة، لا شك أنه ليس بخير الآن، عاد أدراجه يفكر بما حل به، هل كان ابنه مريضًا قبل ذلك؟ هل كان بخيرٍ حين سأله جونغإن عن عنوانه البارحة؟ هل جونغإن الآن بخير حيال ذلك؟ هل تخصصه أفاده في التصدي لهكذا صدمة؟
جد كيونغسوو مرة قال له أنه سيموت يومًا ما، وهو كان يخبر جده أنه لن يفعل، قال له بوضوحٍ أنه سينتظره حتى يكبر ويصبح في سنه ويتمكن من مناداته باسمه الأول ودون كلفة، عندها كان في السادسة، وبعدها بعامين، جده توفي إثر نزيفٍ بسبب جرح كبير في ساقه، قبل ذلك كان قد فقد مرحه وحبه لحفيده، وعوده وقصصه الخيالية، حبه للغناء في كل مكان، ونصائحه الحكيمة.
سمع والديه يتحدثان عن كون أطباء النفس هم الملامون، فقد أصاب جده وسواس قهريّ، والعلاج كان كثيفًا وزاده علة. كيونغسوو أراد البكاء والصراخ وشتم الأطباء حين سمع ذلك، لكنه أُمر بالصمت، ساعتها بكى وبللت دموعه الهانبوك الأبيض الخاص بالعزاء أمام جثمان جده. ذلك الصوت الذي أراد الخروج باستماتتة كان يتسرب عبر شهقاته، تحول لغضبٍ ثم مات حتى اليوم.
فقد الكثير بعد أن توفي جده، تعاطف مع الطبيب الأسمر حين وجد نفسه يألف شعوره. أشفق عليه وصلى له في سره. ثم سخر من نفسه الذي ما يزال يفكر، في كيف للطبيب النفسي إنقاذ نفسه، بشيء من الثقة حول وجهة نظره كون الطب النفسي جليّ النقص.
للحظاتٍ أراد رمي كل ما يعرفه ويكرهه في الطب النفسانيّ ويقدم التعازي للطبيب. أراد ألا يصبح الإنسان في داخله عنصريًّا. لكنه سرعان ما عاد لرأيه، هو لن يتعاطف مع من آذوه بجده، فقط سيتعاطف مع الطبيب الأسمر ذي الخصال التي تبدو مختلفة عن أطباء النفس في مخيلته.
كان يمشي حذو النهر متجهًا للجسر، ليعبر من سونغبا-غو إلى يونسانغ-غو حيثُ منزله. أخرج هاتفه وقام بإرسال طلب لييجون: هلا أعطيتني عنوان قاعة العزاء؟
جونغإن استحق التفاتة كريمة، ردًا على الاهتمام والترفع الذي أبداه في زمنٍ قياسيّ.
_____
ديو: مرحبًا مجددًا.
دعوني أخبركم عن أشرطة التسجيل الصوتي، هناك نوعان منها حسب المادة المصنعة: البوليستر والسيليلوز.
البوليستر يعد أطول عمرًا وأكثر متانة، لكنه قابل للتمدد فبالتالي تشويه الصوت.
أما السيليلوز فهو هش قليلًا وقابل للقطع والتلف بسهولة، لكنه جيد للاستخدام لفترة قصيرة
سونغبا هو الحي الذي يحتضن مركز آسان الطبيّ أما يونسانغ فهو الحي الذي يقابله خلال نهر الهان، أي أن المسافة ليست بعيدة بينهما.
على كل حال، لن تهمكم هذه المعلومات، لكذا كيف كان يومكم؟
كيف وجدتم حضوري؟
دمتم بخير. ㅎ❤ㅎ
