| 19 |

1.4K 128 16
                                    

على الرغم من أنَّها غالباً ما تكونُ في أعماقِ البؤس، مع ذلك هناك هدوءٌ و موسيقى داخّلها، موسيقى بائسة.

..

شيءٌ ما في رأسِها يتداعى؛ ربما التفكيرُ المُتواصل قد يُعجِّل من إنهيارها! أو قد ينتهي بها الحال إلى جانبِ والدتِها حيثُ تقبع... في المشفى

كانت هادئةً بشكل مهيب، تسند رأسها على نافذةِ الطائرة دون إنفاقِ نظرةً عليه و البؤسُ يحُوز الجُزء الأكبر في ملمحِها الغاني
همهم بعد أن أخذ القلق يسيطر عليه متسائلاً :

" هل أنتِ بخير؟ "

" أنا الخيرُ لكنّي لستُ به "

كم كان هذا اليوم سيءٌ، مُتعبٌ و مقرفٌ جداً بالنسبة إليها! تشعر كما لو أن الحياة قد أغلقت كافّة طُرقِها بوجهِها و لم تدع لها طريقاً يمكنها التنفس خلاله بِراحة

أحسَّت بيده تُرخى على يدها بمهلٍ كما لو أنه يُشفقُ عليها و على وضعِها لتنزل دمعةً يتيمةً على وجنتِها مَحَتها بسرعة، لا تريد منه أن يشعر بضعفِها و وهنِها أو عجزِها

أبعدت يده عن خاصتها بخشونة ليقبض على يده بقوة و إلتزمَ الصمت، مُدّة من التحليق المتواصل لتحُطَّ الطائرة داخل المطار هابطة، عدة إجراءات مزعجة أتمُّوها ليهبّوا خارج المطار حيث وجهتهم -المشفى-

حالَ وصولهم سارت داخل المشفى تبحث عن هيئةٍ واضحة لوالدها، تتلفتُ هنا و هناك تحاول إبصاره بلهفة و الشوقُ يتغلب عليها لكن سُحقاً! فلم تستطع إيجاده

" هما ليسا في هذا الطابق "

وقفَ جانبها و نبسَ ليُشير إليها بالسير ورائه، خَشَّ جسديهما المصعد لتُغلق أبوابَه و لم تفتح إلا حينما وصلا الطابق المقرر

حالَ خروجهما تعجبت مِمَّ ترى، الأطباء يتراكضون هنا و هناك و الفوضى تعِمُّ الأرجاء، في تلك اللحظة شعرت كما لو أن أحدهم غرسَ في قلبها نصلٌ حادّ قاصداً نزيفه حدَّ خروج الروح من جسدها

أقبلَ إليها و احتضنها خاشياً من أن يكون تفكيره صائباً و أنها قد تعيش بقية حياتها دون والدةٍ تعتني بها، على حين غرّة شُوهِد والدها يتكئ على الحائط و عيونَه تتلئلئ بالعِبرات الأليمة يحاول إخفائها قدر المستطاع لكن عبثاً

فكيفَ يمكن للإنسان أن يقولَ -وداعاً- للأُناس التي يحبّها بدون أن تكون بطريقة مأساوية، بلا بكاءٍ مَلموس لثلاثِ ساعات، بلا بكاءٍ مَحسوس في القلب، يمتدُّ العُمرَ كُلَّه؟

..

Warmth || دِفـــئ Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora