الفصل الثالث

750 15 0
                                    

وضعته بعنفٍ على الجانب الإسمنتي للطريق ...عنفٌ آنت له أضلعه ليصرخ بقوة:
-" مهلكِ...هل تُريدين أن تكسري المُتبقي مني؟"
-" يا لك من طفل...خذ!"
أجابته دون أن تهتم لآلامه وهي تُقدم له خبزا
-" هل هذا كل ما استطعتِ تدبره؟"
-" أوه سموك...دقائق ويرن الجرس...التوصيل بطيء هذه الأيام...أوه نسيت ليس لدينا جرس لأن لا باب لدينا..." أجابته بسخرية
-"هاها فهمت ...فهمت...يا إلهي...وكأنك بلعت مسجلة...ألا تسكُتين..." قال وهو يتمسك بالقضبان الحديدية للجسر ويستوي جالسا بصعوبة...سكن ينظر باتجاهها وهي تُجيبه بمرارة
-" وماذا سأفعل...تعودت على التحدث مع نفسي...وإلا سأجن من التفكير..."
مدت له القليل من الخبز ليستطرد بشرود
- " اذن يا سراب...ما قصتكِ؟" هو ينظر إلى الجدية التي تتحدث بها..."أخبريني عن نفسكِ "
-" ليس هناك ما أخبرك به..." أجابته وعيونها على الطريق
-" لنبدأ بهذا..." أشار للمكان الذي يتواجدان به...فوق أحد الجسور أسفله البُحيرة العذبة حيث يهوى البعض اصطياد أسماكها...أضواء السيارات المارة تضرب في وجهيهما المُتعرقة...المُتألمة والمرعوبة!
-" انتظر فقط..." أجابت وعيونها ما زالت مُحدقة بالطريق...الظلام ما زال حالكًا ... وفوقه لافتة لم يستطع تباينها " هيا...تحرك" قالت وهي تسنده مرة أخرى واقفين بدون حراك...وقبل أن ينطق سائلا كان يسمع هدير حافلة للنقل الحضري قادمة.
-" هل أنتِ مجنونة؟" صرخ ...لكنها لم تهتم له وهي ترفع يدها مُلوحةً لها.
-" مرحبًا" همست مبتسمة للسائق الذي قابل ابتسامتها بأخرى" هذا صديقي عُقاب" أشارت إليه.
-" رُقية...كيف حالكِ يا فتاة...من مدة لم " قال السائق بحبور
-" اسمها سراب..." صاح بصوتٍ خشن مُرعب ليسكت السائق برعب
-" اسكت أنت يا عُقاب صوتك مرعب دون صراخ...فما بالك وانت تصرخ" لتلتفت مجددا للسائق " هل نعود أدراجنا يا وحيد؟؟"
-" تعلمين أنني مدين لكِ رُقي...سراب ...ولن أرفض لك طلبًا"
-" شكرا وحيد...أنت رائع كالعادة..." ساعدت عُقاب على تسلق الدرجات القليلة وقبل أن تتخطى مقدمة السائق عادت تُطل برأسها في النافذة الزجاجية التي تفصل السائق عن الركاب مُستطردةً " بالمناسبة هو محق...أنا اسمي سراب"
ثم رافقت عُقاب لداخل الحافلة...التي لا تحوي إلا القليل من الركاب العائدين من أعمالهم...وتفوح منهم رائحة الطحالب ممزوجة برائحة السمك المالح والعفن.
بعد مدة...
-" إذن لقد عدنا لأول مكان التقينا به..." همس وعيونه للسماء البعيدة
-" نعم ..." أجابت هامسة وهي تنكمش بعيدا عنه...تنظر إليه من أسفل إنارة مصباحها اليدوي...كيف تتقلص ملامحه كلما تحرك...هو ليس من النوع الذي يثق به الإنسان...هيئته لا توحي بذلك...فلماذا جعلته يتوغل في حياتها...لماذا لم تتركه على ناصية الطريق هناك فوق الجسر...وتعود لمأواها هانية!
-" تعالي..." همس رافعا ذراعه باتجاهها...البرد بدأ ينخر عظامه
-" انا لا أثق بك عُقاب..." همست لينظر باتجاهها وكأنها صفعته...لكن ملامحه عادت للجمود وهو يعود ناظرا للأعلى
-" هذا جيد...أنا لستُ أهلا لثقتك..."
-" لماذا ؟!!!" همست باستفسار عيونها مُتسعة برعب ... كانت تُريده أن يُكذب أحاسيسها تُجاهه...أن يُخبرها بدلائل انه كذلك...فهي في أمسِّ الحاجة لتثق في شخصٍ وتبثه مخاوفها...وصراعاتها!
-" لم أكن أهلا لثقة الرجل الذي رباني ..." استطرد بخجل " خنته في أجمل شيء حدث معه...سرقتُ منه من كانت ستكون كل حياته..."

جرح وشم الروح! ملاك علي.Where stories live. Discover now