الفصل الثاني والعشرون

476 8 0
                                    

.....
جالسة في الظلام...تنتظره...فبالكاد تراه منذ تلك الليلة من أسبوعين...عندما خرج الرجلين تاركين المرأة بالداخل...ليسود الهدوء.

كالإعصار...مُخلفا الصمت خلفه... همست جميلة لمصطفى وهي تُحدق في الباب المواري للمكتب، وكأنها سترى سراب الجالسة هناك بإعياء.

- " من تكون؟!"

- " لا أعرف! "

أجابها بنفس الهمس... نبرة الحيرة في صوته جعلتها ترفع نظراتها نحوه...ليستطرد:

- " أنا فقط أحسست أنها تحتاج أن تبتعد عن المسمى عقاب..." انزل نظراته باتجاهها وهو يسأل في حيرة " هل أخطأت؟!"

- " لا أعرف... "
همست مجددا وعيونها عادت للباب..."ربما يجب أن اتفقدها اولا...."
دون أن يجيبها...كان يدفعُ ظهرها باتجاه الباب...دلفت جميلة، لتجدها تجلسُ بإعياء على الكرسي أمام مكتب زوجها...رفعت عيونها بمجرد أن أحست بدخولها لتقول بصوتٍ منخفض
- " اعتقدت أن وشوشتكما ستستمر للأبد"
احمرت وجنتا جميلة بإحراج وهي تبتسم لها... لتقول
- " هل تحتاجين إلى أي شيءٍ...هل... "

قاطعتها سراب بفقدان صبرٍ وهي تُجيبها
- " لا...أريد فقط التحدث مع زوجك...لوحدنا"

احمرار جميلة ليس خجلا هذه المرة...بل سخطاً...لتُجيبها بهدوءٍ عكس الغضب الذي يعتملُ صدرها
- " تستطيعين أن تخبريني ماذا تريدين وأنا سأوصله له..."
لكن لم تستطع ان تتمالك نفسها وهي تسمعُ سراب تقول بهدوءٍ مستفزٍ:

- " إهدائي يا صغيرة...فأنا أعرفه قبلكِ..."
اقتربت منها جميلة...ترفعُ أصبعها بتهديد
- " لا تجعليني أخرجك من منزلي في هذا الوقت المُتأخر...فلا تقللي من احترامي."
كانت عيون سراب تحدق بها بجرأة... لتتحرك لأعلى كتفها...حيثُ يقف مصطفى بصدمة من طريقة تحدثها مع جميلة...أسرع مصطفى يقفُ قرب جميلة وهو يسمعُ الأخرى تقول بثقة:
- " لا تستطيعين... لأن ما أتشاركه مع زوجك...ندوب لا يمحيها الزمن..."
شهقت جميلة وسراب تنزل قلنسوة معطفها وترفع شعرها للأعلى لتظهر انكماش جلد بجانب صدغها...وأعلى اذنها التي اختفت بالكامل...كذلك جزء من شعرها...التفتت ما إن احست باقتراب زوجها...لتقترب منه حيث يقف خلفها...تندس في حضنه...لم تعد تعلم هل لتُثبت لهذه المرأة أمامها أنه لها حتى وان كانت جزءا من طفولته...ام لتُذكر مصطفى أنه لها...وقد ولد فقط اليوم الذي عرفته به...ام انها تسانده في الماضي الذي فُتحت ابوابه على مصرعيه...مشاعرها كانت مُضطربة...مشوشة لا تعرف كيف تتصرف...فقط اندست أكثر في حضنه...لتتنفس براحة...وذراعه تندس اسفل صدرها...يضغطُ بشدة مؤلمة على أضلعها...وكأنه يحتمي بها...لمست ذراعه بشيءٍ من الرقة...ذهابا وإيابا...تذكره أنها هنا...بجانبه....فارسته المغوارة المقاتلة الشجاعة....ومستعدة لحمايته من كل ذكرى سيئة ستُحاول التوغل لروحه... أرادت أن تلتفت وتقبله بشدة...تُغيبه عن كل ما يجعل جسده يرتعش وتمتص كل ذكرى سيئة ستُهاجمه دون أن يستطيع السيطرة عليه...

جرح وشم الروح! ملاك علي.Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang