الفصل العشرون

519 7 1
                                    

-" هل تعتقدينِ أن بعدَ فضيحة فدوى سيعود؟"
صوتُ والدتها أخرجها من سرحانها...بينما مازالت خارجًا رغم برودة الجو في هذا الليل صوتُ الديكة تتسابق لتهل الفجر للقرية التي لم تنم هذه الليلة...وكأنها تنتظر ظهوره...وأخبار ابنة عمه التي سرت كالنار في الهشيم في كل القرية تجعلُ قلبها يرتجفُ رعبًا عليه..." القرية كلها تتحدثُ عما صرَخ به زوجها وهو في أعلى الجرف...أن يجدَ زوجته مع المُحامي أمرٌ جديد كليًّ عليهم..."

رغم كل الآلام التي سببتها لها فدوى وما تزال إلا أنها تعلم معنى أن تكون في موضع هجومٍ، أن تكون بريئا وتطالك الخناجر من كل مكان، ولو كانت على شكل نظراتٍ غير منطوقة، في تلك الليلة عندما هربت بعيدًا عن قدرها المُرهق لكينونتها كأنثى لتصطدم بالمحامي يقف قُبالتها وكأنه ينتظرها...بل كأنهما على وعدٍ باللقاء.
في اللحظة التي استشعرت حضور معاذ قبل حتى أن تلتفت، في تلك الثواني التي كانت كالدهر وهي تتذكر كل اللحظات التي تلت خطواتها خارج المنزل وهي تدعو الله أن يذهب بعشقه من قلبها...الآن فقط ونظراته تخترقها عرفت ما اقترفته، علمت أن الخشوع الذي نطق به قلبها دعواته لم يخترق فقط عيونها المغمضة بل تعداه للسموات ليصل لربها.
في اللحظة التي سقط بها معا أمامها مغشيا عليه بينما عيونه تنسدلُ في تعبٍ...لتليه لحظاتٍ من الصمت المُطبق، ساعات وهي بجانبه على السرير الذي وضعه عليه عامر بمساعدة  حمزة...لم تتحرك وهي تنتظر أن يفتحَ عيونه فينظرإليها ككل مرة يلمحها بجانبه برغبة، قسمت في تلك اللحظة داخلها أنها لن تنجرح إن لم ترى الا الرغبة الخالصة في عيونه تجاهها...ستمنحه أضعاف ما تمنحه ككل ليلة فقط فينظر باتجاهها...لكنه لم يفعل، بل بمجرد أن حدق بها كان يوليها ظهره كالمجذوبة...بل أكثر، كخائنة!
توسلته...بكت أن ينظر اليها، حتى انها قبلته...لكنه كان أمامها كالصنم...لتعف انها حقًّا النهاية!

لكن الأيام التي كانت توالت كان عشق ينمو أضعافا داخلها.
وتأكدت أنها مريضةٌ به ولا ترجو منه الشفاء؟

-" ان يصل الموضوع للشرف..."
أوقفت استرسال والدتها بنظراتٍ ثاقبة...ربما في لحظات آلامها دعت بخشوعٍ أن ينتقم الله من فدوى...لكن لم تصل يومًا بدعائها لهذه الدرجة!
تغير صوتُ والدتها للهمس دون ان تهتم بسخط ابنتها...وكأنها تخشى أن يُسمع صوتُها في ذلك الهدوء...بل تخشى أن يصل للدار الكبيرة...فتتسبب بإخراج ابنتها العنيدة منه...وهي السعيدة أن "مُعاذ" مازال متشبثا بها رغم أنها لأسابيع وهي تُهينه وتتفادى رؤيته!
-" يُقال أنّ تلك الصورة التي هددها بها هشام حقيقية...وأنهما كانا..." حدقت بها سارة بغضبٍ أكبر لتستطرد بارتباك " ماذا؟؟؟ ...كلثوم من أخبرني...وتعلمين المُحامي جذوره ليست مننا...كلثوم قالت أنّه أتٍ من وراء البحر...وعاداتهم تختلفُ عن عاداتنا...أخبرتني أن نساءهم لا ترتدين شيئا...ولا أحد يستطيعُ أن ينهاهن أو سيُدخلنهُ للسجن ببساطة... " أمسكت بعنقِ منامتها وكأنها تَتُفُّ عدة مراتٍ قبل أن تهمس" أستغفرُ الله...أستغفرُ الله...أستغفرُ الله"
أعادت سارة نظراتها باتجاه المدى البعيد وعقلُها يعود مرةً أخرى لتلكَ الليلة عندما واجه عامر معاذ مُتحدّيًا أنه لا يحقُ له أن يُعاملها بتلك الطريقة...هل لأنه تعوّد على نساء قويات من حيثُ هو قادم؟
كيف لنساء أن يتعرين دون أن يُجادلهن أحد؟
ماذا يقول والدهن...أخاهن...زوجهن؟
كيف استطعن أن يتحدين تقاليد المجتمع وأعرافه...ليفعلن ما يحلو لهن؟

جرح وشم الروح! ملاك علي.Where stories live. Discover now