الفصل الخامس عشر

586 7 0
                                    

فتحت عيونها لتسرع وتُغلقها بسرعة...آلام فضيعة تنهش جزؤها السفلي...وكأنها تعرضت لسقطة موجعة...استقامت بجذعها العلوي تزحفُ بصعوبة والآلام تزداد مع كل حركة تقوم بها...لتستند على الحائط خلفها وتجهش بالبكاء...كل ذكريات الليلة الماضية انمحت فجأة لتستوطن مكانها وحدةٍ قاتلة...موحشة!

الدماء في الشرشف الأبيض جعلها تشهقُ بقوة...والدموع تتكون من جديد لتغيب خلفها حمرة دماءها!

لم يرحم أنها كانت تتألم...في لحظةٍ ما كانت تُبعده عنها دون أن يستجيب...كان شخصًا آخر لم تعرفه...!!

استيقظت من الذكريات التي مازالت تؤرقها على أنينٍ قريب...بتأنٍ خشية من الألم كانت تنهضُ متجهةً حيث الصوت قادم!

الغروب مازال يُرسلُ بأشعته الحمراء على المكان الذي تعودت الاختباء فيه قبل أن تعرفَ "عقاب"...أطلت برأسها لتجد "كريم" الطفل الذي مهما مرت السنون إلا أن وجهه الهزيل وعظامه البارزة تُعطيه صورة أقل بكثير من سنوات عمره!

-" هل انت بخير؟" همست وهي تقترب منه لتمُد رجلها تُحركه بينما تلتفتُ حولها..."هيييي أنت...ما بك؟"

بعنفٍ كانت تدفع كتفه ليسقط نائما على بطنه...ثم تشهق وهي ترى الدماء تُزين سرواله المفكوك من الخلف!

لثواني تجمدت وهي تُحدقُ بالدماء...التي ذكرتها بدمائها على شرشفٍ أبيض رغم أنها لم تكن بهذه الكمية...إلا أنها نزفتها في تجربة مهما كانت رائعة في بدايتها إلا انها لا تتمنى إعادة تجربتها!

التفتت حول الجسم المسجي بدمائه أمامها، للمرة الأخيرة أعادت التأكد من أن البقعة البعيدة والمعزولة في تلك المنطقة الصناعية خلف مصانع تعليب الأسماك...والتي ساهمت نتانة الرائحة في عزلها أكثر...إلا من أمثالها من الأطفال الذين تعودوا أن تلك النتانة أسهل من نتانة النفوس!

فهل هناك أقسى من أمٍّ تتركُ فلذة كبدها للشارع كي تتمتع بساعات نشوة مريضة بعيدا عن متطلبات طفلٍ...كان نتاجها!

أم هناك أبشع من أبٍ...علمَ جسد ابنه، انتقامًا من زوجة هو اختارها...ليُفرغ سخطه من اختياره في طفولةٍ!

ماذا عن أب استباح جسد ابنه؟

ربما تلك النتانة تُعتبر رفاهية لهم...لما كانت ستؤول إليه حياتهم لو ما زالوا في كنفِ من يجدرُ بهم حمايتهم!

-" ساعدني أرجوك..."
همست وهي تضعُ يديها أسفل ابطيه تجرهُ باتجاه مخدعها...لكن أنينه جعلها تجلسُ قريبًا من رأسه...تُقربُ أذنها حيثُ ملامحه المُتقلصة بألم...كانت تُحاول أن تتبين همساته...عندما رفع يده بصعوبة يُشيرُ لنقطةٍ معينة اتبعتها عيون سراب...التي سقطت على كيسٍ بلاستيكي نتن...حبت باتجاهه وبمجرد أن رفعته كانت رائحة نفاثة تخرج منه...لتُقدمها له...وكأنها قدمت إليه الحياة!

جرح وشم الروح! ملاك علي.Donde viven las historias. Descúbrelo ahora