الفصل السابع والعشرون:

1.5K 21 14
                                    


...

(افتح عينيك) الصوتُ كان هامسًا، يُدغدغ شعوره ليجعله يُريد أن يفتحهما رغما عنه....ورغما عن جسده البارد ( هيّا افتحهما....أريدُ أن أراهما) عاد مرة أخرى ذلك الصوت الهامس، ليشعر بلمسة حانية على خده كلمسة فراشة، لمسة تعِده الأمان....سرت لها القشعريرة على طول جسده تجاوبا معها، لتُرسل دفئا لذيذا لجفنيه لينفرجا!

الصورة كانت ضبابية، اجبرته أن يُسدل جفنيه مرة أخرى...ليفتحهما مجددا، يُحدقُ في الملامح أمامه ( أحسنت....) نظراته ابتعدت عن الإخضرار النادر في عيونها ليحطها على شفتيها...( دائما ما أحببت عيونك) استطردتْ بينما تُمرر أصابعها على طول ملامحه الخشنة وكأنها تُعيدُ تحديدها ( يُخيل للناظر إليها أنها سوداء كالفحم...لكن عيونك بنية، كالبن المحروق)، عادت عيونه لتحط على عيونها مجددا مُستنجدا، الصمت ساد لثوانٍ يريدها أن تنطق، أن تُخبره ما الذي يحدث معه؟....أن تخبره  هل...هل هو ميت؟....هل هذا ما يعنيه الموت؟، برودة الجسد، وتَقابُله معها! لكن لسانه بقي على حاله ملتصقا بسقف فمه من الجفاف.

( ماء) همس أخيرا....لكنها لم تتحرك من مكانها...وكذلك الخذر بجسده لم يختفِ، مازالت تُحدقُ بملامحه..ومازالت أصابعه ترسُم ملامحه صعودا ونُزولا... فجأةً، بدأت تُدندنُ أغنيةً كانت رفيقتها لسنواتٍ طويلة، ذلك اللحن الحزين الذي لطالما فُتن به صغيرا بينما عيونه على شعرها الطويل جدا كشلالٍ من نار، تخترقه أسنان المشط بهدوء...كما تتخلل كلمات الأغنية روحها الكسيرة التي كانت عيونها الحزينة مرآةً لها!

Bus junelo a purí golí e men arate sos guillabela duquelando palal gres e berrochí)
Prejenelo a Undebé sos bué men orchí callí ta andiar diñelo andoba suetí rujis pre alangarí)

"عندما أسمعُ صوت دمي العتيق، الذي يُغني ويبكي إذ يتذكر قرون الرعب الماضية.
أشعرُ بأن الله يُعطِّرُ روحي الغجرية، فأمضي في العالم أغرسُ الورود بدلا من الألم"

( لا تذهبي) همس وهي تقِفُ، لتتحرك مُتبعدةً عنه حفيف ثوب فستانها كان يُسمعُ، أصابه الرعب، حاول أن يُجلي حنجرته التي تخترقُها الكلمات كسكينٍ مسننة...لكنه لم يستسلم وهو يُعاودُ الهمس بقوة ( أرجوكِ ابقي...)
لتستدير ناحيته، والكلمات ما زالت تخرج من بين شفيتها رقيقة، تُوازي رقة حركتها "...فأمضي في العالم أغرسُ الورود بدلا من الألم"...كانت تبتعد، وفي كل خطوة تخطوها جسده كان يئن ألما ويغرقُ أكثر في البرودة.

( أنا خائف) همس بخوفٍ (...أنا خائف...لا أريد أن أموت وحيدا) لكن صورتها كانت قد اختفت ليُحس بلسعة دمعه وهو يُغادر مدمع عينيه، هو حقا خائف، رغم كل شيء فعله في حياته، أكثر ما كان يخشاه أن يموت وحيدا.

وبلمحِ البصر كانت تستقرُ في مكانها الأول وكأنها لم تُغادره أبدا...(أنا هنا...لم أغادر) لم يُحاول أن يفهم مالذي حدث للتو، وطيفها الذي غادر حتى توارى عاد ليظهر بجانبه
مسترخٍ...لكنه لم يهتم، المهم الآن أنه ليس وحيدا...لن يموت وحيدا.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 09, 2021 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جرح وشم الروح! ملاك علي.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن