الفَصل الخَامِس - تُشبِهِينَهَا.

1K 104 50
                                    

إستَيقَظت يُون عَلى طرقٍ قويٍ عَلى بَاب مَنزلها، لذا وبسُرعةٍ نهضت بشكلها الفوضَاوي وشفتاها وخداها المنفُوخان إثر النَّوم، وبِسُرعة ذهبت لفتح الباب بينما حالتُها لا يُحسد عليها.

بعينٍ مفتوحة وعين مُغلقة أبصرت يُون هيئَة يُونچُون الوَاقف بزِي المدرسة وتعابِيره التِّي كانت في غاية القلق.

« ويلِي يُون هل أنتِ بخير؟! »
قال بينما يدلُف المنزل ليُون التِّي لا تَفقهُ شيئًا.

« ماذا بِك؟ »
قالت بنبرة صوتِها المبحوحة إثر نومها، ليرمش يُونچُون عدة مرات.
« بارك يُون لقد إتصلت بكِ ستَّةَ عشر مرَّة وأنتِ لا تُجيبين عليّ!، لقد قلقتُ عليكِ! »
قال بإنفعالٍ بينما هي فقط تُغمض عينيها وتفتحهما بنعاس.
« لقد كُنتُ نائمة، آسفة.. »
قالت بخجلٍ ليبتسم هُو بإرتِياح، خصوصًا بعدما رأى شكلها اللَّطيف.

إرتفعت أناملُه تُوضِّب خُصلات شعرِها بلُطف، إبتسم بشرُود بينما هي إبتسمت بخجل..

« هيَّا إرتدي ملابسكِ، علينا الذَّهاب للمدرسة. »
قال بلُطف لتومئ هي بسُرعة وتدخل غُرفتها لتبديل ملابسها.

جلس على إحدى الكراسي يُراقب المنزل بعينيه بينما هناك إبتسامةٌ إرتسمت على شفتيه، منزلها دافئٌ وبسيط، وجميل..

بينما ينظر جانبه رأى بروازًا فيه صُورة يُون مع رجلٌ وإمرأة، وفتى يبدُو أكبر منها بقليل، خمَّن وقتها أن تلك هي عائلتها، إبتسم بخفة، ثُم علامة إستفهام إعتلت ملامحه، أين هُم؟

خرجت يُون بزي الثانويَة، بشعرٍ مُرتب وشكل جميل كعادتها، إبتسم يُونچُون ثم نهض تجاهها بينما يحمل الصُّورة بين يديه.

« من هؤلَاء؟ »
سأل بنبرةٍ هادئة لتنظر هي للصُّورة بإبتسامةٍ مكسُورة.
« عائلتِي. »
« وأينَ هُم؟ أرَى أن المنزل فَارغ. »
قال يُونچُون مُستفسرًا لتُحاول هي النظر بعيدًا عن عينيه.
« فَوق، في السَّماء.. »
قالت بنبرةٍ مكسُورة، ليفهم يُونچُون ما قصدُها بقولها، شعر بقلبه يعتصرُ ألمًا عليها، رُغم أنهَا لم تبكي ولم تهتز، شعر بقلبها الحزين المكسور، الذي يُشبه خاصته تمامًا.

« آسِف.. »
قال يُونچُون بندمٍ على سُؤاله، لتبتسم يُون بلُطف.

« لا بأس، هيَّا بنا؟ »

سألت بينما تأخذ حقيبتها على كتفها، وهو قد تبعها بصمتٍ.
__

في طَّريقٍ للمدرسة لم يخلُو صوتُ الضَّحِكات والقَهقَهاتِ منه، كان يُونچُون يسير بجانب يُون، مُحاولًا تلطيف الجَو بينهما وكسر حاجز 'الصداقة' الذي بينهم، هُو يُريد أن يُشعرها أنَّهُ أخوهَا الذِّي فَقدتهُ، ووالِدها الذِّي حرمتها الدُّنيا منه.

« صحيح يُونچُون، هل وَالدكَ مُنفصلٌ عن والدتك؟ »
سألت يُون بفضُول، وما أثار إستغرابها هُو وَجه يُونچُون الذِّي شحُب فجأة، بعدما كان يشِعُّ نُورًا.

« لَا، وَالدتِي مُتوفيَّة مُنذ أن كان عُمرِي أربعَة عشر عامًا. »
قال أدجنُ الشَّعر بنبرةٍ هادئة، شِبه ميِّتة، أدخلت الحُزن والألم إلى قلب الكِستنائية، إذًا.. نوعًا ما حالُه من حالِها؟

« آسِفة لذكرِ هذا.. »
قالت بأسفٍ ليبتسم هوَ متمتمًا بـ 'لا بأس'.

وبعد القليل من المَشيِ بدأ يُونچُون بالحَديث فجأة..

« أَبِي السَّبب.. »
قال من العدم لتتسِّع عينَاها، آمِلةً أن ما تُفكر بِه ليس صحيحًا، تتمنى هذا من كل قلبها.

« كـ.. كَيفَ؟ »
سألت بنبرةٍ ترتجف، لِيتنهد هو بثقلٍ ليبدأ في الحديث..
« كان عُمري أربعةَ عشرَ عامًا آنَذَاك، كان يعتقدُ أبي أن أمي تخونهُ مع زَميلها في العمل، لأنها كانت تذهب معه للعمل وتعود معهُ من العمل، وفي مرَّة، كنتُ جالسًا في غُرفتي، ثم سمعتُ صوت غلق الباب، لذا نهضتُ.. وكان أبي قد أغلق باب الغُرفة عليهُما، تعجبتُ كثيرًا، فلم يُغلقا عليهُما الباب أبدًا، لِذا.. نهضتُ وإختلستُ النَّظر من فُتحة المِفتاح التي في الباب، رأيتهُ يحملُ سكينًا ويُوجهُ نحوها، لم أشعُر بنفسي إلَّا وأنا أدفعُ الباب فاتحًا إيَّاه، دَفعتهُ بقُوة بينما أصرخ عليه، و.. وَفجأة توجَّهَ نحوي.. وعندما حاول طعنَ أمِّي.. طعن ذِراعي بالخطأ.. فإبتعدتُ من أمامها أتألَّم.. ثُم.. ثُم.. طعنهَا في قَلبها.. أمام عيناي.. وبعدها لم أشعر بأي شيء.. فقط.. فقدتُ وعيي، لأنهض في المَشفى بعدما فعل ما فعله.. هدَّدني.. وقال لي إذا نبستَ بحرفٍ ستذهبُ خلفها.. »
قال يُونچُون بينما يشعُر بتلك الغصَّة الخانقة.. بينما هي قد تجمد الدَّم في عُروقها، هل مُمكنٌ لشخصٍ أن يكُون بتلكَ القوة؟

« أتعلمين؟ أنتِ تُشبهينَها، للغاية.. لهذا السَّبب كُنتُ أعاملكِ بقسوة، لم أكُن أريد أن أتعلقَ بك، كنت أُريدكِ أن تكرهِيني لكِي لا أحبكِ كما كنتُ أحبها، ولكن بدلًا من هذا.. كُنتِ تتقرَّبين مني أكثر، وتجعليني أتعلق بكِ أكثر..، كُنت أريد أن أكرهكِ وتبتعدي عنِّي حتى لا أبكي كالطِّفل كُلما رأيتكِ ورأيتُ ملامحكِ.. أنتِ لم تستحقِّي هذا مني أبدًا، أنا حقًّا آسف.. آسف على ما فعلتهُ وأتمنى أن تسامِحيني... »
قال بصوتهُ المهزوز نادمًا عمَّا فعلهُ من قَبل، لتُوقفهُ هي ساحبةً يداه إلى زقاقٍ خالٍ من الناس، بينما تنظر لهُ بحزنٍ شديد، شكلهُ هكذا جعل من قلبها ينفطرُ حزنًا.

« لا بأس يُونچُون، أنا أسامحكَ على كُل شيء تفعلهُ، يُمكنكَ البُكَاء الآن همم؟ لا أحد هُنا غيري، ولا أعتقدُ أنَّني أحدٌ بالنسبةِ لك؟ »
قالت مُميلةٌ رأسها بإبتسامةٍ صغيرة، ليبتسِم يُونچُون تاليًا بينما دموعه بدأت بالنُّزول دمعةٌ تلُوَ الأُخرى، كانَ شكلهُ مُؤلمًا، مؤلمًا للغاية، كأنَّهُ كانَ كابتًا هذا البُكاء من سنين، مُنتظرًا من يُخبرهُ بتفرِيغ حُزنه، وكبتتُه.

« هَل.. يُمكِنُنِي إِحتِضَانُكِ؟.. »
قَال بإِرتباكٍ بينَ شهاقَاتِه لِتبتسم هِي بدفءٍ، واقفةً على أطرافِ أصابع قدمها لِتصِلَ لطُوله، مُحاوطةً عنقهُ في عنَاقٍ دافئ، سُرعان ما شَعر بجسدها يحتضنُ خاصتهُ حتى حاوطَ خصرها مُعانقًا إيَّاها بقُوة، حتى حضنها يُشبه حضن والدتُه، دافِئ.

حُب إجبَارِي || تِشُوي يُونچُون.Where stories live. Discover now