2-البريد

10.4K 622 136
                                    

مرحبا من جديد ايه الرفيق الغائب

اظن انك سئمت رسائلي المتكررة،ان كانت تصل اليك اساساً

البارحة حين كتبت لك احداث يومي وذهبت الى البريد لارسالها بدأت اول الكريستالات الثلجية بالهطول،نمت ابتسامة رفيعة على وجهي الشاحب لتذكري كم انك تكره الشتاء وثلوجه،قائلاً ان هناك الكثير من المشردين ومن لا مأوى لهم يرون ان الثلج هو عدوهم الصامت،وقاتلهم الذي لن يعاقبه القانون على جرائمه،فكم بدوت دافئاً في نظري!
وليتك تعلم كم اشتاق لاحاديثك الهادئة ، اين انت الان يارفيق؟
هل يهطل الثلج في ديارك؟ام انك استقليت في مدينة لا يزورها البرد كما كتبت في لائحة امنياتك القديمة؟

اشتد هطول الثلج ورغم انني ارتدي معطفي الاسود الثقيل وقفازاتٍ ايضاً،الا ان البرد ينخر عظمي تايهيونغ،واسمع صوت اصطكاك اسناني يتردد في رأسي الذي يكاد يتجمد،ومن سوء حظي المعتاد كان اليوم مزدحماً عند البريد،وبقيتُ قرابة الساعتين انتظر دوري الى ان حان اخيراً
وعندما سألني الرجل الى اين اريد ارسالها،احترت هذه المرة الى اي مكانٍ ارسلها كوني اجهل حتماً اين تُقيم وقد كُنت ابعثُ المكاتيب لك اعتماداً على حدسي فقط..

قد قررت في النهاية ارسالها الى سيول الى الشركة التي كانت امنيتك العمل فيها كمدير واراهن على انك قد فعلت

عدت ادراجي بعد ان اتممت ارسالها ووقفتُ امام صندوق البريد عند منزلي احدق به طويلاً ومددت يدي المرتجفة اليه افتحه وابتسامة خائبة رُزعت على محياي كونه فارغاً اليوم ايضاً،سوى من شبكة ذاك العنكبوت الصغير التي شكلها في احد زواياه محتمياً من البرد الذي لا يرحم صغيراً او كبيراً

كان مؤسفاً انني لا اعلم عنوانك الا انني ارسل الرسائل دائماً في كل مكان احتمل وجودك فيه،بينما انت تعلم جيداً اين اكون،ولا ترسل لي اية رسالة،وان كانت فارغة تُطمئنني بها انني لازلتُ على بالك ولم أَزَل منه

ولكنني رُغم ذلك سأنتظرك،اليوم وغداً
وحتى تشرق الشمسُ من مغربها.

حَتى تُشرِق مِن مَغرِبهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن