7-سمكتي ذهبية اللون

4K 424 113
                                    

مرحباً تاي يارفيق ، انا حزينٌ جِداً.

ان كُنت تسأل عن حالي الان فأنا لستُ بخير كما لم اكن منذُ رحيلك

اشتد بي المرض واُصِبتُ بالحمى القاسية،وهذا ليس جيداً لمريضٍ بالربو مثلي
ان الطبيب يزورني منذ يومين وكل ما افعله هو النوم طوال الوقت والسعال الشديد حين اختنق بهوائي

بدأتُ اتحسن مع مرور ساعات اليوم بفضل جارتي المُسنة التي تهتم بي بشكلٍ لم اعتد عليه من احد قبلاً

تصنع الكمادات لتُخفض حرارتي،تُدثرني بالكثير من الاغطية،تطبخ الحساء وتجعلني اشربه رغماً عني،اشياء لطيفة تُدغدغ قلبي الذي لم يعتد الاهتمام من احدٍ..سواك في بعض الاحيان

لم اكن في وعيي طوال هذين اليومين وكأن عقلي يأخذ قيلولة من اي شيء يرهقه
ذهبت جارتي الى بيتها بعد ان ظنت بأن النوم اخذني وهمست بصوتها الدافئ انها ستعودُ في الصباح الباكر،قبلت جبيني المُشتعل،وغادرت المكان بتردد شديد

فتحتُ عيناي الدائخة تزامناً مع صوت اغلاقها للباب حين تذكرتُ شيئاً في غاية الاهمية لاهمس بصوتي المبحوح
"تاي...تاي"

اختنقتُ بخوفي واستجمعتُ ماتبقى من طاقتي لانهض من السرير مبعداً الاغطية الثقيلة عني،وضعتُ قدماي على بلاط الغرفة لتلسعني برودته في هذا الوقت من الليل ، مشيتُ بهوانٍ افتح باب غرفتي خارجاً منها

اتجهت بارتعاشة قدماي وذبول عيناي نحو غرفة المعيشة لتزداد خطواتي سرعة واجثو بقسوة على رُكبتاي بجانب حوض السمك الصغير على الطاولة وسط الغرفة وانا اتمتم بسرعة ودون وعيٍ لما اقوله
"لا لا لا ،ارجوكِ لا ،لا تفعلي"

اجتمع الدمعُ على اهدابي وهطل تزامناً مع هطول الامطار في الخارج
وشهقةٌ خافتة باكية خرجت تُطرب حُزن قلبي الذي يتراقص طوال الوقت امام ناظري دون خجل
ازداد دمعي انهماراً على وجنتاي عند ادراكي لما حدث وانتهى
"انا آسف ،آسفٌ جداً ،لم استطع الاعتناء بكِ كما ينبغي"

قربتُ حوض الاسماك اضمه اكثر الى صدري وانظر بضبابية عيناي الى سمكتي الساكنة وتطفو في مكان واحد فوق الماء ،سقطت دموعي تختلط بمياه الحوض التي نسيتُ تبديلها ليومين بسبب المرض الذي غلبني
وزيادة على ذلك لم اضع لها شيئاً من الطعام،ولا حتى دواءها المعتاد

كيف فاتني ذلك!!كيف فاتني وانا على دراية منذ شرائي لها بأنها تحتاج الى عناية شديدة كونها  تعاني من احد الامراض
"يالي من صديقٍ سيء،يالي من صديقٍ سيء"

ظللتُ اتمتم بهاته الكلمات واضم رفيقتي طيلة سنوات غيابك الى صدري الى ان باغتني النوم لشدة تعبي وهوان روحي

لاستند برأسي على الاريكة بجانبي وقُبيل انغماسي بالنوم خرجت من فمي كلماتٌ قصدتُك بها دون قصد

"انت مؤذٍ حتى في الفراقِ يا صاحبي"
"غيابك لم يقتصر على ايذائي  فقط ، انه يدمر كل شيء حولي ،يسلبُ مِني كُل ما اُحب دون شفقةً على حالي"

غفوت وزارني في حُلمي اليوم الذي اشتريتُ بهِ تاي الصغيرة بعد غيابك بشهورٍ قليلة
وقد اخترتها بهذا اللون نسبةً للون شعرك الفريد
وقد اسميتها باسمك،واخبرني البائع انها حالةٌ خاصة،وقد اعزلوها عن اصدقائها كي يهتموا بها جيداً
وقال لي ان اعيد النظر بشأن شراءها،ولكنني كُنتُ مُصراً على ان تكون هي صديقتي بالسكن دوناً عن الباقي

فقط لاني رأيتُ بها شيئاً يُشبهك

واهتممت بها لسنواتٍ طوال كأنها عيناي
اضع لها الطعام،واداويها بعطف قلبي،احادثها عن كل شيء ليلاً نهاراً كي لا تشعر بالوحدة ،الاعبها بِرقة واخذها معي كل مكان اجلسُ بهِ في منزلي
حتا انني توقفتُ عن اكل الاسماك خوفاً ان تُدرك ذلك وتُخاصِمُني

لقد كانت الوحيدة التي تعرف صغير اسراري وكبيرها
لقد كان وجودها يملئ صدري ويسد فراغاً
كانت هي كُل اصدقائي الحاضرين ، وكنت انت كل اصدقائي الغائبين

كانت الوحيدة التي حدثتها عنك،واستمعتُ الى احاديثها الا انني لم افهم منها شيئاً

ودائماً ماكنتُ اتصنع الدهشة لمًا تقوله لي كي لا اشعرها بالحُزن

لقد كُنتُ احبها كثيراً جداً ،وحين غبتُ عنها لمجرد يومين،ماتت..

ارأيت مايستطيعُ الغياب فعله ياصديقي؟انهُ يقتُلُ كُلَ جميل

ماتت سمكتي تاي ،وعُدتُ وحيداً من جديد.

عاد منزلي موحشاً خالياً من الروح،كاليوم الذي غادرته فيه على حين غرة.

سأنتظرك لتعود واخبرك وجهاً لوجه بكل ما حدث في بُعدك

سأنتظرك حتى تُشرقُ الشمسُ مِن مغرِبها.

حَتى تُشرِق مِن مَغرِبهاWhere stories live. Discover now