26-حتى الأزَل

2.9K 270 184
                                    

مَرحباً وإن لَم تَرُد التحية ، فأنتَ يارفيقَ فؤادي مُرحَبٌ بِك في كُلِ وَقتٍ وحين

صوتُ موسيقى كلاسيكية نُدندِنُ معها فَرحين رافقها صوتُ اِصطدامٍ عَنيف..
صرخاتٌ خائِفة ،أنينٌ مكتوم ، مَنظرُ الدِماء ، صوتُ تَنفُسي الثقيل ، الطنينُ في اُذني ، لَفظي لآخر كلماتي قبل أن افقد وعيي مُختنقاً والتي كانت
"اُمي..ابي...انا اتألم.."

اشتهقتُ جالِساً بِذُعرٍ على سريري اتنفسُ بِذُعرٍ وقطراتُ العرق تشكلت على جبيني اثناء نومي ، لَقد عادت الكوابيسُ لي مُجدداً
والداي لم يموتا مرةً واحدة فقط ، بل كانا يموتان كُل ليلةٍ في رأسي
الحادِثة تتكررُ في كُلِ مرةٍ اُغمِضُ فيها عيناي لاستيقظ مذعوراً كما كُلِ مرة
باكياً بعدها الى ان يؤلمني رأسي لاعود للنومِ مُجدداً بعيناي الرَطِبة وقلبي الواجِم

"هلِ الكوابيسُ مُجدداً؟"
سألتني لانظُرَ اليك بِسُرعة واذ بِك تمُدُ كأساً مِن الماءِ لي
نظرتُ في وجهك الناعِس بعيناي التي اجابتك على سؤالك
ومن ثم ابتلعتُ ريقي امُد يدي مُلتقِطاً كأس الماء اوقِفُ شهقاتي المذعورة باجتراعي لهُ

اغمضتُ عيناي بقسوةٍ اُحرِكُ رأسي عَلّ تِلك الافكار تخرج مِنهُ ولكن بِلا فائِدة
مَددتُ يدي الى الدُرجِ جانِبَ سريري والتقطتُ مِنهُ بخاخ الربو خاصتي استنشِقُ مِنهُ عِدةَ مرات ، هدأ الوضعُ لثوانٍ لأسألك بِصوتي الذي خالجتهُ بحةُ مابعد الاستيقاظِ مِن النومِ
"هل تَسببتُ في ايقاظك اليومَ ايضاً؟"

نفيتَ بِرأسِكَ جالِساً على السريرِ قِبالتي جاعلاً مني اطوي ساقاي خالِقاً مجالاً لك لترُد قائِلاً بِصوتٍ خافِتٍ مُسالِم وانت تنظرُ بعيناك الناعِسة
"لقد كُنتُ مُستَيقِظاً قَبلاً"

اشحتُ عيناي عَنك لاقول ناظِراً الى اصابعي التي اشابِكها
"لقد..لقد ظننتُ بانني استطعتُ تجاوزَ الأمر ،بعد جلساتٍ مُكثفةً من الطب النفسي الذي كان يقنعني بالتجاوز ، بعد كل تلك الادوية التي لاتزالُ مرارتها عالِقةً على طرفِ لساني ، كان يجِبُ ان اتجاوز الامر بعد كل ما عشتهُ من الم الا انني لم افعل..اتضح ان التجاوز أصعَبُ مِما ظننت ، ليسَ أمراً يستطيعُ طبيباً مع بعض النصائح التحفيزية وبعضاً من عُلب الادوية حله ،ولكنني لم اتجاوز ابداً بل أنني لا ازالُ واقِفاً عند ذات النقطة ،امام ذاتِ المشهد الذي يعيدُ نفسهُ دون توقف يحرِقُ أعصابي ، ان التجاوزَ امرٌ عسيرٌ تايهيونغ ، عسيرٌ للغاية.."

صمتنا لثوانٍ باتت طويلة قبل ان ارى يدك الرفيعة تَحُطُ على كفوفي لينتشر في عروقِها الدفئ ، رَفعتُ عيناي الى عيناك بِهدوءٍ مُتعجِباً فِعلك ولم اشهد عيناك بهذا الحُزنِ قَطاً ، رفعتُ حاجباي بِخفةٍ حزيناً لِما رأيتهُ على مُحياك قبل ان تَنطِق انت قائِلاً
"انا أكثرُ من يعلم ان التجاوز صعباً ، أشعرُ بِذاتِ ما تَشعر انت بِهِ ،بل ورُبما اشد سوءاً مِما تشعر ، انه مثل ان يكون الطريق امامك حقلٌ مِن الزهور ،الا انك تَقِفُ على أشواكٍ سامةً تَشِلُ حركتك ،وبقدرِ شوقك ان تمشي قدماك على رِقة تِلك الزهور بِقدر حسرتك على انك لا تستطيعَ ذلك!"

حَتى تُشرِق مِن مَغرِبهاWhere stories live. Discover now