حَتى تُشرِق مِن مَغرِبها

9-تَنمُر

مرحباً ، مُد روحك وصافحني ان كانت يداك بعيدة..

مرت الايام بشكل ثقيل على فؤادي في ذاك الميتم وكُنتُ اشعر دوماً بأن هناك فجوة كبيرة تغرقني عميقاً وتطيح بي قتيلاً

فقدان العائلة
لا اصدقاء لي
محاط بالغرباء من كُل حدبٍ وصوب
وحدة موحشة تغلف كياني
ايامي مكررة لاشيء يستحق الذكر سوى تنمر الاولاد المستمر لي
ولا اعلم حقيقةً متى واين ولماذا شب هذا الكره بهم تجاهي

وحتى بمجرد مرورهم وعدم قولهم لشيء يحاولون اثارة استفزازي
بوضعهم اصابعهم عند اجفانهم يسحبونها بخفة لتغدوا شبيهة لعيناي

وهل عيناي ليست جميلة ياترى؟

وايضاً يقفُ بعضاً منهم امامي واضعين اصبعاً من كلتا ايديهم خلف رؤوسهم مخبريني اني اشبه الارانب بحركتهم تلك ، ليلعنهم الاله آمين..

لا انكر انني لطالما كُنتُ سيئاً في انشاء الصداقات ومنذُ صغري لم احضى بواحدة ، وكنت اسأل والدتي عن السبب باستمرار
فكانت تخبرني على الدوام ان ايجاد صديق حقيقي ليس بهذه السهولة
ولانني ذو قلبٍ نقي للغاية
ان الحياة واجهت صعوبةً في ايجادها لصديقٍ يليقُ بقلبي
ولانني صدقتُ كلام والدتي المواسي
لم يكن لي اي صديق من قبلُ ابداً

على خلافك تماماً فقد كُنتَ مُحاطاً بالاصدقاء الذين يسعون لكسب رضاك بأي طريقة ويرافقونك اينما حللت وإن لم تبادلهم الحديث او حتى النظر اليهم

استمروا بمضايقتي لوقتٍ طويل الى ان نفذ صبري ذات يومٍ ولكمتُ احدهم وسط غرفة النوم ليشتهق الجميع بدرامية ويصرخ احدهم قائلاً
"انظروا لهذا الكوري الوقح ، يضربُ فرنسياً وسط ارضه!!"

كلامٌ كبير لا داعي له وعُنصرية لازلنا صغاراً جداً عليها
لما بدلاً من ان نهون هذه الحياة على بعضنا نزيدُ الامر صعوبة!
لما علينا التصرف بهذه الانانية البحتة عوضاً من بناء الاوطان في احضاننا لكُلِ مُغترب لا حُضن يأويه!

زاد كلام الفتى صديقه غروراً ليكز على اسنانه ويهجم عليّ يسقطني ارضاً وهو فوقي،لأبدأ بالتدحرج احاول السيطرة على تخبطاته

الجميع يلاحقنا بأعينهم ويهتف بالتشجيعات لصديقهم وقاموا بترشيح من سيفوز بهذا النزاع حتى
عبرنا عدة اسرة نتدحرج اسفلها ونهسهس كلاماً غاضباً غيرَ مفهومٍ لكلينا

الى ان اصطدمنا باقدام احدهم،ورفعنا اعيننا ننظر نحوه،يجلس على سريره بهدوء في حين يسند قدميه على الارض،نظر ببرودٍ نحونا آمِراً بنبرة ثابتة
"استقيما حالاً!"