>موعد غرامي<

744 47 9
                                    

أغلقت باب منزلها خلفها قبل أن تبصره وهو يسند بظهره على سيارته وينظر لها كمن ينظر إلى وردة يخشى أن تتطاير أوراقها.
تقدمت منه في هدوء تام إلى أن وقفت أمامه وهي ترى أثر علامات البكاء على وجهه،تنظر له بأعينها المحتقنتين من البكاء،كلاهما بحاجة عناق الآخر.
رفعت يدها ببطء إلى أن استقرت على وجنته وأخذت تمسد عليها وهي تنظر له بأعين دامعة.
ابتسم بإنكسار ثم اقترب وعانقها دافنًا وجهه بعنقها يستنشق عبيرها،بينما هي تحيط عنقه وتمسد على شعره بحنان.
همس بنبرة مهزوزة:
-أنا آسف.
ابتسمت بخفة ثم تمتمت:
-لا بأس،فقط...أرهقني تفكير أن يكون قد أصابك مكروه.
قربها له من خصرها أكثر ثم أردف بضعف:
-أرجوكِ،تحلي بالقوة من أجلي،فأنا لن أتحمل...أقسم لن أتحمل فقدانك بأي شكلٍ كان.
تساقطت جوهراتها وهي تردف بغصة:
-سأحاول...
ابتعدت قائلةً وهي تحيط وجهه بين يديها وتنظر بعينيه وقد ترقرقت الدموع بهما:
-لكن عليك البقاء بجواري.
اومأ بإنكسار ثم عاود عناقها وهو يدفن وجهه بعنقها ويبكي بصمت حتى شعرت بقطراته المالحة فوق كتفها.
تمتمت بغصة:
-أرجوك لا تبك بسببي.
فصل العناق ثم حاوط وجهها بين كفيه و نبس بنبرة مهزوزة:
-لا تخافِ،حسناً!،أنا لن أتركك أبداً.
اومأت في رثاء،ليكفكف دموعها بإبهامه ثم اقترب وقبل وجنتها بلطف.
ابتعد قائلاً بابتسامة وديعة:
-هيا بنا؟!
اومأت بابتسامة تحمل ما بداخلها من ألم وحزن،ثم فتح لها باب السيارة ودلفت إلى الداخل قبل أن يجلس بالمقعد المجاور لها ويُشرع بالقيادة وهو يشابك يده بخاصتها.
......
كانت تسند برأسها على النافذة وهي تراقب الناس،منهم من يسير بسعادة برفقة حبيبته،ومنهم من أرهقه الزمن،ومن يسير برفقة عائلته...وأطفال تضحك وتلعب لا تحمل عبء الحياة ولا تفقه أي شئ سوى الاستمتاع باللعب،يشعرون بالسجن إذا منعتهم والدتهم من الانضمام للعب ويعافرون حتى لا يخلدوا إلى النوم،ولا يدركون أن هذا ملجأ الإنسان الوحيد من أي ألم يُثقل كاهل المرء،سواءً كان ألم الوحدة،ألم البدن، الخذلان ،الإنكسار ،العنف ،التنمر ،تحطيم الأحلام، الفقدان..وغيرها من الآلام اللامتناهية.
..
تنهدت بعمق ثم نظرت له،تستطيع رؤية الحزن في عينيه،والشعور به في كل حركة منه،فهو يتشبث بيدها وكأنه لا يريد تركها أبداً،يركز بقيادته لكن عقله أرهقه من كثرة التفكير.
سكن بسيارته قائلاً:
-وصلنا.
عقدت حاجبيها باستغراب معلقة:
-ما هذا المكان؟!
-دعيها مفاجأة،والآن..أتسمحين لي؟!
نبس وهو يخرج ضمادة عين،لتومئ بهدوء ثم أغلقت عينيها،ليقترب قبل أن يشرع بلفها حول عينيها.
-انتهيت.
نبس ثم ابتعد تدريجياً وأضاف:
-لحظة واحدة.
اومأت ولم تلبث لحظات حتى فُتح بابها وسحب يدها برفق إلى أن أخرجها من السيارة،لتردف بقلق:
-جيمين هل تنوي قتلي؟!
قهقه بصخب ثم أردف:
-هل رأيتِ أحد يقتل قلبه من قبل؟!
-ك..كلا؟
-إذاً ثقي بي.
اومأت بابتسامة ثم أحاط خصرها بيده وسار بها برفق وهو يتمنى أن يكون قد تمكن كوك من تنفيذ ما أخبره به.
F.B
نبس كوك أثناء قيادته للسيارة:
-ما رأيك أن أتصل بصديق لي يدبر لكما مكان جيد يسعدها؟!
-هل سيتمكن بخلال ساعة فقط؟!
-بالطبع!،إنه بارع.
-لا أعلم كوك،أنا لا أستطيع التفكير حتى.
طمأنه كوك:
-لا تحمل هم،سوف أتدبر كل شئ و سأرسل لك موقع المكان.
-حسناً.
.....
سكن بمكان ما متمتمًا بخفوت:
-يا لك من بارع كوك،كيف استطعت تدبير كل هذا بخلال ساعة فقط!
-هل تقول شيئاً جيمين؟!
نفى سريعاً:
-كلا...مهلاً انتظري لحظة،لا تزيلي الغطاء.
-حسناً.
تنهد بعمق ثم اقترب منها وقام بإزالته برفق قائلاً:
-يمكنك فتح عينيكِ الآن.
فتحت عينيها ببطء ثم أخذت تجيل عينيها في المكان بدهشة متمتمة:
-يا له...يا له من مكان جميل حقاً.
سارت بضعة خطوات وهي تراقب المكان بإبتسامة مشرقة وهو فقط يراقبها بنظرات تشع بالحب والحنان.

《Cancer》Where stories live. Discover now