>إنه هنا<

508 42 11
                                    

أخذت بخطاها متجهةً نحو الداخل،لكن سرعان ما تصنمت بمكانها وتسارعت نبضات قلبها عندما وجدت سيارة جيمين قابعة أمام المشفى.
عادت إلى سيارتها مجدداً وأنفاسها متلاحقة.
نفت عدة مرات برأسها متمتمةً:
-كلا،لا يمكن..لا يمكن أن يعلم.
مسحت بيدها على وجهها وهي تشعر وكأن كل شئ بات يتلاشى حولها.
تنهدت ثم أسرعت بالعودة قبل أن يراها.
....
دلفت إلى ردهة المنزل ثم سارعت بالصعود على الدرج متجهةً إلى غرفتها.
...
جلست على الفراش بعدما بدلت ثيابها،لتخرج هاتفها وهي تهز قدمها بتوتر.
..
-كيف حالك صغيرتي؟!
تنهدت بأريحية عندما شعرت بسكينة نبرته،لتتمتم:
-أنا بخير،فقط...أردت الاطمئنان عليك.
قهقه بلطف ثم نبس بخبث:
-أم اشتقتِ إلي؟!
ابتسمت بخفة ثم أردفت:
-أجل،أليس من حقي عزيزي؟!
نبس بصوته الرخيم:
-أنتِ تقوديني للجنون صغيرتي.
تحمحمت بإرتباك ثم استطردت:
-حسناً،والآن اعتني بنفسك ولا تتأخر حتى نتناول الطعام سوياً.
-لا تطهي أي شئ؛لأنني سأجلب معي طعام شهي وأنا قادم،وإن شعرتِ بالجوع ولم آتِ بعد،هناك ما تشتهيه نفسك بالثلاجة.
نفت:
-كلا،سأنتظرك،لكن لا تجلب طعام من الخارج،سوف أعد لك الديكبوكي الذي تحبه وأشياء أخرى.
نبس بحزم:
-سوجين!!،لقد حذرتك من الطهي حتى!،فلتلتزمي فراشك وأنا خلال ساعة سأكون أمامك،ولا بأس إن لم تشتهي طعام الخارج،سوف أعد لكِ الطعام بنفسي.
ضحكت على لطافته ثم تمتمت:
-حسناً،وداعاً عزيزي.
-إلى اللقاء صغيرتي.
......
أرجعت شعرها إلى الخلف ثم تنهدت بعمق وتمتمت محادثةً ذاتها:
-ماذا إن كان يتصنع السرور؟!
نفت برأسها نافضةً لجة أفكارها قبل أن تنتبه لهاتفها الذي يرن.
..
ترددت بالإجابة لوهلة،لكن انتهى بها المطاف متمتمةً:
-نايون،كيف حالك عزيزتي؟!
قابلتها نبرة نايون الباكية قائلةً:
-أنا أكرهك سوجين،أكرهك حقاً!....
نبست وسط شهقاتها:
-كيف أهون عليكِ ولا تخبريني شئ كهذا؟!،هل أنتِ راضية الآن؟!....،كيف تسمحي لنفسك ألا تخبريني أن هذا المرض عاد إليكِ!....
أضافت بصراخ وسط بكاؤها:
-ماذا لو استيقظت يوماً ولم أجدك!،أتعلمين ماذا يمكن أن يحدث لي!
نبست باستهزاء:
-بل وتوصين جيني ألا تخبرني،لأنني ضعيفة القلب و لا أحتمل شئ كهذا!
اجهشت بالبكاء متمتمةً:
-حسناً،أنا بالفعل ضعيفة القلب،لكن كان عليكِ إخباري؛لكي أحاول تقبل الأمر حتى،رغم أن هذا مستحيل،لكنه كان سيكون أهون من أن أعلم هذا بعد فوات الأوان.
نبست بتهدج:
-لماذا سوجين!،لماذا...لمَ أنتِ!،إن هذا مؤلم حقاً،مؤلم لدرجة أنني أفضل الموت على الشعور بمثل هذا الألم،وأنا عاجزة عن إنقاذك.
انهمرت دموع سوجين على وجنتيها وهي تستمع إلى هذا الحديث ولم يسعها سوى قول:
-أنا آسفة....أنا آسفة حقاً،لقد حاولت....حاولت مقاومته،لكنه عاد ليهزمني.....
أضافت بغصة:
-لا تبكِ أرجوكِ نايون.
صمتت نايون وهي لا يسعها سوى البكاء بحرقة وقلب سوجين بات مفتور عليها.
نبست وسط شهقاتها:
-لا تفعلي سوجين،أرجوكِ لا تفكري أن تتركيني حتى،أنا لن أتحمل....اقسم لن أتحمل.
نظرت سوجين إلى سوبين المنشغل باللعب بأناملها،لتبتسم بإنكسار ثم تمتمت:
-أنا آسفة نايون،أنا أعتذر عزيزتي،الأمر ليس بيدي.
اومأت نايون بهيستيرية ثم نبست بتهدج:
-اعتني بنفسك سوجين أرجوكِ.
-وأنتِ أيضاً.
كفكفت نايون دموعها قائلةً:
-سأحاول،وداعاً.
-إلى اللقاء.
....
ألقت هاتفها جانباً قبل أن تجهش بالبكاء وشهاقتها تتعالى.
شدت على شعرها باكيةً بحرقة وهي تتمتم:
-لماذا...لماذا عدت،لماذا...
صرخت بحرقة:
-لماذا!
نظرت إلى سويين بإنكسار عندما أوشك على البكاء،لتحتضنه هامسةً بتهدج:
-أنا آسفة صغيري،آسفة لأنني أفزعتك.
قبلته بعمق ثم نبست بحنان وهي تمسد على رأسه بأناملها:
-أنا آسفة صغيري،لا تبك.
استطردت قائلةً بإبتسامة وديعة:
-لابد أنك جائع...دعني أطعمك،هيا.
......
دلف جيمين إلى ردهة المنزل وهو يجيل عينيه في المكان بحثاً عنها،قبل أن تخترق أنفه تلك الرائحة الشهية المنبعثة من المطبخ.
....
دلف إليها،ليجدها منهمكة بإعداد الطعام ودموعها على وجنتيها.
عقد حاجبيه بتعجب قائلاً:
-سوجين!
انتبهت لوجوده،لتبتسم بخفة قائلةً:
-وأخيراً جئت.
نبس بغضب طفيف:
-ألم أحذرك من الطهي سوجين!
اومأت بهدوء ثم أردفت:
-أعلم،لكنني أردت صنع الطعام لك بنفسي....
نظرت بعينيه متمتمةً:
-لا تقلق،أنا بخير حقاً.
تنهد ثم اقترب وعانقها مقبلاً عنقها قبل أن يردف:
-لكن كان يجب أن تلتزمي بكلام الطبيب صغيرتي.
بادلته العناق متمتمةً بابتسامة:
-أنا بخير،لا بأس.
ابتعد ثم أحاط وجهها بين كفيه متأملاً عينيها،ليتساءل وهو يكفكف دموعها بيده:
-لمَ هذه الدموع؟!
قهقهت بخفة قائلةً:
-إنه من البصل.
-حقاً؟!
اومأت بابتسامة وديعة،ليبتسم محاولاً تصديقها.
-والآن،اسمحي لي أن أكمل،يكفي ما فعلتِ.
نفت برأسها متمتمةً:
-كلا،سوف أنهيه،وأنت اذهب لرؤية سوبين،لقد تركته نائماً.
زمّ شفتيه بعبوس،لتقبله بلطف ثم أردفت:
-هيا!
أيقظته من حالة التخدر التي غاص بها لوهله،ليذهب له على مضض وهو لا يرغب بتركها،لتتنهد بارتياح وقد أدركت أن الطبيب رفض إخباره بمرضها.
......
انتهت من وضع الطعام بالتزامن مع مجيئه وهو يحمل سوبين.
..
تناول أول ملعقة في نهمٍ وبعدها واحدة تلو الأخرى،ليردف بإعجاب:
-تباً يا فتاة،ما كل هذا الجمال،إنه أشهى ما أكلت.
ابتسمت بإشراق وهي تحاول إشباع عينيها من رؤيته،ولم تشعر بعينيها التي اغرورقت بالدموع.
وضع سوبين بمقعده المخصص له ثم جلس بجوارها وأمسك بيدها هامساً بحنان:
-ماذا يحزنك صغيرتي؟!
-لكنني لست حزينة!
نبست بابتسامة وديعة،ليردف:
-لكنني أرى الحزن في عينيكِ،ماذا بكِ؟!
-كلا،أنا بخير حقاً،والآن...تناول الطعام حتى لا يبرد.
التقط ملعقة الطعام وأردف:
-حسنا،هيا افتحي فمك.
قهقهت بلطف ثم فعلت ما قال.
ضحك بصخب على مظهرها اللطيف،لتبتلع ما في جوفها قائلةً:
-حسناً،افتح فمك أنت الآن لنرى ما المضحك عزيزي.
-لكن.
-هيا!
انصاع لها على مضض،لتطعمه والابتسامة لا تفارق شفتيها.
قهقهت على تعابير وجهه المنصدمة من حرارة الطعام.
تمتم بلهث بعد معاناة في بلعها:
-سوف أريك صغيرتي.
ضحكت بلطف ثم أكملا طعامها وهو لا يتوقف عن مغازلتها بين الفينة والأخرى.
.....
ابتسمت بإشراق على ما جلبه لها بينما هو يراقبها بأعين مبتسمة.
نظرت له ثم عانقته بقوة هامسةً:
-شكراً لك.
بادلها العناق وهو يستنشق عبيرها في تخدر،ليردف بصوته الرخيم:
-بل شكراً لوجودك معي...
قبّل عنقها ثم أضاف:
-أحبك بارك سوجين.
ابتسمت مغلقةً عينيها وهي تشعر بغصة بحلقها.
قبّل فروة رأسها بينما يمسد على شعرها بحنان وظلّا على هذه الوضعية لمدة استكانت بها نفسها.
فصلت العناق،ليبصر عينيها اللامعتين بالدموع.
أرجع خصلات شعرها خلف أذنها متساءلاً بإنعقاد حاجب:
-ماذا بكِ سوجين؟!،لماذا تبدين دائماً وكأنكِ على وشك البكاء صغيرتي؟!،هل تتألمين؟!
نفت برأسها وهي تحاول كبح دموعها،ليحيط وجهها بين كفيه هامساً بدفء:
-إذاً ماذا صغيرتي؟!...
صمتت وهي تحاول ترتيب أحرف كلامها،ليكمل:
-منذ أن خرجت جيني من غرفتك وأنتِ لستِ بخير،ماذا هناك سوجين؟!،هل تخفين عني شئ؟!
تسارعت نبضات قلبها وهما يتبادلان نظرات واجمة.
انفرجت شفتيها بنية الحديث لكنها عادت أدراجها و كأن لسانها قد انعقد.
أمسك بيدها ثم نبس وهو ينظر إلى الخاتم الذي يُزين إصبعها:
-لطالما عهدت على نفسي قبل أن أضع هذا الخاتم بإصبعك،أنني لن أسمح أن تُذرف دمعة واحدة من عينيكِ،لذا أرجوكِ،دعيني أوفي بوعدي،وأخبريني ماذا يؤلمك صغيرتي.
نفت برأسها هامسةً في رثاء:
-لكنني لا أستطيع،لا أستطيع إخبارك.
-سوجين.
....-
-سوجين،انظري إلى عيناي.
نبس رافعاً ذقنها برفق،لتقابل عينيها الدامعة خاصته.
نبس بنبرته العميقة:
-هل سبق وشعرتِ بالخوف مني؟!
نفت برأسها،ليكمل:
-هل قمت بتعنيفك؟!
نبست بتهدج:
-كلا.
-هل صدر مني أي فعل يجعلك تخشيني؟!
نفت برأسها،ليردف:
-إذاً،لماذا يصعب عليكِ إخباري؟!
انهمرت دموعها على وجنتيها هامسةً:
-أنا لا أعلم،لكنني لا أستطيع.
قاطعهما صوت بكاء سوبين،ليتنهد ثم قبّل جبينها وصعد إليه.
أجهشت بالبكاء في صمت فور ذهابه وهي تعض على شفتيها بقوة حتى أوشكت على النزيف.
...
-1 week later-
مرَّ هذا الأسبوع وكأنه كالسنة عليها،بكل يوم كانت حالتها تزداد سوءًا عن الذي قبله،وهي تحاول التماسك أمامه والألم ينهش بجسدها،وتتهرب من سؤاله كلما حاول جعلها تخبره ما بها،إلى أن طفح كيله.
...
كانت قد وضعت سوبين بفراشه للتو،وها هي تنزل على الدرج متجهةً نحو الأسفل،إلى أن تفاجأت بمجيئ جيمين مبكراً من عمله.
ابتسمت بإشراق متمتمةً:
-ما سر عودتك مبكراً هكذا؟
لم تتلق رداً لأنه بالفعل كاد يخترقها بنظراته وهو يجز على أسنانه وعروقه بارزة.
تساءلت بتعجب:
-ماذا بك جيمين؟!،هل حدث شئ بالعمل؟
ابتسم بسخرية متمتمًا بتهكمية:
-لماذا...،لماذا تصرين علي إيلامي؟!
-لكنني لم...
صرخ بحدة:
-بل فعلتِ!!...
أضاف بنبرة مهزوزة:
-لماذا لم تخبريني هاا؟!
ازدردت ريقها بصعوبة ثم نبست:
-أنا لا أفهم شئ،لم أخبرك بماذا؟!
صرخ بصوت أجش وعينيه قد ترجرجت بها الدموع:
-لماذا لم تخبريني أن هذا المرض عاد لكِ!!،لماذا كنتِ تتهربين من سؤالي" ما بكِ" دائماً!!!،لمَ تتظاهرين أنكِ بخير وهذا المرض ينهش بجسدك!!
ضحك بهيستيرية ثم نبس بسخرية:
-لهذا تأبين إرضاع سوبين،خوفاً أن ينتقل إليه المرض،أليس كذلك؟!
انهمرت دموعها على وجنتيها وهي عاجزة عن الكلام،لتنظر إليه ثم عادت تحملق بالأرض وقد اغرورقت عينيها بالدموع.
رفع ذقنها له ناظراً لها بعينيه الصقراوتين،نبست بنبرة مرتجفة:
-أنا آسفة.
ابتسم بسخرية وقد امتلأت عينيه بالدموع.

《Cancer》Where stories live. Discover now