الفصل الثامن .. دهشه ..

154 18 9
                                    

تجلس حياة تسجل ما يمليه عليها أستاذها، تصب تركيزها على دفتر ملاحظاتها وهي تكتب بجديه وتأني.. تستمع لصوت العصافير التي تغرد فوق اغصان الاشجار العملاقة، ويتسلل إليها عبر النافذه المفتوحة نسمات هواء تحمل عبق المكان الأخضر الساحر.. يجلس بحانبها زميلتها نرمين تسجل هي الأخرى ملاحظات الأستاذ في المقهى الخاص بالمصح.. قطع كل هذا صوت رجولي عميق يحمل في نبرته ثقه و حزم استطاعت تمييزها من طريقه نطقه للكلمات.. صوت قوي بدفئ هادئ، خافت بهيبه وقوره.. جعل عقلها المستنير يدمج صاحب الصوت مع صوره الامير الهارب.. اجتاحها فضول شديد لرفع عينيها لترى صاحب الصوت..
_ صباح الخير دكتور توفيق..
_ صباح الخير دكتور ادم.. انتظرك بعد ساعه في مكتبي لو امكن.. كما ترى، أنا مع طلابي الآن، استميحك عذرا..
_ ابدا ابدا دكتور توفيق.. أنا من عليه الاعتذار، فوت موعدي معك بالأمس.. سأشرح لك الامر لاحقا، بعد أذنك..
هذا ما دار بينهما بكل احترام و ود و وقار شديد، كيف لا وهو حوار بين كيانين عملاقين .. أستاذها المبجل ودكتور ادم .. " اسمه ادم اذن " رددت في نفسها وهي تشعر بالادرينالين ينفجر بجسمها أثناء رفعها لبصرها ببطئ لتكتمل صوره الامير الهارب.. تمشي عينيها بتأني على جسد صلب بقميص رمادي وصولا لرقبه مديده تستقر تفاحه ادم في منتصفها جعلتها تبتلع ريقها وهي تواصل تسلق هذا الفارس، لتتشبث عيناها بلحية سوداء فاحمه وشاربين داكنين يغطيان شفتيه التي تتحركان ناطقتان بكلام لم تعد تسمعه، فقد انبلعت في هالته الكاسحه من جديد.. تصلبت عيناها الزمرديه الدائريه المندهشه على اجمل و اروع و اغمض عينين على الاطلاق.. لمعه مخيفه بنظره مميته، تغطيها رموش سوداء كثيفه.. لم تستطع تبين لون عينيه لان تركيزها تلاشى من النظره.. حاجبين كثيفين معقودين سلفا.. جبين عريض يعلوه شعر اسود كثيف مهذب بطريقه مرتبه على جانبه الأيمن..
ظلت عيونها اسيره الفارس حتى بعد أن حياهم بنظرة من عينيه و ايمائه من رأسه مغادرا بخطوات متأنيه هادئه مهيبه.. اعادت نظرها فوق دفتر الملاحظات تحاول أن تستجمع نفسها وتنفض عنها غبار هالته العظيمه.. لكن هيهات لقلب نبض واستشعر، وعقل تعلق وتأثر من فكاك..

☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️

بعد نهايه اليوم الدراسي تمشيان بهدوء متهكمتان بشأن مجيئهم لهذا اليوم الذي لم يكن له أي داعي.. فالدراسه ستبداء بعد ثلاثه ايام و بالأمس قد اكملوا أوراق تسجيلهم.. اذن مالذي جاء بنا اليوم ؟؟ هذا ما كانت تقوله إيه بضحك ومرح.. اجابتها سما بنفس المرح..
_ انت من اصريتي على المجئ لتبحثي عن المكتبة والتي حالما رأيتها وانت مستائه..
_ لقد خاب أملي جدا.. كنت أعتقد بأني سأجد العديد من الكتب عن كل المواضيع ولجميع الكتاب.. صدمت بما تحتوبه المكتبة !
.. قالتها بصوت خافت ونبره صوت خائبه.. ضحكت سما على طريقتها و صوتها الطفولي..
_لقد اخبرك احد العمال أنهم اخلوا المكتبة من اجل الترميم، يعني بعد فتره ستجدين ما تبحثين عنه..
وصلتا بعد قليل لموقف السيارات.. لفت نظر سما ذلك العملاق ذو الهيئة الضخمه " هل هو نفسه يا ترى ؟ " تسائلت في نفسها وهي تبطئ خطواتها.. كان يقف يصب اهتمامه على شخص اخر واقف أمامه يتكئ على سياره رياضيه زرقاء اللون.. يبدو من وقفتهم أنهما يتحدثان بأمر مهم و ذلك الضخم الإصلع يضع يده فوق كتف الشخص الواقف أمامه.. نادت عليها آيه التي سبقتها بعده خطوات ليستقلوا الحافله.. مشت تلبي النداء وهي لا تزال تدور برقبتها على ذاك المشهد.. و الذي كان بطله الشاب الإصلع الضخم، فهل ياترى هو نفسه العملاق اللطيف ذو العيون العسليه الذي ساعدها بالإمس وهو اليوم يحاول تقديم المساعده لشخص اخر مثلا، لذلك الشاب الذي يحجب بجسده عنها رؤيته؟
جلست في مقعدها لا تزال عينيها عليهم حتى تحركت بهم الحافله قاطعة عليها فرصه المعرفه..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) Where stories live. Discover now