الفصل السادس عشر .. معا..

106 20 45
                                    

كم يبدو النهار جميلا.. بتلك الغيوم المتفرقه.. تحجب حرارة الشمس.. تضفي مسحه من الهدوء.. مع اكتساب الأجواء لون برتقالي مصفر خريفي بأمتياز..

"ما اروع الخريف.. أتمنى لو كل الفصول خريف " كانت هذه كلمات سما و هي تستنشق عبق الاشجار مغمضة العينين ترافق آيه للدخول من بوابة الجامعة عبر موقف السيارات..
_ امرك غريب سما.. اظنك الوحيده في العالم من تحب الخريف ! الخريف يعني النهايات.. أو الموت.. تبهت كل الالوان  وتتيبس الاغصان.. تفقد اوراقها و تذبل الازهار.. حتى العشب لا يسلم من غرابه هذا الجو المختل ! جاف و رطب بنفس الآن.. بارد وحار..  يجعل المرء يحتار، مالذي عليه ارتدائه !! ان لبست كنزه سميكه بأكمام طويله أعرق و اقرف من نفسي ! وان لبست قميصا صيفيا رقيقا ابرد و أرتجف، واحيانا أصاب بالمغص ! و انت تتغزلين بالخريف، اووف ! و تتمنين لو كل الفصول خريف !
.. ضحكت سما بصوت مرتفع لكن رقيق وهي تضع يدها فوق فمها تكتم ضحكتها احراجا من المارره..
_ رأيك بالخريف مجحف جدا عزيزتي آيه.. دعيني اوضح لك وجهة نظري.. ربما توافقيني الرأي بعد ذلك.. الخريف.. لا يعني النهايات ابدا.. بل هو بدايه.. بداية كل شيء جميل.. يوحد الألوان.. بمختلف تدرجات القهوائي و الأصفر.. وهي الوان الحياة، و ليس الموت.. يفسح المجال للزهور بسبات لتحمي نفسها من الشتاء القارص، لتتورد في ما بعد من جديد بشكل اجمل و ازهى.. يساعد الاغصان لتلقي بأحمالها عليه تنقلها رياحه بعيدا، حتى تطرح جيلا جديدا من بتلات زهور الثمار، و أوراق آن الاوان لولادتها.. تكتفي الاشجار بأغصانها الرطبه لتقلل قسوة ضرب عواصف البرد و المطر عن كاهلها بتخفيف وزنها.. جووه المختل، هو شجار مابين الصيف و الشتاء.. كل منهم يحاول الاستحواذ على وقت الاخر.. مضطر الخريف اللطيف أن يحتمل صبيانيه الفصول، ليجمعهم معا في اجوائه كنوع من الصلح، وتعلم المشاركه.. لو لا الخريف لأحرقت شمس الصيف نعومه العشب، و أيبسته برودة الشتاء.. كل شيء وضده.. مثلنا نحن تماما.. نحن البشر متضادين و مختلفين.. مضطربين و عقلانين.. هذا ما تخبرني به حياة دائما.. فوجدت أننا.. كالخريف..

..كان نديم مسحورا بكلمات سما وهي تشرح لآيه رؤيتها للخريف.. فهو ابدا بحياته لم يطرق على باله أن يستشعر الفصول أو الدنيا من حوله.. تقتصر حياته على رياضته و فواز وشقيقته الصغيره تاليا واحيانا دراسته.. وطبعا الكثير الكثير من متعته الشخصيه بممارساته المنحرفه وساديته المقززه.. لأول مره ينظر حوله للاشجار الكبيره التي تحيط بمدخل الجامعه.. ابتسم اكثر وهو يتلمس وصف سما الذي ملئه سكينة وهدوء وجعله يستنشق رحيق الطبيعه.. و قد لامس اطراف انفه عطرا لذيذا يخصها.. حملته له رياح الخريف كنوع من الامتنان على احساسه بها.. أرتجف قلبه بطريقه لم يألفها من قبل.. باتت تصاحب وجود سما بقربه..
نظر إلى ظهرها و هي تمشي أمامه لا تعلم بوجوده خلفها من أول ما خطت برجلها البوابه، ليستمع لذلك الكلام الذي سلبه مفتاح قلبه ليعطيها اياه صاغرا، ممتنا، سعيدا، طالبا للقرب..
تركها تذهب.. فقد كان محتاجا لأن يختلي بنفسه.. عليه أن يراجع الكثير من ملفات كيانه.. لن يسمح لنفسه أن يلوثها بشوائبه.. ولا أن يغيم عليها بسواده.. عليه أن يتعلم من الخريف.. كيف يبداء من جديد..
        ☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️☘️

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ