الفصل السادس و الثلاثين

191 18 37
                                    

الميزان هو تنبيه من التطرف في الحياة.. وان كان الأمر غير مؤذي.. لكن، اذا احببت اجعل عقلك حاضر..

تصرخ اطراف شعرها الفكاك من بين اصابعها.. تبرم و تلوي و تسحب نهايات خصلها ببطئ.. شاردة بنديم و سما و حتى فواز وادم.. كل ماحدث وما مر عليها خلال العامين الماضيين.. تضع الخطوط العريضه و تعزز من بعض الاسس الواهيه التي كانت تستند عليها في السابق، فالحياة لا تحزر وان كان حدسنا عظيم.. دائما ما يضع لنا القدر مخططات أخرى لنجد انفسنا مع ما حددنا و استندنا ماضين في مسلك آخر لم يكن ضمن الحسبان ولا حتى وارد تأهبه في نقاط الخطة البديله.. وهذا ماحدث معها تماما عند عودة سما إليها بروح باليه و قلب مفتوك فيه، تغيرت كل مجريات حياتها و تبدلت كل خططها، فقدت مقعدها و فرصتها، تنازلت عن منصب منح إليها لتتفرغ بشكل كامل لاعادة تأهيل اعز الناس إلى قلبها.. نجحت و اخذت بيدها، لتكافئها هي و القدر بسحب اميرها إلى حياتها مجددا.. فرضته عليها و عززت وجوده بجوارها.. ثم زواج سريع تلاه حمل أسرع.. و هاهي الأن تجلس في مطبخها تحتسي قهوتها شاردة بكل شيء..
_ صباح الخير..
.. انحنى إليها بحركته الهادئه يقبل أعلى رأسها بينما يمد يده إلى بطنها البارزه قليلا يحرك كفه عليها بشكل دائري يغمر صغيره بحنانه و اهتمامه.. ابتسمت تلف رأسها ناحيته تسحبه من ملابسه تخطف قبله ناعمه من رقبته.. جلس على الكرسي الجانبي بقربها أمام طاولة المبطخ، ينظر إليها بأفتتان..
قال بصوت اجش و وجه لاتزال اثار النعاس فيه..
_ استغربت لهذا الهدوء، حتى ظننت انك غافية في مكان ما.. تفاجئت بك جالسة هكذا !!
.. ابتسمت بأتساع بينما تضع كوبها فوق الطاولة..
_ لماذا ؟! هل أخبرك أحدهم أني محرك قطار بخاري !!
.. يرمقها بغضب محبب، رد بأستهجان..
_ انت القطار بذاته عزيزتي !
.. مد يده لكوبها يسحبه بحده..
_ قهوة !! الم انبهك أن لا تقربي القهوة و الشاي حتى تنتهي شهور الحمل ؟! عناد مركز مغطص فيه دماغك بدل السائل النخاعي ! مشبع به، طاغ على باقي صفاتك الحسيه !!
.. تضحك بمرح على تذمره الدائم من تصرفتها و سلوكها المغيض جدا بالنسبه إليه.. تراقبه وهي تضع يديها على خدها تسند نفسها بمرفقها تميل على الطالولة تتصنع وجه القط البرئ، بينما يتجه هو ناحية الثلاجة بعد أن سحب قدحا كبيرا يملئه بالحليب.. عاد إليها وهو يزفر مغتاضا من أعمالها و شكلها اللذيذ.. وضع القدح أمامها قائلا بجفاء يتقصده..
_ لا اريد رؤية قطرة تتبقى منه ! و امسحي عنك هذا الوجه ! لن يفيدك هنا.. هيا اشربي الحليب حياة !
.. ابتسمت ترد بدلال..
_ حاضر مولاي..
.. اشاح بوجهه يهسهس بتهكم لتزيد ابتسامتها.. ارتشفت عدة مرات وقد عادت للشرود مرة أخرى.. التفت إليها مستغرب هدوئها جدا.. لقد بالغت بهذا السكون الغريب عليها كليا مما اثار قلقه.. ينظر إليها بأهتمام.. قال بنبرته العميقه وهدوئه المريح..
_ ما الأمر ؟
.. نظرت نحوه.. ردت مبتسمة..
_ لا شيء، أنا اشرب الحليب فقط..
.. رفعت حاجبيها تبرز وسع عينيها تميل برأسها إلى الجانب بحركة دلع.. اضافت بشقاوه..
_ أمرني اميري بأنهائه !
.. ضيق عينيه وهو يتقدم منها بجذعه..
_ منذ ان تيقظت على ما يلفني من هدوء مريب و انا متوجس.. مالذي يدور في رأسك المخيف هذا !
.. ضحكت بشده وهي تقول متعجبه..
_ ماذا ؟ لما كل هذا الاستغراب ؟
.. نعمت صوتها تقول بنعومه مغريه..
_ زوجي حبيبي نائم ولم ارغب في ازعاجه، اهذا هو جزائي..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن