الفصل الثالث و الثلاثين

173 15 50
                                    

تهدينا الحياة احيانا من يسهل معهم تجاوز الطريق، لكننا لسبب ما نضيعهم من بين ايدينا..

تبرم حياة اطراف خصلة من شعرها مستغرقة في التفكير.. تحاول جمع خيوط ما حدث، فمنذ خمسة أيام و سما بحالة شبه فاقدة للوعي.. تصحو لعدة دقائق لتعود و تغط بنوم عميق.. و حين تسائلت عن اسباب ما يحدث مع ابنة خالها طمئنها الطبيب أن جسمها يحاول التعافي، فما تعرضت له لم يكن هين..
لتعود بذاكرتها لذلك الصباح حينما تلقت مكالمة هاتفيه من جارتهم وقعت عليها كالصاعقه وهي تخبرها أن سما قد فارقت الحياة.. لتخرج من بيتها تركض الى الشارع ترتعد و تنتفض تشير إلى سيارة اجرة بكلتا يديها بالكاد تستطيع التنفس.. مسكت هاتفها تعيد الاتصال بجارتهم نهله ما أن استقلت السياره و اتفقت مع سائقها اخذها إلى هناك بأي سعر يطلب، لتسأل عن اذا كانت سياره الاسعاف وصلت.. حيث طلبت من الخاله نهله أثناء تغيريها لملابسها بأن يتصلوا بالاسعاف فورا.. خفت قليلا درجه ذعرها بعد أن عرفت ان سما بخير لتبقى الكثير من الاسئله حول ماذا حدث لها و لماذا ذهبت الى قريتهم على الرغم من علمها أن حياة استقرت تماما في شقتها في المدينه..
وصلت بوقت قياسي إلى المشفى الصغير عند مداخل البلده تهرول باحثة عن رقم الغرفة التي نقلت لها سما.. وجدت العديد من جيرانها تجمهروا في الممر قرب إحدى الغرف تقدمت بسرعه اليهم تستقبلها حاضنه إحدى قريباتها تطمئنها..
_ أنها بخير يا ابنتي لا تخافي.. الطبيب معها الآن..
.. وقفت حياة مكورة عينيها بتركيز على الباب تتمنى لو لديها قوة خارقه لترى ما خلف الابواب و الجدران.. تريد فقط أن ترى سما لتريح صراخ قلبها القلق.. انتفضت حينما تحرك الباب الموصد يفرج عن الطبيب ليتسمر مكانه متفاجئ ومنزعج لهجوم المتجمعين عليه دفعة واحده.. فيهم من يسأل عن حالها و منهم من يطلب أن يدخل إليها و أخرى تريد أن تعلم ما بها.. قلوب طيبة صافيه هرعت تطمئن على بنت تشارك الجميع محبتها..
تحدث الطبيب ببعض الضيق..
_ بعد أذنكم، لا يجوز وقوفكم هنا أنتم تسببون الضوضاء و تقلقون راحة المرضى.. أتمنى أن تراعوا ذلك.. أتفهم قلقكم و احترمه، لكنني مضطر أن أتحدث من شخص واحد و يكون قريب المريضه من الدرجه الأولى..
.. تقدمت حياة إليه يأكلها الارتياب، فوجه الطبيب مكفهر كأنه يؤكد همسات الجارات بأن سما تعرضت للاعتداء..
_ أنا اختها حضرتك..
_ تفضلي معي رجاء..
.. تمشي برفقته بخطوات آليه ينسج عقلها اسوء السيناريوهات لتبداء بوضع الخطوط الاوليه لمساندة سما.. لا يهم ماحدث بقدر ما سوف يحدث.. فعند وقوع الكارثه تأخذ جزءا من الزمن تمضي مع وقت انتهائا، لكن جرح ما وقع يستمر ليشق طريقه إلى المستقبل ساحبا معه الروح يمزقها في طريقه، ليصبها بندبات و شطحات بطيئة التشافي.. لذا عليها أن تعد العدة لتلملم ما تبقى من روح عزيزتها سما..
_ حضرة الطبيب، ارجو أن تكون صريحا معي و تطلعني على الصورة كامله..
.. أثناء جلوسها على الكرسي بمحاذة مكتب الطبيب.. تحدثت بجديه..
_ حسنا.. من الملاحظات الاوليه بدى واضح أنها تعرضت للاعتداء..
.. شحب وجه حياة وتراقصت مقلتيها.. و أن كانت مستعدة لخبر كهذا لكن سماعه و تأكيده صعب جدا..
لاحظ الطبيب اضطرابها، أوضح بأبتسامه متفهمه..
_ ليس بالمعنى الذي وصلك.. ربما تعرضت لمحاولة سرقه او ما شابه، فهنالك اثار خدوش على ذراعيها و أعلى صدرها مع كدمه شديده على خدها الأيمن تسببت بتجلط الدماء في زاويه شفتيها مع شق كبير في شفتها السفلى، قميصها ممزق بشكل طولي.. كل هذا يدل على مقاومة منها.. تحتفظ بجميع ملابسها و يبدو أن أحدهم ساعدها لانها عندما وصلت الى هنا كانت ترتدي قميصا رجاليا عليها.. كل اعضائها الحيويه تعمل بشكل جيد، لكنها ترفض الاستيقاظ.. لقد كانت فاقدة للوعي منذ ليلة الأمس على اقل تقدير..
_ من الأمس ؟! لقد وجدت اليوم ! هل يعقل أن تكون قضت الليل كله مغم عليها ؟! ياللهي سما !!
.. ارتعشت حياة اكثر وهي تتحدث عن حالة سما.. حتى مع طمئنة الطبيب لكنها توجست لعدم صحوها، فهذا يأخذها إلى مكان تخاف التفكير فيه؛ صدمه عصبيه بسبب تعرضها لضغط نفسي شديد مع تأثيرات عامل الخوف لتؤدي إلى هروب العقل الواعي للإختباء بين دهاليز العقل الباطن المظلمه..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) Where stories live. Discover now