الفصل الواحد و الاربعون

219 17 33
                                    

محتضن الفرح قلوب مقبلة، بود ينثر الورود.. كأرض يابسة يمطرها الغيث، مبللا، غامرا بالخير..

تفتحت عيناها كجنبدات زهر، سعيده تشرق على العالم ابتسامتها.. اليوم، عيد ميلادها و اندماج اسمها بعقد مع من طال انتظاره لها.. حلف بين روحين تخطها الابديه بحروف مقدسه.. حلال مبارك..

بهية الطلة ستبدو.. متيقن عارف.. دغدغه قلبه.. متحمس.. نهض من فراشه باسم للصباح تتطلع عيناه لشمس ساطعة تطل عليه من بين شق الستائر.. استقبلها فاتح ذراعيه بوسع صدره يبعد بين الستارتين.. كأنه يحتضن اليوم.. يسحب الهواء ملئ الثغر بأبتسامة، ماثلت السماء بصفائها حدقتيه و لمعة انعكاس النور تنبثق من ناظريه.. يراقب السيارات المارة وحركة الشارع مهدية الأجواء نوعا من الصخب.. يوم جديد.. ليس كأي يوم..
انطلق تحركه الفرحة نحو الحمام ليستقبل النهار السعيد وهو بكامل الانتعاش.. هاتف فواز لايقاظه ليلتحقوا جميعا إلى طاولة الأفطار؛ سعاد و عائلتها مع جميع أفراد عائلة فواز جائوا منذ الأمس ليشاركوهم المناسبة البهيجة، ليصل قبل الظهر الأب باسم و تاليا لاضطرارها تأدية امتحانها الذي لم تتمكن من تأجيله..
يضحكون مترافقين.. مجد مع الصديقان.. بأصرار شديد من نديم الإشراف بنفسه على بقية التحضيرات وقد اقتنع اخيرا بعد طلب خجول من سما بأن يكون الحفل بسيط الأجواء قليل المدعويين يقتصر على الأقرباء فقط، ليلبي رغبتها بأنتقاء قاعة مخصصة للمناسبات في نفس الفندق الفخم الذي يقيم فيه.. منتهزا الفرصة، حجز جناحا للعروس بحجة تسهيل الأمر لها بالمبيت و التجهز في مكان الحفل.. وطبعا كان ادم و حياة لمخططاته بالمرصاد.. فأنظمت علا إليها.. بقليل من الغيض دمدم " ارسلوا معها حراسه ! " لكنه لم يتوقف عند الأمر بل نظر إلى الجانب المشرق سعيدا.. يوم واحد فقط يفصله عن شرعية التذمر.. يتذكر منتهدا عودتهم من تفقد تحضيرات الحفل و التجول في غابات الفندق ساحرة الطبيعة غفوتهم القصيرة على الاريكة، سامحة لهم علا ببعض الخصوصية.. مسندة الحبيبة رأسها على كتفه مستغرقة بالنوم مرتاحة البال.. واضع هو ثقل رأسه الماكر أعلى قمة رأسها.. مستمتع بهذا القرب متشبع برائحتها.. عشرون دقيقة، استقطعوا من زمن لهم كل الاحقية فيه.. و لولا رنين هاتف نديم لطالت الغفوة.. صاحبته بسرور لاستقبال عائلة فواز من المطار.. هزت قلبه حينما انحنت تقبل يد السيدة خيريه والدة فواز متبعة فعله و مرحبة بأسلوبه، بحفاوة و رقة رحبت بالباقي.. مذهول، يفترس وجهها المشع " تبدو كالقمر ليلة تمامه" يخبر نفسه.. جمالها أمر مفروغ منه، و ذلك اللون الاحمر المشربة خدودها منه بشكل دائم.. لكن، هنالك شيء آخر اضفى على شكلها رونق مختلف ( ازدهار ) رسمته السعادة فوق ملامحها المبتهجة و دعم هالتها بخيوط من نور.. ودعها عند المساء لترتاح و تخلد الى النوم مبكرا.. فغدا.. ستصير على اسمه..

ببالغ النشاط و الكثير من الحماس استقبلت سما النهار.. تضحك من أعماقها كما لم تضحك من قبل، مستمتعة بوقتها مع علا و مريم شقيقة فواز، و شذى اخت سعاد.. متوسعة دائرة معارفها بزيادة عدد احبائها.. بكل راحة سلمت نفسها لخبيرة التجميل التي ارسلها الحبيب على الرغم من اعتراضها الخجول، مستسلمة للرفاهية.. ف هو لم يخبل ابدا بأي تفصيلة تخص إتمام الحفل بما يليق بأعتزازه و تقديره لحببيته و راحتها.. بأحراج شديد تقبلت طقم الالماس الناعم الذي اهداه لها ليلبسها اياه خلال الحفل.. الكثير من الهدايا و كل ما يخص احتياجات العروس من أرقى الخامات و أشهر الماركات.. نمط لا تهتم ابدا لاتباعه و حياة ترفة لم تكن ابدا من ضمن أحلامها.. بسيطة هي، قنوعة، و راضية.. لكنها هدية القدر إليها.. اذن لتقبلها بسرور و امتنان..
تنظر إلى صف الأحذية متوسطة الارتفاع بينما تقوم إحدى الفتيات بترتيب و طلاء اظافرها بلون زهري فاتح.. محرجة من نديم بسبب تعنت حياة بأمر الفستان.. مصرة أن يكون مفاجئة و هدية منها الى سما، متمسكة بعنادها أن لا تريها اياه حتى اللحظات الأخيرة.. بحركة تحد مع نديم المتسلط ! ازعجها فرضه على ابنة خالها الخجولة كل صغيرة و كبيرة في كل شيء، و كثأر لعزيزتها سما عن ما بدر منه من قبل.. و أكثر ما استفزها تبرمه حول فستان الخطوبة القصير شفاف الاكمام وهذا نقلا من علا بعد أن اخبرتها سما بذلك.. لتبزغ الانثى المتمردة التي تستوطن حياة و تعلن نفسها ندا لذلك النديم.. حتى لون الفستان لم تفشي عنه.. ليرتأي العريس الكريم أن يشتري لعروسه خمسة ازواج من الأحذية بألوان مختلفة لتختار في ما بعد ما يناسب طلتها..

حكاية حياة.. الجزء الأول من سلسلة ( لنا في الحياة.. حياة ) Where stories live. Discover now