الفصل الثالث

89 4 1
                                    

الفصل الثالث
خرج أسامة بعدما أماء له مدحت بموافقة وفي داخله متحمس لرؤيتها لذا كانت وجهته إلى غرفة 25 بالتأكيد، بينما في الغرفة كانت تجلس في ركن بعيد تضع يدها على أذنها وهي تستمع لصوته البغيض وترى ما كان يفعله بها أمامها، سمعت صوت الباب يُفتح فانكمشت أكثر، أما عن أسامة دلف للغرفة يبحث عنها بعينيه حتى وجدها تجلس في ذلك الركن البعيد تنظر له بفزع، اقترب منها أكثر وهي تحاول الابتعاد؛ ولكن الحائط منعها وقف أمامها مباشرة فمد يده بهدوء يريد إمساك يدها وهو ينظر لها، نظرت له بخوف وهي تتلفت حولها فأمسك هو بيدها بحنان، فشعر بالدهشة عندما سرت قشعريرة في جسده تزامنًا مع ارتجاف جسدها، حاولت أمل جذب يدها منه ودموعها تهبط إلا أن أسامة أمسك يدها الأخرى واردف بصوت هادئ حنون:
_ متخافيش مفيش حد هنا غيري أنا مش هأذيكِ
ظلت تنظر له أمل وهو يبتسم بحنان بالغ، فبدأ ارتجاف جسدها بالهدوء، جذبها برفق يتمنى أن تسير معه وعلى عكس توقعه تحركت معه بالفعل، أجلسها على الفراش وجلس هو الآخر أمامها ثم تحدث قائلًا:
_ أنا أسامة هكون معاكِ الفترة الجاية
ظلت تنظر له دون حديث كأنها لا تعي شيء فقط نظرة الخوف في عينيها، تحدث أسامة مرة أخرى:
_ دكتور مدحت قال إنك مهمة عنده
وعند ذكر اسمه عادت ترتجف بقوة، ووضعت يدها على أذنيها وهي تحاول الصراخ وقد عاد صوته وصورته أمامها مجددًا، ارتجف قلبه لرجفة جسدها، وحالتها تلك لا يعلم ماذا حدث، حاول الاقتراب منها إلا أنها كانت تزحف للخلف حتى اصطدم ظهرها بالسرير، وهي تهز رأسها بهستيرية، وتنظر له برعب، كان يعلم أنها حالة فزع ولابد من بث الأمان لها ولكن كيف يفعل هذا؟ عادة يجعل أحد اقارب المريض يقوم باحتضانه، وبينما هو حائرًا يحاول تهدئتها كانت هي ترى مدحت أمامها يقترب منها بذلك السواط لذا كانت تبتعد حتى توغل مخيلتها ذلك الذي تراه في حلمها كل ليلة رأته الآن في واقعها، رأته يقترب منها فمدت يدها تنظر له برجاء عله ينقذها تلك المرة وبالفعل بدأت صورة مدحت تتلاشى أمامها وعندما ضمها إليه تلاشى كل شيء، كان أسامة يقترب منها بحذر ثم جذبها داخل أحضانه بقوة وجدها تتشبث به لا ينكر اندهاشه؛ ولكنه شدد من عناقها أكثر فوجدها تبكي بقوة ربت على ظهرها بحنان، بينما كانت أمل تغمض عينيها تحاول التشبث بحبل نجاتها الوحيد الذي تراه، ظلا هكذا حتى سكنت وغطت في النوم فوضعها أسامة على الفراش ووقف ينظر لها قليلا ثم همس:
_ يا ترا أي وصلك لكده وليه حسيتي بأمان في حضني وكنتِ خايفة أقرب منك الأول مش عارف كنتِ شايفاني مين عشان تخافي وشوفتيني مين عشان تطمني وراكِ حاجات كتير أوي
خرج من الغرفة وعقله شارد، ورغم ذلك كان عازمًا على معرفة كل شيء خاص بها بداية من اسمها وعلاقتها بمدحت إلى تلك اللحظة التي وصلت بها المشفى، دلف أسامة إلى مكتبه فوجد دكتورة نور في انتظاره، تحدث قائلًا وهو يجلس على كرسيه:
_ صباح الخير
_ صباح النور يا دكتور جيت بخصوص أمل
‌_ أمل مين
_ الحالة اللي في أوضة 25
تسائل أسامة بلهفة:
_ حضرتك تعرفيها
نزعت نور النظارة الخاصة بها واردفت قائلة:
_ بص يا أسامة الحالة دي مهمة جدًا لدكتور مدحت وكون أنه اختاراك تعالجها فده معناه أنو شايف إنك دكتور شاطر من وجهة نظري متضيعش الفرصة دي
نهضت واستكملت حديثها قائلة:
_ أمل معندهاش أي قرايب وهي عمرها 19 سنة أعتقد ده كل اللي هتحتاجه وحالتها أنت شوفتها ودكتور مدحت شرحها كل اللي فاضل تقوم بوجبك وأنا معاك سلام
وخرجت من المكتب تاركه إياه ينظر لها بتعجب؛ ولكن جلس على مكتبه وبدأ يدون في بعض الأوراق كل ما استطاع معرفته عن تلك الحالة كما يدعون أما هو فكان يراها الأمل مثل أسمها! سريعًا كان القمر يحل محل الشمس بنوره الخافت، حل المساء ولا يعلم لِما تلك المرة لا يريد الرحيل من المشفى اتجه إلى غرفتها للمرة التي لا يذكر عددها؛ ولكنه لا يبالي، دلف وجلس على الفراش بالقرب منها وجدها كما هي متكورة حول نفسها كوضع الجنين في رحم أمه فبدأ أسامة بالحديث كأنها تسمعه:
_ الكل في المستشفى بيتكلم عليك وعلى حالتك مش عارف ليه كل اللي بيتقال ركزوا دي مهمة لدكتور مدحت تقربِ له أي مش عارف بس كل اللي اعرفه لازم اخليكِ كويسه
وصمت بعد ذلك وهو ينظر لها ولملامح وجهها
الشاحب مرت نصف ساعة وهو يتأملها فقط ثم رحل بعقل شارد.
وصل إلى منزله فاستلقى على الفراش ينظر للسقف يفكر بها ثم غط في نوم عميق توغلته ملكة أحلامه مجددًا؛ ولكن تلك المرة بشكل مختلف، وجدها تقف على الساحل فاقترب منها حتى وقف أمامها وتحدث أسامة قائلا:
_ أنتِ مين؟
_ مش مهم
_ عايز أعرف
ابتسمت برقة وهو لا يرى ملامحها بوضوح كانت بالنسبة له ملامحها مختلطة بالنور جعلته جاهل عن معرفة هويتها، تحدثت قائلة:
_ محتاجه لك
_ وأنا عايز أعرفك
بدأت تبتعد عنه وهي تقول:
_ أنت بس اللي هتقدر تنقذني منه أنت وبس يا أسامة أوعى تسبني
ثم تلاشت من أمامه وهو يحاول اللحاق بها ولكن لا فائدة فقد ذهبت ككل مرة، استيقظ من حلمه وجلس على الفراش وهو يضع وجهه بين كفيه لا يعرف ماذا يفعل فهو أصبح على يقين أن هناك من يحتاج إليه، أما على بعد منه استيقظت أمل تنظر حولها بفزع تبحث عن منقذها الذي تراه في نومها وهي تذكر أنها استمعت لصوته هنا بجوارها في الواقع، وعندما لم تجده انزوت حول نفسها في ركن دموعها تهبط بخوف...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لـ/منار سيد
هستني رأيكم بڤوت وكومنت♡

ضحية مرض"مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن