الفصل الثالث والعشرون والأخير

92 5 0
                                    

الفصل الثالث والعشرون
ضوء خافت يراه ثم يختفي مرة أخرى همس باسمها عدة مرات ولم يجيبه أحد، فاغمض عينيه مستسلمًا  للظلام يأخذه بعيدًا، بينما هي مسطحة على الفراش في إحدى غرف المشفى، وقد عجز الأطباء عن إفاقتها أو معرفة سبب غيبوبتها تلك، فقط اكتفوا بمعالجة جروح جسدها، وفي غرفة العمليات كانوا يحاولون انعاش قلبه بكافة الطرق؛ ولكنه يبدو مستسلمًا، وفي وسط ظلمته رأها تقف على شاطئ البحر ترتدي فستانًا باللون الأبيض، وشعرها يتطاير، اقترب منه بشغف فلتفت له واردفت قائلة:
_ روحت فين
_ انا أهو موجود
_ لا عايز تمشي وتسبني
أمسك يدها ينظر في عينيها واردف قائلًا:
_ مستحيل لا
_ طب بص هنا
واشارت بيدها إلى نقطة في البحر، نظر فوجد نفسه وهو متسطح على الفراش والأطباء يحاولون إعادة النبض لقلبه، نظر لها فابتسمت واردفت قائلة:
_ مستنياك هناك أول ما ترجع هرجع
واختفت من أمامه فالتفت حوله بابتسامة مشرقة، كانت تزامنًا مع عودة النبض لقلبه وتنهد الأطباء براحة....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على بعدٍ آخر بعدما اطمئن والد نهى على أسامة، عاد إلى منزله وقص ما حدث إلى أبنته والتي لم تقل سوى:
_ ربنا انتقم
دق جرس المنزل ففتح والدها للطارق بابتسامة والذي لم يكن سوى شريف، تلاقت عينيه بعين نهى فنظرت أرضًا، كادت تنصرف ولكنه نظر إلى علي واردف قائلًا:
_ عمي ينفع تخليها؟
اماء والدها وجلسوا جميعًا فاردف شريف قائلًا:
_ أنا عايز اتجوز نهى معنديش فلوس معنديش أهل بس عندي قلب بيحبها ومستعد أخسر حياتي عشانها
تحدثت نعى بصوت مختنق بالدموع:
_ دلوقتي مش هينفع
اردف شريف بحزن:
_ ليه مش أنتِ اطلقتي
بدأ والدها يقص عليه كل شيء حدث معها، ونهى تبكي بين أحضان والدتها، وبعدما أنهى والدها سرده نهض شريف واقترب منه وجلس على ركبتيه أمامها واردف قائلا:
_ مش عاوز ولاد أنتِ بنتي أنا مش عايز
غيرك
_ مش هقدر
اردف شريف بابتسامة:
‌_ لو مكنتش شوفت لمعة عينيك النهارده ونظرة الحب مكنتش جيت هتقدري يا نهى هتقدري وأحنا سوى
واتفقا على عقد قرانهما بعد شفاء أسامة بالكامل كما أصرت نهى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وضع هشام يده أمامه وهو ينظر لهيثم المقيد أمامه، أشار له فبدأ هيثم بالحديث قائلًا:
_ أمل تكون بنت عمي وعزت أبويا مكنش بيحب عمي نهائي لأن جدي وجدتي كانوا بيفضلوه عنه ولما عزت حب بنت اتجوزها أخوه واللي هي تكون والدة أمل، بعد ما جدي وجدتي ماتوا عزت افتعل حريقة وعمي في
البيت ومات وبعدها أتجوز اللي كان بيحبها أم أمل اتجوزها غصب فكرهته أكتر وكانت ديمًا تقوله أنت عمرك ما تبقى زيه، بدأ يضربها لحد ما الموضوع بقى نشوة بالنسبة ليه وبيحب يعذبها، عذب أمل كتير عشان يعذب أمها بيها انا كنت بحب أمل بس مسمحليش وأمل كرهتني بعد ما كانت بتحبني ومع الوقت ومع ضربه وتعذيبه ليا بقيت استمتع باني أعذب حد وطبعًا ملقتش أفضل من أمل
صمت قليلًا واستكمل:
_ بس خدها مني وباعها لمدحت اللي هو كان صاحبه من زمان، مدحت كان شبهنا أوي وأكتر كمان فباع أمل ليه بالفلوس وعاش معاها يعذب أمل، وأمها كمان لحد ما موتها وبعدها أنا سفرت وجيت لما قالي أن أمل اتجوزت فكان لازم أرجعها بعدها أنت عارف
أماء هشام واردف قائلًا:
_ كلكم مجرد مرضى، مريض سادي بيستمتع بتعذيب الغير، حاليًا مملكش غير تحويلك على المحكمة واللي بالتأكيد هتديك مؤبد
صمت هيثم باستسلام وعاد إلى الزنزانة بانتظار الموت فقط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر يومان هو غائب عن الوعي وهي غائبة عن الوعي، وسهى تراعي والدتها التي استيقظت في نفس اليوم، الحزن يخيم على الجميع يخشون أن يتوقف قلبه مرة أخرى؛ ولكن مع غروب شمس اليوم الثالث بدأ يفتح عينيه، وكان أول ما همس به هو اسمها، صاح هشام بسعادة:
_ أسامة
اردف أسامة بوهن:
_ أمل، أمل فين
_ صمت هشام، فنهض أسامة ونزع الأجهزة عنه بعشوائية، حاول هشام منعه وأيضًا حازم الذي دلف للتو، خرج أسامة من الغرفة يستند على الحائط، وقفت سهى أمامه فاردف قائلًا:
_ وديني عند أمل بالله عليكِ
أماءت بموافقة، واصطحبته إلى غرفتها، دلف أسامة وظلت سهى بالخارج، اقترب يجلس جوارها واردف قائلا بهمس:
_ قولتيلي هترجعي لما ارجع
امسك يدها بيده الدافئة واردف قائلًا:
_ وأنا جيت
تحدث بصوت ضعيف:
_ حتى أمي مروحتش ليها، اصحي محتاج أطمن
فتحت عينيها وهمست باسمه فجذبها داخل أحضانه، يشدد من احتضانها بقواه الضعيفة، بكت أمل كثيرًا ثم همست بصوت متحشرج:
_ مسبتنيش
_ مستحيل كنت أقدر
دفن وجهه في شعرها يستنشق عبيرها، وأغمض عينيه وكذلك فعلت هي، فسكنت روحه، وسكنت روحها، كان بينهما رابط منذ البداية وها هم أصبح قلب كل منهما ملجأ للآخر.

تمت

ضحية مرض"مكتملة" Donde viven las historias. Descúbrelo ahora