الفصل الحادي والعشرون

48 3 0
                                    

الفصل الحادي والعشرون
مسطحة أرضًا، ويديها مقيدة بتلك السلاسل الحديدية، والظلام يحيط بكل أرجاء الغرفة، كانت تلتفت حولها بخوف تحاول رؤية أي شيء؛ ولكن لا فائدة، استمعت إلى خطوات قادمة، فزادت دقات قلبها الخائف، أغمضت عينيها تتمتم آية الكرسي كما علمتها والدة اسامة، ثم تخبر نفسها أن كل شيء على ما يرام كما علمها أسامة، دلف إلى الغرفة وأضاء المصباح، ظلت مغمضة العينين، فاردف بابتسامة:
_ افتحي عينيك
فتحت عينيها، وشهقت بعنف وهي تهز رأسها بالنفي في هستيرية، اردف هيثم:
_ أي يا حبيبتي مش فاكراني؟
اغمضت أمل عينيها بقوة، يتسأل تتذكره أم لا، وهل يمكن نسيان أحد كان ملجأً ثم أصبح هلاكه؟
جلس هيثم أمامها وأمسك يدها بقوة فتأوهت بألم وهي تحاول إبعاده؛ ولكنه قربها إليه أكثر وهمس قائلًا:
_ من سعت ما شوفتك مع الواد ده وأنا حالف ارجعك ليا تاني وأهو حصل
_ مش هيسبني ولما يعرف إنك زي الحيوان التاني هيندمك
جذبها هيثم من شعرها بعنف عقب جملتها الأخيرة واردف بابتسامة:
_ لا وأنا ميرضنيش هجبهولك لحد عندك بس الأول نظبط الدنيا أنا وأنتِ
ثم انهال عليها بالضرب وصراخها يرج أركان الغرفة والتي لو كانت تبكي لبكت عليها، غابت
عن الوعي، فوقف هيثم ينظر لها واردف قائلًا:
_مش ذنبي يا أمل غصب عني
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صور مشوشة وضوء منبعث قوي جعله يغمض عينيه، استمع لصوت صراخها، ففتح عينيه وركض يبحث عنها، وقف في المنتصف يلتفت هنا وهناك بعجز لمحها أمامه، وأحدهم ينهال عليها وبالضرب، ركض سريعا يبعده عنها، اشتد النزاع بينهم، وقع أسامة أرضًا وعندما نهض وجد أمل تصيح قائلة:
_ أسامة لا
فانطلقت الرصاصة تستقر في صدره، نهض من غيبوبته الصغيرة وهو يصيح باسمها، اقتربت سهى منه واردفت قائلة:
_ اهدى يا أسامة
نهض عن الفرش سريعًا فتعثر وكاد يسقط لولا هشام وحازم اللذان أسرعا بإمساكه، أبعدهما عنه وخرج من المنزل سريعًا، كان يعرف وجهته، وقد قرر تتابع ذلك المكان الذي رأه في حلمه، ذلك المخزن القديم على الطريق الصحراوي للإسكندرية...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صاحت باسمه بفزع وخوف، حاولت النهوض ولكن تأوهت بألم، فلم تملك سوى هبوط دموعها متمتمه بآيات من القرءان، وهي تدعو الله فقط، بينما بالخارج أمام الباب علا صوت مدحت الغاضب واردف قائلًا:
_ أنت بتستهبل ليه مقولتش إنك هتجبها النهارده
وضع هيثم يده في جيب سترته، واردف ببرود:
_ مزاجي
_ هيثم والله اقتلك ولا تفرق لي في شيء
قالها مدحت بتهديد غاضب فالتقت هيثم سلاحه
من جيبه واردف قائلًا:
_ قبلها هيكون رصاص مسدسي مله في دماغك
اردف عزت صديق مدحت قائلًا:
_ أهدى يا مدحت وأنت يا هيثم متعصبهوش، المهم دلوقتي أنها معانا وأحنا التلاته أهو سوا، نعمل زي زمان بقى
اردف هيثم بجمود وهو يجلس على الكرسي أمامهم:
_ موافق تدخلوا لها بس بشرط زي ديمًا أخركم ضرب
نظر عزت له بابتسامة واردف قائلًا:
_ وأنا موافق دي عيلة أشبع بيها
وتركهم ودلف إليها وهو يبتسم بانتصار، وفي  داخله سعادة لما سوف يفعله. كانت هي قد جلست تضم ركبتيها لصدرها، وتهز جسدها بخوف، دلف عزت للداخل فارتجف قلبها وهزت رأسها بالنفي، فكيف لكابوس آخر أن يعود، جذبها من شعرها، فصرخت ووقفت مستجيبة له، دفن رأسه في عنقها، وهو يلوي يدها خلف ظهرها، ظلت تتلوى بين يديه وهي تحاول ابعاده بكل قواها، فضغط على يدها، وصرخت بألم، شعرت بأنفاسه الكريهة على بشرتها وهمس قائلًا:
_ بقيتِ زيها أوي
ثم ضغط عليها أكثر فتأوهت، واردف قائلًا:
_ مامتك كانت بتحبك أوي وهي كانت حلوه أوي زيك
صاحت أمل بغضب ودموع:
_ متجيش سيرتها
_ ليه أنتِ نسيتي ماتت ازاي
اغمضت أمل عينيها بقوة واردفت قائلة:
_ بس، بس
ابتسم عزت واردف مجددًا:
_كانت بتصرخ باسمك والسكينة بتدبح في رقبتها
صرخت أمل صرخة مدوية وهي تتذكر ذلك، كان مدحت يحرق يدها فاقتربت والدتها تحاول إبعاده، فجذبها عزت من خصلات شعرها والقاها أرضًا ظل هو ومدحت يجلدونهما بالسواط، وعندما زاد صراخ أمها وهي تسبهم جذب مدحت أمل من شعرها بينما التقت عزت السكين، ولف يده على رقبة والدتها ثم اردف وهو ينظر لأمل بابتسامة مقززة:
_ عايزك تفضلي فاكرة المشهد ده طول عمرك
وبدأ يحرك السكين على رقبة والدتها، فسقطت
أرضًا تلاقي نزاعها الأخير، كانت أمل لم تتعدى الاثني عشر في ذلك الوقت.
ظلت تصرخ وهو يضحك بقوة، كأن تذكره
لذلك ينعش روحه المريضة، سقطت أمل أرضًا وجسدها ينتفض، بينما عزت يضع يده في جيب سترته ينظر لها بابتسامة، أغمضت أمل عينيها وتكورت حول نفسها وصرخت، صرخت حتى انقطع صوتها وسقطت في قوقعة الظلام من جديد، اردف عزت بشماته وهو ينظر لها:
_ أبوكِ خد مني كل حاجه زمان، وكان الكل بيحبه وأهو أنا خدت منه كل حاجه وبقيت أقوى بينما على بعد ليس بكثير كان يقود سيارته بسرعة حتى كاد يفتعل حادث عدة مرات، وصل إلى وجهته أخيرًا، وقف أمام المخزن، ووضع يده على قلبه وهو يشعر بألم حاد به، دلف من الباب الخلفي بحذر ثم أغمض عينيه يستحضر صورة الباب الذي كانت أمل تقف أمامه في الحلم، فتح عينيه ينظر حوله حتى وجده، اقترب بحذر وجد الساحة من حوله فارغة لا يوجد بها أحد، دلف بهدوء يبحث عنهابعينيه وسط هالة الظلام التي تحيط بالمكان، لم يكن ينير له سوى ضوء القمر الخافت الذي صنع شعاع من النور عمودي على الغرفة، نظر في كل ركن بها، حتى وجدها متكورة حول نفسها في وضع الجنين اقترب منها بفزع، جلس أمامها يحاول افاقتها؛ ولكن لم تستجيب، اردف أحدهم وهو يقف خلفه:
_ نورت يا دكتور

ضحية مرض"مكتملة" Where stories live. Discover now