الفصل الرابع

428 7 2
                                    

الفصل الرابع
كانت الشمس لم تشرق بعد حينما وجدته والدته يخرج من غرفته بتعجل فأردفت قائلة بدهشة:
_ أسامة أنت رايح فين
نظر لها وهو لا يجد إجابة فهو نفسه لا يعرف لِمَا يريد الذهاب للمشفى الآن تنهد حائرًا واردف أسامة قائلا:
_ هروح المستشفى ومن غير ليه يا أمي عشان خاطري بس لازم اروح
_ خلاص يا إبني روح
خرج من منزله بتعجل متجهًا صوب المشفى، وبالفعل ما هي سوى دقائق وكان قد وصل، لم يكن يعرف وجهته حتي وجد نفسه أمام غرفتها تنهد، وهو حائر لا يعرف لِما هو هنا الآن، دلف إلى الغرفة يبحث عنها بعينيه حتى وجدها تجلس في ركن بعيد تضم ركبتيها لصدرها
وعينيها زائغة تنظر هنا وهناك بخوف اقترب منها وهو يهمس باسمها، نظرت أمل في اتجاهه بلهفة، وهي لا تراه هو بل كانت ترى منقذها في أحلامها، وجدها تمد يدها له وهي تحاول التحرك ولكن لا فائدة فاقترب منها يمسك بيدها وهو يجلس على ركبتيه أمامها حتى تحدثت هي قائلة:
_ ممم.. متت.. متمشيش
اتسعت عينيه وهو ينظر لها أتحدثت الآن بل وتطلب منه المكوث؟ ابتسم أسامة بحنان وهو يضغط على يدها برقة واردف قائلا:
_ مش همشي تعالي
وساعدها على النهوض وهي تنظر له بخوف كأنه القشة التي يتعلق بها الغريق أجلسها على الفراش، وعندما اصطدم كتفها تأوهت بقوة وهي تعض على شفتيها بألم نظر لها سريعًا:
_ آسف آسف
_ ف.. في.. و.. وجع.. ه.. هنا
وكانت تشير على كتفها وظهرها، نظر لها أسامة بتعجب ثم أقترب منها قليلا يبعد الكم عن يدها، اتسعت عينيه وهو يرى ذلك الجرح بطول يدها، وليس جرح عادي بل هناك من فتح يدها بسكينة ربما، رفع الكم أكثر ليجد العديد من الحروق، والجروح أغمض عينيه بقوة، وهو يضغط على شفتيه يمنع صرخة متوجعة من الخروج، ألم؟ بل أبشع كان ينظر ليدها وهو يخشى الكشف أكثر، أبتعد عندما شعر بدموعها فجلس أمامها وهو يمسك بيدها يحاول تهدئة رجفة جسدها وتحدث أسامة قائلًا:
_  أمل مين عملك كده في ايدك
_ ه.. هو.. ك.. كان... ب... ضربني.. وهي.. توجع... ا.. أوي
كانت تتحدث بجهد شاق ودموعها تهبط بغزارة مع رجفة جسدها التي ازدادت، جذبها أسامة داخل أحضانه، وهو لا يشعر بتلك الدمعة التي تمردت عليه ظل فقط يحتضنها، وهي تتشبث بقميصه بقوة رغم ضعفها، أما عنه كان يشعر وكأنه يحتضن ماسة رغم رغبته في ضمها بقوة إلا أنه كان يخشى أن يربت على ظهرها فيؤلمها، ظل هكذا حتى سكنت تمامًا ، وغطت في النوم كالمرة السابقة، فوضعها في الفراش، وخرج من الغرفة إلى مكتبه، جلس أسامة يضع وجهه بين كفيه يغمض عينيه، ومشهد رأيته ليدها يعاد أمامه ضغط على شفتيه بعنف يقسم أن يعرف فقط من فعل هذا وعندها سوف يريه كيف يكون التعذيب، همس بصوت مسموع:
_ أنتِ مش مريضة يا أمل أنتِ ضحية شخص مريض وقسمًا بالله لهندمه على كل اللي عمله فيكي أنتِ بس ترجعي كويسة.. عشاني حتى
مر أسبوع دون أي جديد غير أنه كل ليلة يذهب إليها، فتظل تبكي، وهو يحتضنها إلى أن تغفو لم تتحدث سوى قليلًا، وبكلمة واحدة فقط " متمشيش"، أما أسامة فكان في حالة يثرى لها لا يعرف كيف يتعامل معها، هو طبيب لكنها ليست مريضة، وإن كانت مريضة فلا يملك ما يساعده على مساعدتها، كانت قد بلغت العاشرة ومازال أسامة في مكتبه، حتى أخبرته الممرضة برغبة مديره بأن يذهب إليه، حاول استجماع نفسه وذهب إليه، دلف أسامة واردف بهدوء:
_ صباح الخير يا فندم
_ صباح النور يا أسامة أقعد..... ها اخبار الحالة أي
_ لسه مفيش تقدم
نظر له مدحت بغضب واردف قائلا:
_ ازاي يعني
تحدث أسامة بفتور:
_ المريضة عانت من شخصية مريضة ولسه مش قادرة تستجيب لأي وسيلة علاج واضح أن الشخص المريض ده دمرها
ارتبكت نظرات مدحت، والتي كان يراقبها أسامة جيدًا، وفي داخله شك قارب اليقين، تناول مدحت أحد الاقلام يعبث بها وتحدث قائلا:
_ ازاي يعني تقصد أي
_ هيبان يا فندم وعد مني لحضرتك أمل هتكون كويسة وهنعرف اللي عمل كده وهبلغ حضرتك عشان ياخد جزائه كويس عن أذنك
وخرج من الغرفة تاركًا مدحت في توتره، أما هو فكان يسبه في نفسه، واتجه لغرفتها كالمعتاد، جلس أسامة أمامها يمسك بيدها وينظر
لملامح وجهها الملائكية ولدموعها التي تهبط أثناء نومها، مرت صف ساعة وهو مازال ينظر لها حتى استيقظت فرأته أمامها، كان الفزع يسيطر عليها للحظات فظلت تبتعد إلى الخلف حتى اصطدم ظهرها بالحائط فاقترب هو منها أكثر وقد بدأ جسدها بالارتعاش فتحدث أسامة بلا وعي قائلًا: 
_ بحبك
هزت رأسها بستيريه وهي تبتعد عنه لولا إمساكه بيدها وجذبها برفق قائلًا:
_ في اي
_ م.. مفيش.. ع.. عايزه
كانت تتحدث بتلعثم، وجسدها يرتعش مما جعله ينظر لها بصدمة لِما نظرة الخوف تلك ألم تكن تستكين معه، تحدث أسامة قائلًا:
_ اهدي بس في أي أنا مجتش جنبك آسف
_ ه.. تضربني و.. وتعذبني.. ز.. زيه
_ هو مين أهدي
قالها وهو يقترب منها يرغب في ضمها عله يهدئ من رعشة جسدها؛ ولكنه لم يكد يلمسها حتى زاغت عينيها وجسدها يرتعش أكثر ثم سقطت فاقدة للوعي، التقتها أسامة بين يديه ينظر لها بخوف حاول إفاقتها حتى بدأت بفتح عينيها ثم ابتعدت بفزع كانت لا تراه منقذها ككل مرة بل كانت تراه ذلك الوغد، كانت تستمع لصوت مدحت وضحكته التي تدب الرعب في أوصالها، أما أسامة فلم يقترب إلا فجأة أعطاها حقنة مهدئة، وتمسَّك بها، وهي تحاول إبعاده بضعف حتى خارت قواها تمامًا، ظلت بين أحضانه حتي بدأت تغط في النوم وترى منقذها كما كانت تراه فتشبثت به تدفن وجهها داخل صدره كالطفل الذي يتشبث بوالده، مر الوقت ولم يشعر أسامة ولم يعي سوى
عندما دق الباب، نهض بهدوء فالتفت هي في وضع الجنين ككل مرة، فتح الباب واردف أسامة بهدوء جاهد ليصطنعه:
_ دكتورة نور كويس كنت جاي لحضرتك
_ تمام في حاجه لازم تعرفها تعالى نروح المكتب
أغلق أسامة الباب على وأمل واتجها إلى للمكتب فتحدث أسامة:
_ ها يا دكتور في أي؟
_ أمل تبقى مرات دكتور مدحت
نظر لها بصدمة لا يصدق ما تقول كيف هي في سن ابنته كيف تكون زوجته، ولم يكد يفوق من صدمته حتى تنهدت نور، واردفت وهي تنظر أرضًا:
_ من يومين لما أنت مشيت بدري أنا عملت فحص كامل ليها فحص جسدي يا أسامة
هبطت دموعها وهي تتذكر مشهد جسدها أخذت نفس عميق وأكملت:
_ أمل بالكامل جسمها مشوه آثار ضرب وتعذيب أنا عارفه إنك شوفت ايدها بس ايدها متجيش حاجه فباقي جسمها، جسمها في آثار حروق كتير، وكان في جرح واضح أنه كان كل ما يتعالج حد يفتحه، مكنش واحد بس ده؛ ده كان كتير جسمها كله يعتبر 
وجلست على المقعد تضع وجهها بين كفيها تبكي أكثر، أما هو فسقط بجسده على الكرسي الآخر وهو ينظر لها بصدمة ماذا تقول؟ زوجته وتشوه عن أي شيء تتحدث، كان تائهًا عقله لا يعي شيء مما يقال، نظر لها واردف أسامة بصوت تائه:
_ لالا أنتِ بتقولي أي أكيد هي مشفتش كل ده أكيد مش كل ده وجع كانت فيه لا مستحيل
كانت تبكي أكثر بينما هو كان يشعر بتمزق في داخله نهض دون أي حديث يغادر الغرفة بل المشفى بأكمله، ظل يتجول بالشارع حتى حل المساء واتجه إلى منزله دلف فوجد والدته تجلس بانتظاره اقترب منها، والقي بنفسه داخل أحضانه وتحدث أسامة بصوت ممزق:
_ قلبي وجعني أوي يا أمي
_ من أي يا حبيبي
تحدث أسامة بروح مرهقة:
_ أنا حبيتها أوي بس طلعت متجوزة طلعت متجوزة واحد مريض يا أمي بيأذيها وبس واحد خلاها مريضة نفسيًا، وجسديًا، قلبي وجعني أوي يا أمي مش عارف أعمل أي ولا اتصرف ازاي
_ دي متجوزة يا أبني مينفعش تعمل كده
ابتعد عنها واردف بغضب:
_ متجوزة مريض سادي يا أمي بيستمتع بتعذيب بنت أقل ما يقال مش في سن بنته لا  أقرب لحفيدته كمان أنتِ متخيلة القذر ده عمل أي تاني مستحيل، مستحيل هسبها ودلف إلى غرفته القى جسده على الفراش يغط في نوم عميق يهرب من واقعه الأليم ليذهب في حلم آخر اعتاد عليه، اقترب منها مجددًا؛ ولكن تلك المرة اردف بصوت مرهق:
_ أنتِ مين أنا تعبت بقى
أمسكت يده واردفت قائلة:
_ هتسبني وأنا محتاجه لك يا أسامة
_ وأنا معرفكيش عشان أعرف هساعدك ازاي
_ بس أنا اعرفك وأنت كمان تعرفني كويس
كاد ينزع يده من يدها إلا أن لمستها ليده ذكرته بلمسة يعرفها جيدًا نظر لوجهها والذي بدأ النور بالابتعاد عنه وبدأت ملامحها بالوضوح فاتسعت عينيه وهو يتعرف على هويتها...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
متنسوش رأيكم بڤوت وكومنت♡

ضحية مرض"مكتملة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن