الفصل التاسع

70 4 0
                                    

الفصل التاسع
ظل يربت على يدها وهي تغمض عينيها أكثر ودموعها تهبط بعنف وهي ترى أمامها ذلك الوغد الآخر وأيضًا مدحت وهما يفعلان بها ما فعلاه، ظل أسامة يهمس لها بكلام حاني مطمئن وهو يتعجب فهو لم يرى مدحت إذا ماذا حدث؟ لم يجد حلا سوى احتضانها وتهدئة رجفة جسدها، فضمها برفق وهي تقاومه، وهو يدفن رأسها في صدره يهمس بصوته حتى يخرجها من غيمة الفزع، بدأ عقلها الباطن يستمع صوته، صوت منقذها كما يراه فتشبثت به وهي تدفن نفسها في حضنه تحتمي به من كل ما حدث، على بعد منهم خرجت سهى من الغرفة
يتبعها حازم، أرتمت سهى بين احضانه تبكي وهي تسأله عن أمل ولما فزعت هكذا، فقص عليها كل ما يعرفه، زاد بكاءها، وهي تتخيل الألم الذي تشعر به أمل، فظل حازم يربت على ظهرها حتى هدأت. مرت نصف ساعة  ومازالت أمل ترتجف وأسامة يضمها إليه وهي تخفي وجهها في كتفه، اغمض عينيه وهو يشعر بأنين روحه من أنينها الممزق، ابعدها عنه قليلا وابتسم رغما عنه ثم تحدث قائلا:
_ أمل حبيبى اتكلمي
فتحت فمها تجاهد للحديث ولكن باءت محاولتها بالفشل فلم تملك سوى الدموع، مسح أسامة دموعها ومازالت الابتسامة المطمئنة تزين ثغره، وظل يردد بعض الحروف وهي تردد وراءه حتى استطاعت الحديث مجددا فاردف أسامة قائلا:
_ ليه عيطي
_ هه... هو... كك... كان... بب.. بيبصلي... وو.. ويضحك
_ هو مين
لم تجبه بل وضعت إصبعاها في فمها تقضم أظافرها واردفت قائلة:
_ كك.. كان... بب.. بيخلي... ااا.. الناس... تت.. تتفرج... عع.. عليا.. و.. وتضحك
منعها أسامة من الاستكمال فجذبها داخل أحضانه مجددًا يشعر وكأنه يريد أن يخبأها بداخله، بكى قلبه دون أن تبكي عينيه، نظر أسامة لشقيقته عندما استمع لشهقتها الباكية وجدها تقف على باب الغرفة ويبدو أنها استمعت لحديث أمل، ظلت أمل بأحضانه حتى غفت فوضعها  على الأريكة واتجه إلى اخته التي اردفت ببكاء:
_ ليه ليه البشر مؤذية كده
بلع أسامة غصة في حلقه واردف قائلا:
_ مش كل البشر مؤذية يا سهى في بشر طيبة بس الأغلب مؤذي وهنا بيختلف نوع الأذية في أذى نفسي وفي أذى جسدي وكلاهما بيوجع بس هي شافت الأتنين يا سهى
ربت حازم على كتفه واردف قائلا:
_ براحة يا صاحبي على نفسك
ابتسم أسامة بهدوء وفي داخله يقسم أنه سوف يلقنهم درسًا على كل هذا، مرت ساعتين حتى استيقظت أمل وجدته جوارها يمسك بيدها فنهضت تنظر حولها بفزع، ابتسم أسامة وهو يربت على يديها برفق يهمس ببعض الكلمات المطمئنة؛ ولكن أمل اردفت قائلة:
_ هه... هو.. كك.. كان.. وو.. واقف.. هه.. هناك
_ بس دلوقتي مفيش حد
دلفت سهى فانتفضت أمل بخوف تمسك بيد
أسامة بقوة، تنهد أسامة بعمق ثم اردف قائلا:
_ هنمشي احنا يا سهى
أماءت بتفهم فأخذ أمل وخرج من المنزل متجهًا إلى منزله، وأمل تتشبث بيده كالطفل الصغير، دلف إلى منزله وأمل متعلقة بيده تأبى الابتعاد، تحدث أسامة بدهشة:
_ دكتور نور حضرتك بتعملي أي هنا
_ أنت ازاي تاخد أمل وتمشي
عقد أسامة حاجبيه باستغراب واردف قائلا:
_ أومال اسيبها له يعمل فيها اللي عمله تاني
_ لا تاخدها وتمشي كأنها مراتك
_ براحتي مستحيل كنت اسبها هناك
أشتد النزاع بينهم أكثر فعلى صوت نور وطغى صوت أسامة عليه، قطع هذا النزاع والدته التي
اردفت قائلة بعد صمت:
_ هي معاها حق رجعها المستشفى أيًّا كان دي مراته وأنت أبني مش هسمح تتأذي مينفعش
نظر أسامة لهم واردف قائلًا:
_ وأنا مش هرجعها لو حياتي هتخلص بس هنقذها منه موافق
نظرت له نور بدهشة واردفت بتساؤل:
_ ليه؟ عشان أي كل ده؟ دي مريضة يا دكتور فوق
ارتفع صوت أسامة مرة أخرى بدفاع:
_ ليه عشان بحبها وعشان مينفعش اسيبه يأذيها حتى لو مش بحبها مينفعش اسيب بني ادم يتأذي يا دكتورة احنا وظيفتنا وواجبنا أننا نداوي الناس ازاي بتطلبي مني اسيبه يأذيها وهي مش مريضة افهمِ دي ضحية
ابتسمت نور رغم الخوف عليه في داخلها واردفت قائلة:
_ تمام يا دكتور وأنا معاك في اي حاجة
التزمت والدته الصمت مرة أخرى وهي ترى خوف أبنها وحبه لتلك الفتاة، نظرت لأمل والتي كانت متكورة في ركن بعيد ترتجف بخوف فهي منذ أن رأته يصيح هكذا وهي ابتعدت تجلس   فعندما رأته يصيح هكذا انتفضت بزعر قبل أن تبتعد إلى الخلف تجلس في ركن بعيد في الغرفة تضم نفسها وهي تبكي بصمت وخوف، اردفت والدت وهي تشير إلى أمل:
_ واللي أنت بتدافع عنها أنت أذيتها دلوقتي
نظر أسامة لما تشير له، فانفطر قلبه وهرع إليها يحاول ضمها إلا أنها كانت تحرك رأسها بالنفي وتبعده عنها بيديها، حتى إن أظافرها أصابته، إلى أنه ظل يحاول السيطرة عليها فتحدثت ببكاء وخوف:
_ مم... معملتش... حح.. حاجه
همس أسامة بجملته المعتادة بالقرب من أذنها، فأغمضت عينيها بقوة ووضعت يدها على أذنها وهي تحرك رأسها بالنفي ، جذبها أسامة داخل أحضانه أكثر وهي تحاول إبعاده بقوة وترى مدحت وهو يقترب منها ويضمها إليه ثم يهوى على ظهرها بالسكين الحامي، صرخت بقوة، صرخت صرخة انقطع بها صوتها، وهوى بها قلبه، صرخات قوية ذبيحة جعلته يشعر بروحه تسحب منه ظلت تصرخ لكل ألم لم تستطع أن تصرخ حين شعرت به، ضمها أسامة أكثر، فأكثر، فظلت تضربه على ظهره وهي تبكي بعنف، شدد من عناقه لها وهو يشعر بقلبه يأن بألم، خارت قواها وسقطت بين احضانه ومازالت الدموع تهبط من عينيها. حملها ووضعها على الفراش لتتكور في وضع الجنين، خرج أسامة ينظر لهم بابتسامة رغم تلك الدمعة التي تمردت عليه واردف قائلًا:
_ ها يا دكتورة نرجعها المستشفى ولا أي رأيك اروح اوديها لمدحت في البيت
ثم نظر لوالدته بنفس الابتسامة والتي كانت تعكس روح تمزقت بداخلة واردف قائلًا:
_ ها يا أمي أرجعها ليه صح
ظلت نور تبكي ووالدته أيضا فاردف أسامة بزعيق متألم:
_ ساكتين ليه ها قولولي أروح أوديها له أروح عشان يعذبها أروح عشان يجلدها قولولي، قولولي وديها للنار وتعالى ردوا عليا
صمت قليلا واستكمل حديثه وهو يجلس ويضع وجهه بين كفيه بألم:
_ ذنبها أي ذنبها أي تعيش مع واحد مريض بالله مش حرام مش حرام اللي حصل فيها ده

ضحية مرض"مكتملة" Where stories live. Discover now