الفصل السادس عشر

74 5 0
                                    

الفصل السادس عشر
حلت الشمس مكان القمر فأنارت الغرفة بدلًا منه، وتعالت زقزقة العصافير وهي تلهو هنا وهناك ، كان أسامة ينام على الأريكة بالغرفة فاستيقظ فزعًا على صوت آنينها، اقترب من الفراش يحاول إفاقتها حتى استيقظت وهي تنهج بفزع قبل أن تغرق بنوبة البكاء، ضمها إليه يهمس لها بهدوء يحاول تهدئتها حتى استكانت وتوقفت عن البكاء وهي مازالت ترتجف بين يديه، رتل آية الكرسي بهمس في أذنيها وهو يربت على ظهرها، ثم همس أسامة بصوته الحاني:
- حصل أي
تلجلجت أمل في الحديث فتحدثت بصعوبة :
_ش..شوفته..ك..كان..ع..عايز..ي..ياخدني
ثم ابعدت رأسها من صدره ونظرت له ودموعها تهبط واردفت قائلة:
_ ه..هو..ق..قتل..م..ماما
ثم ارتفع صوت بكاءها أكثر واردفت قائلة :
_ ش..شوفته
ضمها أسامة إليه مجددًا واردف قائلًا:
_ طب أهدي بالله عشان خاطري
تحدثت أمل بصوت متحشرج :
_كك..كان..بيضربها ..بب..بالسكينة
أغمض أسامة عينيه بحزن وقد شعر أنه عاد معها إلى البداية فاردف قائلًا :
_ عشان خاطري أهدي
وظل يربت على ظهرها حتى هدأ بكاءها وعادت تخبره أن لا يتركها وهو لا يملك سوى التأكيد على أنه سيظل معها، اردف أسامة بابتسامة:
_ عمري ما هسيبك
يلا نطلع ناكل وخرجا من الغرفة وهو يحيط كتفيها بذراعه، جلسا يتناولان طعام الافطار وسط مزاح والدته وأمل...
______________
وقفت سماح جوارها والطبيب يفحصها بعينين حزينة على حالتها ثم اردف قائًلا بأسف:
_ انا آسف الجنين مات
شهقت سماح بقوة واردفت قائلة:
_ هي كانت حامل
_ للآسف ايوه والضرب أدى لموته وهنحتاج تيجي المستشفى نعمل سونار ده لازم
اردف مدحت ببرود وهو يقف يستند بكتفه على باب الغرفة:
_ ليه هو مش مات وخلصنا عايزها ليه
نظر له الطبيب بغضب من فظاظته وبروده واردف قائلًا:
_ لان البني ادم القذر اللي ضربها أثر على الرحم وده لازم اتأكد منه في المستشفى
كظم مدحت غضبه منه فقد سبه للتو واردف وهو يضغط على اسنانه:
_ مبنوديش مستشفيات وصلي الدكتور يا سماح
اصطحبته سماح وهي تبكي على تلك المسكينة أما مدحت فاقترب منها وهو يبتسم كأن شيء لم يكن، كأنه لم يتلقى خبر موت ابنه قبل أن يصل للدنيا قبل قليل..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ها هو الآن وبعد مرور شهرين أخرين، يتسأل أ حان الوقت لتكون له؟ تكتب على اسمه، يكون زوجها ووالدها وحبيبها، يا الله يا له من شعور رائع تملك قلبه، سكنت إلى جواره، لا تطمئن سوى معه، وهو لا تسكن دقات قلبه وهو معها، ها هو يجلس يردد وراء المأذون ما يقوله وأمامه يجلس حازم صديقه والذي كان وكيلها، يده بيد صديقه وهو يشعر كأنه فاز في حرب فكانت هي أعظم انتصاراته، ردد وراء المأذون ثم وقع هو وبقى توقيعها ثم تصبح له، كانت هي تجلس في غرفته كما اعتادت منذ اول ليلة لها هنا، كانت تقاوم صراع ومشاهد عادت أمامها تذكرت همس أسامة لها طوال الشهور الماضية وهو معها يهمس لها بكلماته:
_ أنا هنا معاكِ
_طول ما أنا معاكِ أوعي تخافي من شيء
أغمضت عينيها وهي تحتضن نفسها وتذكرت جملته لها صباحًا:
_ النهارده هنكتب كتابنا، أمل انا بس كده كل اللي عايزه إني هبقى جنبك ومحدش يقدر يبعدني كوني واثقة من ده
دلف أسامة وبيده الدفتر الخاص بالمأذون، وجدها تضم ركبتيها لصدرها وهي تنظر أمامها بشرود، جلس أمامها فنظرت له بدموع مسح أسامة عينيها واردف قائلًا:
_ بتعيطي ليه
تنهدت تحاول تمالك دموعها كما علمها هو واردفت قائلة:
_ خايفة
_ مني؟
نظرت أرضا دون إجابة طال صمتهما، وأسامة يشعر بوخزة في قلبه، تخشاه وتخشى الزواج به، الآن بعدما كان مصدر أمانها، نهض أسامة وهو ينوي إنهاء عقد القران هذا والرحيل من هنا فلا مجال للحديث والبقاء ما دامت تخشاه، أما أمل فكانت تضم ركبتيها لصدرها، وجسدها يهتزر وعينيها زائغة واردفت قائلة:
_ كنا مش متجوزين
وقف مكانه كالصنم عجز لسانه عن النطق وتوقف عقله عن التفكير بينما أكملت أمل بهمس متألم بعدما أخذت نفس عميق وحبسته داخل صدرها كما علمها أسامة:
_ هو خدني وكنت صغيرة 15 سنة كانت ماما معايا حبسها في الأوضة وكان بيجي
صمتت برهة ودموعها تهبط بصمت، بينما أسامة جلس امامها وهي تنظر في نقطة بعيدة عن عينيه ثم أكملت:
_ك.. كان بيجي الاوضة يضربني ويقطع هدومي، كنت بفضل أصوت كتير أوي ب.. بس مش كان في حد بيبعده عني كان مش بيبعد غ.. غير لما يغمى ع.. عليا
شهقت وقد زاد بكاءها واردفت قائلة:
_ ل.. لحد ما.. م.. موت ماما وبعدها لما كملت 18 سنة اتجوزني
ارتجف جسدها وهي تشهق بقوة واردفت قائلة:
_ م.. مش.. ك.. كان بيعاملني عادي هو ك.. كان.. بيع..
وصمتت وهي تبكي بقوة، فهم أسامة ما ترمي إليه فجذبها من يديها بقوة فسقطت بين يديه لفت أمل يدها حول رقبته ودفنت رأسها داخل صدره وهي تبكي بعنف، كانت تتذكر ما فعله مدحت معها فتبكي أكثر، رغم نجاح أسامة في علاجها إلا أنه مازال هناك آثر لم يمحى لما مرت به، أغمض أسامة عينيه بألم ودفن رأسه في رقبتها يستنشق عبيرها وهو يشعر بوغزة في صدره، همست أمل بعدما هدأ بكاءها:
_ م ..مش بخاف.. م.. منك والله
_ تتجوزيني؟
همس بها أسامة فصمتت أمل وهي تتشبث به كأنها تريد أن تدخل نفسها داخل صدره، هو الآن كان يعي سبب خوفها فاردف أسامة بهمس حنون:
_ مش هلمسك بس هتبقي على اسمي عشان محدش يقدر يبعدك عني وعد مش هاجي جنبك غير لما تقولي أنتِ
هزت رأسها بموافقة وهي داخل صدره فجذب الدفتر وأعطاه لها وقعت باسمها وهي تسند رأسها على صدره تستمع لدقات قلبه الهادرة اردف أسامة ما إن وقعت:
_ بحبك
فتشبثت أمل به وهي تغمض عينيها، دلفت والدته للغرفة فأشار إليها بالصمت وأعطاها الدفتر فأخذته وخرجت من الغرفة، أبعد أسامة أمل عنه فعادت تتشبث به كالطفل الصغير، فاستلقى على الفراش وهي بين أحضانه تغمض عينيها لتهرب من كوابيس الواقع بالنوم، احتضانها أسامة أكثر وغط في النوم هاربا من الواقع هو أيضًا..

ضحية مرض"مكتملة" Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang