رسائل من الماضي

1K 73 358
                                    

أكلة دينيس المفضلة هي كعكة الغابة الحلوة بالعسل والمكسرات.

اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين!
________________________________


علم جونغكوك أنه كان يتعدى على خصوصية فايا، وهو يعلم جيدًا أن هذه الرسائل تخصها وحدها، لكن فضوله كان أقوى من أن يتمكن من تجاهله. فالرغبة في معرفة ما كتبه دينيس لفايا، وما كان يريد أن يخبرها به في سن الخامسة والعشرين، كانت تزداد داخله مع كل لحظة.

«شقرائي الحسناء، فايا...

عقلي مزدحم بالكثير من الأحاديث، ولا أعرف من أين أبدأ. وأنا أبحث عن ما يجب أن أخطّه لكِ، مزقت عشرات الأوراق، بعض الأحاديث قد آذتني، والبعض الآخر كان ليؤذيكِ أنتِ، فـ ارتأى لي أن أتجنب ذكرها!

لكن، بعد الكثير من الفوضى، وجدت أن العودة إلى نقطة البداية سيكون الحل الأمثل، لن يكون بمقدوري التحدث عن تلك الذكريات لكِ وأنا حي، فأنا أخاف من أن تتغير نظرتكِ لي أو ربما... تجديني مثيرًا للشفقة، وأنا لن أتحمل تلك النظرات منكِ أبدًا!

فها أنا ذا أكتب لكِ المشاعر التي راودتني طوال حياتي، واللحظات التي عشتها قبل لقاءكِ وبعد... قد يكون تصرفًا أحمقًا، لكني ممتلئ حد الانفجار، وأرغب في مشاركة كل ما عشته مع أحدٍ ما. وانتِ يا فايا، لم تكوني يومًا مجرد صديقة طفولة ولا حبيبة أسرت قلبي و جوارحي. انتِ أمي وأبي، أخي وأختي، صديقتي وحبيبتي، أنتِ عائلتي!

أنا يا فايا، ولدت في ليلة سوداء حالكة، لم يكن فيها أي بصيص نور سوى النيران التي كانت تلتهم البيوت، تُحوّلها إلى رماد، وتختطف معها أرواح الأبرياء. في اليوم الثاني من أبصاري النور، هجمت ذئاب الروج على القطيع، وكأنها جاءت لتكمل دائرة الحظ السيء الذي كان يرافقني منذ ولادتي. وهكذا توالت الكوارث، حتى لُقبت بالطفل الذي يجلب الشؤم، وأنا لم أكن سوى رضيع لم يفهم بعد معنى الحياة.

كل من حولي اعتبرني مصيبة تمشي على قدمين. أمي، المرأة التي من المفترض أن تكون حضني الدافئ، كرهتني منذ اللحظة الأولى. لم تكن تكتفي بالضرب المبرح لأتفه الأسباب، بل كانت تتركني جائعًا لأيام، وكأنها تنتقم مني لشيء لا أدركه.

أخوتي بدورهم، ورثوا هذا الكره منها. كانوا يحطمون الأثاث ويتهمونني زورًا، وهي تعلم يقينًا أنني بريء، لكنها كانت تفضل تعذيبي بدلًا من الدفاع عني.

كنت أجلس على الأرض الباردة، أراقبهم بملابسي الرثة والممزقة، أراهم يستمتعون بالأحضان الدافئة التي كنت أشتاق إليها، يأكلون المعجنات الساخنة التي كان لعابي يسيل من أجلها. بينما كنت أحبس دموعي في غرفتي الصغيرة المظلمة، لم يكن هناك شيء يواسي وحدتي سوى صوت الحشرات في الخارج، بينما كان أخوتي يحظون بالأحضان في سرير والداي.

الكمد | JKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن