بين سبابةٍ و وسطى

2.8K 233 93
                                    

الى متى سأبقي يدي داخل هذا المعطف ؟؟ لقد جفت الدماء عليه و قد لا تزول ابداً عنه ..
اي دورة مياهٍ لا تحتوي الكاميرات لاغسل ما لطخت به يدي ؟؟
كيف اصبحت انانيةً افكر في نجاتي و لا افكر في الحياة التي ازهقتها ؟؟
لست كذلك ، لست بأنانية ، هو حاول ان يفعل ...
لو سمحت له بذلك ..  اشعر بالذنب .. 
لماذا يا ضميري ؟؟ لماذا تؤنبني و لا تهنئني بنجاتي؟؟ لربما نجوت من حياةٍ تملأها الثمالة و لكن كيف سأنجو من حياة الجرم هذه ؟؟
لم اعد فأراً بل ارتقيت لأصبح ذئباً يفر من نباح الكلاب المنبه للمزارع بقدومي ..

في احد تلك الازقة ذات البلاط الحجري اسندت ظهري على الحائط محملقةً بيدي المتشققة من الجراح بعد اخراجها من المعطف ، خيل الي انها مقيدةٌ بالاصفاد و ان سلاح الامن ينتظر ولوجي الى سياراتهم ..
و كان غناؤها بمثابة خلفيةٍ مشوقة تزيد من جمال الخيال و تعظمه ..

انزلقت عليه حتى امتثلت جالسة ، انزلقت و كل شيءٍ رائعٍ فيني يحتضر ، انزلقت للارض بينما الشمس سقطت مفجوعةً من السماء ، كيف سأعود للبيت الان ؟؟ هم لن يسمعوني و لكن لو علموا ماذا سيحل بي ؟؟

فآآهٍ تأوهت بها من ضيقٍ حرجٍ في صدري ، و اتبعتها بآهٍ كالنار اخمدت مشاعري ، و تلتها آهٌ راثيةٌ على حالي ، و تأخرتها آهٌ لاتأوه بأخرى ..
ادرك بأني بكاءه و قد لا اتوقف عن البكاء احياناً ، ادرك بأن هذه اللحظة من اعظم لحظاتي فقد غسلت دموعي ما اعتلى صدري من خرق ، و من شدة فيضها ظننت بأن لا ماء سيبقى لي في جسدي ..

دخلت الى ذاك الزقاق و الشمس بالحزن تركت مكانها ، لتبادل القمر موقعها و يشهد فعلتي ، و النور غاب بناسها و حل الليل بوحشته ، و انا بخوف السجن قد قيدت نفسي و خبأتها ، و لكن وجب علي التحرك لمكانٍ ما ..
لا اريد ان اسهر ليلي اهرب منهم ، لن يكون سهلاً رؤيتهم وسط مسرح الظلمة هذا ..

فخرجت مخبأةً يدي الملطخة بدليل جرمي ، اندس هنا و اختبأ هناك ، انا تائهة و لا اعرف اين انا ، بلا مال و لا اثبات لهويتي ..
لاول مرةٍ في حياتي ارى الحدائق بهذه الظلمة ، و الزحام على الاسواق ، بدوت كالمتشردين بل كمن اعلن زوجها الطلاق بعد ان فضل زوجته الثانية عليها ..

لا احد يعرفني هنا ، لا احد غير ذاك الصوت الغاضب المنادي لي : ميسون !!
أيعقل بأن هذا ابي ؟؟
التفت فإذا ... بالطبيب يقف في نهاية الرصيف ، ناداني بصوته : تعالي يا ميسون ..
فركضت اليه و على صدره ارسلت يدي ، شددت قبضتي على قميصه و نحبت نحيباً بح معه صوتي ، بكيت بكاءاً اشد من بكاء الرضيع الجائع ، على صدره ..

لكنه مالبث حتى دفع جسمي بعيداً و غضبه يسرق منه ملامحه الوسيمة ، مشيراً بإصبعه الى سيارته التي قادني اليها و انطلق بي الى بيتٍ هو الاخر خالٍ ليس به احد ..

من صقيع الخوف تُروى حكايةWhere stories live. Discover now