~: من دون قصد :~

2.3K 191 39
                                    

الثانية صباحاً ..

لم يكن التوقيت مهماً آنذاك ، لم يكن مهماً عندما اسدلت ستار نافذة الشرفة خشية رؤية ظلٍّ جديد ..
تذكرت حديد المطرقة و صوت سحقها العظام ، استشعرت الالم من صراخه و نظراته المبعوثة اثناء تحطيمه ، ضممت الذراعين احاول ان اركز في شيءٍ معين للتفكير ..
لا ادري من اي نقطةٍ ابدأ ، لا ادري من عند اي ذكرى اعود ..

كان مجرد تذكارٍ حجري ، بالنسبة لي كان بئراً اقذف فيها بمخالجات صدري المتزاحمة ، ثم تطور الامر الى خاتم و احلام ، ثم الى تهديد من البنات و عين تراقب ..
تحجمت الامور حتى رأيته لاول مرة يعبث بالمفتاح ، و تفاقمت ليداهمني في الاحلام ، ثم يستولي على حياتي برسالة و دمية ..
غزو الرصاصي و الزاحف بيتي كان من المضاعفات ، هروبي من المدرسة و البيت ايضاً كذلك ..
و الان انا هنا ..

امام هذا الستار الحاجب عني الظلام و النور ..
انعطفت راغبةً في الجلوس ، و دون ان اكمل الاستدارة توقفت ..  بكل عجب و ذهول حملقت بالمرآة مبصرةً انعكاسه جالساً على السرير ، من يسكن القبو ، من ضرب يدي !!!
نبضي الذي تجمد من شدة الشهيق منتفخاً آذاني ، حركة رأسي البطيئة المحاولة ابصاره زادته انتفاخاً و ايذاءاً ، و حين وقعت العين على مجلسه رأيتها بشعرها الكثيف ترمقني بعينها السوداء  ..
قالت : ألا تفكرين في الموت ؟؟
اومأت بالنفي بينما أرجعت البؤبؤ الى الزجاج العاكس ، لماذا في الانعكاس هو اسود طويل و عند النظر الى المعكوس أراها هي ؟؟
قالت : أنا أريد موتك ، لكنه لن يرحمني ..
اعدت عيني عليها مبتلعةً الريق المتكدس كالحجر ، ما أتمناه هو استجماع قوة عضلة اللسان و الرد عليها ، و لكن الأماني أماني ..

نهضت و اقتربت إلي ، كذلك الإنعكاس فعل !!
" هل هما .. واحد ؟؟ " تلجلجت في باطني ..
اقتربت بقولها : انا ..  أريد ..  موتك !!
فإذا بطرقٍ عنيفٍ على الباب أفزعنا !! و اصوات صراخ و صفيرٌ طفيف يبرز ؟!
إلتفت كلانا إليه ، و على حركاتها تحرك من في المرآة !!
فركضت إليه و عند فتحه أمرتني بـ : إلزمي مكانك حتى أعود  ..
و خرجت ..

نظرت للمرآة ..  لا احد !!
تأملتها ..  لا أحد ..
سرت دون إقلاع العين عنها ..  كذلك لا أحد !!!
ببضع خطوات تقدمت الى الباب ، استكنت أمامه اتأمل الأصوات خلفه ..
ضرب ؟ صراخ ؟ عراك ؟ حرب ؟
التفت الى النافذة " هل سيظ .. " !!!
تبعثرت أفكاري عندما رأيت إنعكاسه الضبايي في الزجاج العاكس !! و إندثرت الحواس معه !!

لم أسمع صراخاً غير صوتي عندما فتحت المقبض ، لم أدرك صور أجسادهم الضبابية و القزمية المتطايرة حولي أثناء الركض ، لا أدري ما جعلني أعدو إلى ذاك الممر المظلم ، كيف ولجت فيه و بلغت الغرفة ، كيف دخلت و صياحها العالي الناهي سيّل الدم من أذني ، أغلقت الباب و أوصدته ، تراجعت و لهث السعي قد حشا الرئة بالهواء و أفرغها ..

من صقيع الخوف تُروى حكايةWhere stories live. Discover now