Ch " 28 " سائق مجنون

2.5K 282 67
                                    


أخفى جمال جسده جيداً بين الشجيرات الصغيرة في تلك الحديقه العامة - الكبيرة والواسعة - وإلى جواره استقر عامر والذي أخذ ينظر بإمعان لشاشة ساعته السوداء التي أشارت للتاسعة مساءاً قبل أن يقول ببرود:
_لقد مر ربع ساعة على الوقت الذي حددناه له أتظنه سيأتي.

أدار جمال بصره يمنةً ويسرة في أرجاء الحديقة قبل أن يقول بشك:
_لا أعلم... ولكن لدي أحساس كبير بأنه سيأتي.

حملت لهجة جمال شيء من الحزن أثار استغراب عامر الذي دقق النظر فيه لحظه قال بعدها بهدوء:
_ما بك ؟ تبدو متضايقاً !!

أطلق جمال زفرة حارة خرجت من أعمق أعماق صدره قبل أن يجيبه بمزيج من الحزن والانزعاج:
_ لولا أن مصعب هو من أخبرني عن غسان ما كُنتُ لأُصدق أبداً .. لقد بدا لي شخص مسالم ووديع ولكن ماقاله مصعب ومعاذ يناقض ذلك تماماً أنه يحمل داخله شخص آخر حاقد يتأجج داخله مزيج من الأنتقام والثأر رغم أن من يجب أن يحقد هو مصعب وليس هو ... ولكن في كل الأحوال رغم ثقتي الكبيرة بمصعب أرغب في أن أرى تلك الشخصية بعيناي حتى تطمئن نفسي تماماً...فأنه...فأنه..

صمت جمال لحظه مرت كدهر بالنسبةِ لعامر قبل أن يقطعها جمال بقوله بصوت خافت:
_فأنه لا أصعب عليك من أن تؤذي صديق.

ربت عامر على كتفه برفق وابتسم ابتسامة عذبه نبعت من قلبه، وهو يقول بصوت حمل خبرته الوحيدة:
_أنا أيضاً صُدمتُ في همام ولولا أن من أخبرني كان أبي لم أكن لأصدق ذلك أطلاقاً.

أبتسم جمال بدوره، وقال بصوت عميق:
_نعم..أن الدنيا تُخبأ داخلها الكثير من المفاجأت.

ران على المكان صمت مهيب بعد عبارة جمال تلك وعيونهم مركزة على مدخل الحديقه العامه ومضى أكثر من عشر دقائق دون أن يرو شخص واحد يتقدم داخلها في ذلك الجو البارد...

تململ جمال في موقعه بضع دقائق قال بعدها بنبرة يأس كبيرة:
_لقد سئمت...أرى أن ثقتي كانت مفرطه...علينا الذهاب بأنفسنا لمنزله وإلا لــ ...

أخرس جمال يد عامر التي قبضت بقوة على معصمه فرفع بصره إليه ليرى عينيه المركزة على نقطة ما فرمى ببصره بدوره إلى تلك النقطه فرأى شخص ما كان يعبر من مدخل الحديقه لم يُميّز ملامحه من ذلك البعد ولكن ما أن أقترب من البقعه المضيئة حتى تبين له أن غسان فهمس بحذر:
_لقد جاء. 

كان غسان يمشي داخل الحديقه بهدوء حذر، وهو يدس كفيه داخل جيوب سترته، ويتلفت بشكل مُلفت يمنةً ويسرة وكأنه يبحث عن شخص ما وقد برقت عيناه ببريق تحدي كبير خالطه حقده.

قفز معاذ من فوق الأرجوحه التي كان يجلس فوقها، واتجه نحو غسان قائلا بصوت عالي لا يشوبه أي خوف:
_أنا هنا.

قفز شعور كبير من الذهول إلى وجه غسان بعد سماعه لصوت طفولي خلفه فاستدار بحده نحو معاذ، وما أن رآه حتى اتسعت عيناه على أخرها وهو يهمس بشبه صدمه:
_معاذ.

" أول صديق 2 " مكتملـــةWhere stories live. Discover now