جزء ثاني - خطة بديلة

7.5K 505 78
                                    

أمسك قيس وجهي بيديه ثم ابعد وجهي عنه، ونظر إلي بعينين قاتمتين وكأن الظلام قد استولى على عينيه العسليتين.

"عودي للمنزل" قالها وقد ابتعد ماشياً ولكنني امسكت بذراعه وبدأت اذرف الدموع.

"كيف يا قيس؟ كيف يمكنك ان تنسى؟" صرخت وانا لا استطيع ايجاد الكلمات المناسبة. "لا املك في هذا العالم غيرك...لا عائلة..ولا اصدقاء...لا املك سواك ولن اخسرك" تركت ذراعه وانا اتراجع باكية واحاول تمالك نفسي.
لحظة صمت ثقيلة مرت، تلك اللحظة التي حملت الكثير من الكلمات، التفت قيس ونظر نحوي بنظرة تحمل الاسئلة والخوف، ثم اكمل مشيه مبتعداً.

تلك اللحظة رغم قساوتها الا انها اشعلت بصيص الامل، بقي صامتاً والصمت احياناً يحمل كلاماً اكثر من الحديث، لحظة صمت اظهرت لي تردد قيس، تساؤله ولم احتج سوا الى هذا التساؤل.

----------- ------------------------------------------

عدت للحفل بخطة جديدة، وقد مسحت أثار الدموع ووضعت مساحيق التجميل مجدداً، لا اعرف ان كانت خطتي خطة مجنونة وسيئة او خطة عبقرية، وان كان جنوني ما دفعني الى هذه الخطة او يأسي، ولكنني قررت اتباع حدسي، ذلك الحدس الذي يخيفهم ويرغبون في اخماده بأية سبل ولذلك لعل المشاعر والاحاسيس، الشغف والغضب، الحدس والشك هم اسلحتي السرية ضدهم.

وجدت رئيس الاقطاعية، السيد ريك، وابتسمت نحوه ابتسامة شدت انتباهه، ابتسم رئيس الاقطاعية واقتربتُ منه.
"سيد ريك...ليتني استطعت قراءة كتابك...سمعت الكثيرين يمدحون الكتاب"

يبتسم الرئيس "سأرسل لكِ نسخة خاصة" ، ضحكت ضحكة مزيفة، وتعجب ريك الذي بدا معجباً بالضحكة.
"وعندما انهي الكتاب...عدني ان تزورني انت" احمر وجه الرئيس وأومأ سعيداً.

توجهت من بعد ذلك نحو الطبيب وانا اشعر بنظرات الرئيس ريك تتبعني.
"دكتور...انا اشعر بتوعك غريب...قلق لا اعرف مصدره..اريد التحدث مع احد"
ترك الطبيب الضيوف الذي كان يقف معهم على الفور والفضول يجتاحه واقترب مني.

"اي نوع من القلق؟" قالها الطبيب الذي يبدو مهتماً حقاً، وبدأت بتأليف حالة اعلم بانها ستثير قلقه هو.

"قلق بأنني سأموت دون سبب وقلق بأن الاله قد يكون مستاءاً من افعالي...واشعر بقلق بأنني لن احب مجدداً واشعر بأن قلبي يتكسر من الالم" بدأت الفق كذبة واضع كل المشاعر في جملتي، هذه الكلمات البعيدة عن المعتقد الكوني هي اكثر ما قد يخيف الطبيب، الغرام، الحزن، الخوف من الاله، الخوف من الغيب، وهكذا، وبدأت أثرثر في كل ما هو ممنوع.

استمع الطبيب ملياً وأومأ وهو ينظر الى عيني اللتين لا يستطيع فهمهما. للحظة شعرت بغبطة لم اشعر بها منذ أزل، جمالي شد رئيس الاقطاعية وروحي شدت الطبيب، هنا أدركت بأنني اقوى مما ظننت، أدركت بأنني لست بضحية كما كنت اعتقد، روحي التي يخشونها ويحاولون سحقها هي سلاحي الوحيد ضدهم.

عندما شهدتُ مقتل أبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن