00:31

37.6K 2.9K 739
                                    

«هل أنت بخير الآن فروي؟»
لكنه لا يبدو كذلك، الأمر غريب. غريب أن يدمره عناق، وهذا يرينا كم أن الإنسان هش، قد يعزل نفسه عاطفيا لمدة قرون ولكن لمسة دافئة واحدة تزعزعه وتسقط دفاعاته الصلبة، ثم تدخله في دوامات لا نهاية لها.

كل ما أعرفه حاليا أنه يرسم تعابير التفاجؤ، البرود، الحيرة والجنون. لديه رُهاب من التلامس لأنه يولد بداخله شعورا غريبا لا يفهمه فيخيفه مما يجعله يولد رد فعل عنيفة. هو لا يفهم معنى المشاعر، لا يحب ولا يكره. يتعامل مع الأمور حوله بمنظور جامد ولن يستوعبها ما لم يجرب كل شيء يجهله.

في الأصل تربى على القتل والوفاء دون تفاصيل أخرى وبالطبع سيبدو له الأمر مريبا وغريبا.

هو يراقبني ويراني، بثيابي، شبه عارية، لربما عارية ولكن لن يتحرك؛ وهنا تكمن النقطة. أنه ليس مثل بقية الرجال، لا يمتلك نفس التركيبة أو حتى الشهوات. هو لن يفهم أني امرأة حتى، ولكن يمكن أن أكون له عناقا.

بعيدا عن القذارة والدماء، يمكن أن أكون جناحا يغطيه الريش الناعم الذي حتى لو لمس روحا مشوهة سيريحها.
لكن كيف لصبارةٍ أن تكون ناعمة؟

ولكن أول شيء علي فعله هو نزع آثار قبلة تلك الفتاة من خده، من الغريب أنها تتعدى على مساحة صبارة ولا تهتم بشوكها!

مددت يدي نحو خده الأيمن بحذر شديد لأنني لاحظت أن بؤبؤ عيناه قد ضاق عندما لاحظ أنني على وشك لمسه، مررت أصابعي عليه ضاغطة بلطف حتى أزيل قذارةً رسمتها كريستال بشفتيها هناك، أثر أحمر شفاهها. حركتها للأعلى نحو شعره المبعثر، أقحمتها عميقا واستمتعت بملمسه الناعم كالفرو. وقد كان يغمض عينيه باستمتاع بالمقابل ولكنه تمالك نفسه ما إن أحس بانجرافه قليلا عن الواقع، من ثم هو رمقني بنظرات خاوية معتادة منه.

إنه طفل كبير، ملاك الدماء، خلطة عجيبة.
كورت قبضتي حول شعره وسحبته ببطء نحوي، أنظر عن كثب وأراقب كالنسر الذي سينقض على فريسته الطازجة.

أنا لا أقدر على كبح جماحي لأفعل به الكثير من أشياء سيئة التي تقبع داخل مخيلتي، هناك شيء يدور حوله أريد أن أحصل علي. يعجبني بشدة كيف له أن يكون بهذا الجنون، التناقض، الشفافية والظلام. يبدو أننا سنتوافق، لكنه نقي رغم سوداويته وأنا تالفة لدرجة أنني قد أحطمه بمزحة ولن أندم.

ضحكتُ بعلوٍ وأنا أفلتُه، أتجه نحو ثلاجتي وأخرج الطبق الوحيد المفضل عندي والذي أجيده حفاظا على ذكرى والدتي الدافئة ثم أدخلته المايكرويف منتظرة أين يسخن ومراقبة إياه بشرودٍ.

فروي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن