الفصل السابع || عائلة جَديدة

31.2K 2K 387
                                    



• أندرسون •
• مملكة الذئاب •


بُقعٌ سوداء مُتناثِرة في كُلّ مَكان، ظلامٌ قاتم يخيّم في الأرجاء، يَخترقه ضوءٌ أحمر قانٍ، يجعل المَكان يَبث الرعب في النفوس، يشعرك بالوحدة والخوف، لا يَكادُ يسمع شيء في هذا المَكان الموحش، الكُل مرتَعب ولا يَقوى على الحَديث.
 
صَوت هدير عالٍ رنّ في أرجاء المَكان، جعلهم يَنكمشون على أنفسِهم طالبين الحماية من الوحش أمامهم.
 
«كيف؟ متى عادت؟ وكيف ذلك؟»، صَرخت بصوتٍ قبيحٍ وعالٍ حتى تَجعّد وجهها وصار قبيحًا رَغمَ جمالها، هي غاضبة حدّ الجَحيم تريد جواب سؤالها سَريعًا، وقد جُنت عندما لم يُقابلها شيء سوى رائحة الخَوف والهدوء ممتَزَجة بملامح الخوف والفَزَع.
 
وكيف لا يفزعون وَهم يرون شعرها أو بالأصح الثعابين على رأسها تتَلوى برشاقة وببطء وملامحها المرعبة مع عينيها الصفراوين؟
 
جالت بِعينيها لعل أحدًا يتقدم وينطق ما تُريد سَماعه، وعندما لم تَجد صرخت بصوتٍ أقوى وأعلى مِن سابِقه: «أريد جوابًا الآن!».
 
جُنّ جنونها بعد أن رأت أحد الغيلان القَزَمة أمامها يتَقَدم ببطء يَستفزها، وساقاه تصدران صَوتًا شَوّه هدوء المكان عند سكوتها.
 
«أسرع»، كتفت يَديها أمام صدرها بغضب آمرة بصوتٍ مغرور ومقزز يكاد يميت المسكين خوفًا، جميع حواسه وغرائزه كانت تُنذره بالخَطر، وألا يَقترب منها، لكنه لا يستَطيع سوى الانصياع لها.
 
«ألم تَقتلوها؟»، سألت.
 
ارتعدت ملامحه خوفًا فأجاب بصوته الخشن الغليظ بتقطع: «سيدتي ميدوسا، لقد قَتلناها بالفعل قبلَ سنواتٍ طويلة، لكن كما أخبرناكِ شَجرة الغابة سحبتها إلى الأَسفل، الضَربة قوية جدًا ونحن واثقون أنها ماتت...لكن...».
 
زادَ الوضع سوءًا بكلامه، فصرخت به بكل قوتها، لدرجة أنّ بَعض الغيلان أغمي عليها خوفًا.
 
«تحدث بسرعة وثبات وإلا أرسلتكَ إلى الكلاب لتنهش لَحمك»، ما إن سَمعها حتى ارتعد جَسده مِن جنونها، حاول المسكين أن يتحدث بَثبات وكانَ يَلعن حَظه أنه عمل تَحتَ خدمتها.
 
«سيدتي، أنا متأكد أننا قتلناها بالفعل، ولكن تبين أنها لم تَمت لأن شجرة أندرسون التي هي أساس حياة غابة أوكيغا، بطَريقة ما مرتبِطة بها روحيًا، ولقد أحسَسنا بعودتها عندما ظَهرت، قوتها انتشرت بشدة وهلة من الزمن، وبعدئذٍ اختفت بشكل كامل، وهذا ما منعنا من العثور عليها، ففي لمح البَصر ذهبت وكأنّها لَم تكن موجودة.»
 
صَمتَ يناظر سيدته ويحاول قراءة ملامحها التي بدأت تنكمش، ولكن لمَ؟
 
تَجاهل أمر ملاحها وكذلك شعور القَلق داخله وتحدث: «أمّا متى استيقظت وَظَهرت فَقَد حدثَ ذلك منذ شهرين تقريبًا».
 
فَزع من منظرها أمامه، ثعابين رأسها كانت مُستَقيمة تضارب بعضها بجنون، عيناها زادت مِن اصفرارها وأصبحت مُتوهجة، وأنيابها أصبحت أطول، وبشرتها غزاها جلد أفعى، فعلم أنّها نهايته.
 
«بسبب غبائكم الشديد خَسرت القوة، وسأخسر المَعركة ضدها إن اكتَشَفت كل شيء، وبالأخص إذا وقعت بين يدي ذلك الملك دانيال، والأهم من ذلك إذا اكتشفت حقيقتها ومن يكون أوليڤر»، مع كل كلمة تَقولها تَخرج النَبرة عالية وجهورية أكثر، كأنها نبرة رَجل، وبكل كلمة تَقترب من هذا المِسكين الذي تَكاد روحهُ تغادره.
 
«سيد...»، في لَحظة لَم يتوقعها فُصِلَ رأسه عَن جسده قبل أن يكمل كلمته، وتناثر دمهُ الأسود في أرجاء القَصر المُظلم.
 
«سيدتي ميدوسا، أرجو أن تتحَكمي بَنفسكِ، الجميع خائف من مظهركِ وأيضًا أنتِ لن تَصلي إلى غايتك بهذا الشَكل»، صوتٌ هادئ لا يحمل أيّ ذرة خوفٍ أو قَلقٍ، يا لشجاعة صاحب الصوت.
 
«معكَ حقّ عزيزي، يجب أن أهدأ وأخطط جيدًا للقضاء على تلكَ الأندرسون، حتى لو عَلمت الحقيقة سأقضي عليها كما فعلت مع عائلتها»،  غلب الشَر على نبرتها، وكانَ الحقد ينال منها شيئًا فشيئًا، تظن أنها ستنجح في النهاية، فهل سيحدث ذلك؟

أنـدِرسـون حيث تعيش القصص. اكتشف الآن